ووفقاً لخارطة الانتشار العسكري ثمّة أكثر من 50 ألف مقاتل من القوات والتشكيلات النظامية وشبه النظامية والمليشيات يتقدّمون بحذر نحو الموصل من سبعة محاور، ويجتمعون تحت غرفة عمليات مشتركة، بعضوية ضباط من الجيش العراقي وقوات "البشمركة" ومستشارين أميركيين.
وتتميز معركة الموصل، منذ اليوم الأول، بالكثافة النارية المفرطة من قبل القوات المهاجمة قبل التقدم لأية منطقة، مستغلةً، بذلك، وفرة الذخيرة المتوفّرة لديها، والتي حصل عليها العراق مؤخراً كمساعدات من عدة دول، أبرزها الولايات المتحدة وإيران وروسيا.
ويقدّر ضابط عراقي رفيع في غرفة عمليات تحرير الموصل استهلاك نحو ربع مليون طلقة ناريّة مع غروب شمس الثلاثاء، غالبيتها لأسلحة رشاشة متوسطة وخفيفة، فيما تمّ استهلاك أكثر من 1000 قذيفة هاون، و400 صاروخ أرض ـ أرض غالبيتها من طراز "غراد"، مبيناً أن الأرقام مقدّرة وفقاً لبيانات التجهيز لمخازن الجيش المهيّأة قبل المعركة.
فضلاً عن ذلك، بلغ معدل الطلعات الجوية فوق الموصل وضواحيها 120 طلعة، تقريباً، لقوات التحالف، إلى جانب 21 طلعة لسلاح الجوّ العراقي.
ويقول العقيد عبد اللطيف الجبوري، من الفرقة الخامسة عشرة بالجيش العراقي، لـ"العربي الجديد" إن "كثافة النيران أحد الأمور التي تتميز بها هذه المعركة".
ويضيف: "بالتأكيد لن تكون تلك الكثافة موجودة مع الاقتراب من المدينة، بسبب المدنيين، لكن تم استخدام هذه الوفرة النارية في مناطق زراعية وقرى خالية من السكان، وحققنا نجاحاً سريعاً، وتمكنّا من تقليل الخسائر البشرية في صفوف الجيش بشكل كبير.
وتشمل خارطة القوّات المهاجمة كلّاً من الجيش العراقي، والذي يبلغ تعداد عناصره 22 ألف جندي من مختلف التشكيلات، فضلاً عن الشرطة الاتحادية، المشارِكة بـ4 آلاف عنصر، وجهاز مكافحة الإرهاب بـ2500 عنصر، وقوات "البشمركة"، وقوامها 11 ألف مقاتل، و"الحشد الشعبي" بواقع 8 آلاف مقاتل، فيما يشارك أبناء العشائر العربية بـ3 آلاف مقاتل، ومليشيا "بابليون" المسيحية بـ100 مقاتل، ومليشيا "الضياغم" (عشيرة شمر) بـ800 مقاتل، بينما يبلغ تعداد القوات أميركية 560 بين جندي ومستشار، إلى جانب 140 جندياً من عدة جنسيات يشاركون ضمن باقي قوات التحالف.
في المقابل، يتّخذ تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) المتحصن داخل المدينة وضواحيها خطوطاً دفاعية كثيرة ومعقدة، يمكن إجمالها بأربعة خطوط رئيسيّة هي:
1- حقول الألغام، وتعتبر خطّ الدفاع الأول، إذ تقدّر بأكثر من 80 حقلاً، بعضها نما عليه العشب، أو اختفت أي إشارات قد تدلّ عليه، حيث جهّزت تلك الحقول منذ خريف العام الماضي، وتتخذ شكل دائرة تحيط بالموصل على مدى 30 كم.
2- في الخطّ الثاني يتواجد القناصة والانتحاريون، إذ يقدّر عدد القناصة بنحو 300 قناص، يستخدم غالبيتهم أسلحة قنص حديثة ومتطورة حصل عليها التنظيم من مخازن الجيش العراقي والسوري في المدن التي سيطر عليها، وهي أميركية وروسية، فيما يقدّر عدد الانتحاريين في هذا الخط بأكثر من 500 مقاتل، غالبيتهم من جنسيات غير عراقية.
3- في الخطّ الثالث يوجد من يطلق عليهم التنظيم "جنود الخلافة"، وهم يشكّلون قوام جيش التنظيم، ويعتقد أنهم الحلقة الأصعب، أو الخط الأساسي الذي قد يمثّل آخر فصول المعركة.
4- وخلف المقاتلين الأساسيين للتنظيم، تنتشر كتائب الانغماسين في خطّ الدفاع الرابع، وستكون مهمّة هذه الكتائب، في حال انهيار الخط الثالث، الاشتباك على طريقة حرب الشوارع، ثم تنفيذ عمليات انتحارية بأحزمة ناسفة أو سيارات مفخخة.
وإجمالاً، يبلغ مجموع مقاتلي التنظيم، بحسب تقديرات من مصادر مقرّبة، ما بين ستة آلاف إلى ستة آلاف وخمسمئة مقاتل، يشكّل العرب والأجانب نحو 20% منهم، بينما يشكّل العراقيون والسوريون نحو 80%، فيما يمثّل الانغماسيون والانتحاريون أكثر من 30% من المجموع الكلي لمقاتلي التنظيم، ما يؤشر إلى نيته الواضحة بتحويل القتال إلى معركة استنزاف طويلة، يسعى، من خلالها، لتكرار تجربة معركة الفلوجة، والتي استهلكت من الجيش والمليشيات أكثر من 7 آلاف قتيل وجريح قبل اقتحامها.
مقابل ذلك، قطع التنظيم جميع الجسور والطرق المؤدية إلى المدينة، ونصب الفخاخ والعبوات الناسفة، وأنشأ خطاً عريضاً وواسعاً من حقول الألغام على مشارف أحيائها السكنية، وجهّز خنادق النفط الأسود للإشعال متى ما أراد، إذ نقل كميات ضخمة من النفط من آبار البعاج، الشهر الماضي، لهذا الغرض.
ويملك التنظيم تشكيلة من الأسلحة الحديثة الثقيلة والمتوسطة، أبرزها دبابات أبرامز أميركية (نحو 10 دبابات)، ودبابات "تي 72" الروسية (نحو 50)، وعربات "هامر" الأميركية (100 إلى 200 عربة)، وعربات "هامفي" الأميركية (نحو 30)، إضافة إلى مئات المدافع، وعشرات المنصات لصواريخ أرض ــ أرض.
بالتوازي مع ذلك، يمتلك التنظيم أسلحة دفاعيّة مضادّة للطيران والدروع، وتشمل مضادات أرضية للطيران، ومدافع ميدان عيار 120 ملم، وصواريخ "ستريلا"، وصواريخ "كورنيت"، وأخرى حرارية، فضلاً عن كميات كبيرة من القاذفات المحمولة على الكتف.
وفي ما يتعلق بالذخيرة، فمن المؤكد أن التنظيم غير قلق بشأنها، بسبب استمرار التواصل بين المدينة والمحيط السوري القريب الذي يخضع لها.