03 نوفمبر 2024
معركة الجنوب السوري
حذّرت الولايات المتحدة مجدّداً نظامَ الأسد وروسيا من انتهاك مناطق خفض التصعيد المتفق عليها في الجنوب. ليس هذا التحذير الأول من نوعه، لكنه عاد وتردّد على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت. جاء التحذير الذي سبقه حين ظهرت تحركات لقوات النظام على مشارف المنطقة الجنوبية، سبقها إلقاء منشوراتٍ تتوعد الفصائل الجنوبية قبل حوالي شهر. تلك المقدمات الهجومية توقفت حينها، لكن القطعات المحتشدة في المنطقة لم تترك مواقعها في الجنوب، بل جرى تعزيزها، واسْتُقْدِمَ قادةٌ من "نجوم" جيش النظام، ليقودوا الهجوم المنتظر.
يأتي التحذير الجديد بعد قصف مدفعي كثيف من قوات النظام، وبدء تحرّك موجة جديدة من النازحين نحو الحدود الأردنية، وكان بشار الأسد قد أكّد، في مقابلتين تلفزيونيتين، أنه عازم على بسط سيطرة جيشه على كل سورية مرة أخرى، جاءت تصريحاته بعد أن استعاد مناطق محيط دمشق وريف حمص وحماة، ويبدو أنه قرّر استكمال الاستعادة بالاتجاه نحو معركة الجنوب التي بدأها بالفعل قبل شهر، لكنها توقفت.
لم يتوقف الهجوم الحقيقي بعد، وما تقوم به قوات النظام من قصفٍ مدفعي، مع أنه في منتهى العنف، مجرّد اختبار جديد لمعرفة ردّات فعل الجهات المنخرطة في الجنوب، أي إسرائيل والأردن. لم يكن التحذير الذي جاء من الولايات المتحدة مطابقاً للتحذير الأميركي السابق، فقد حُذفت منه عبارة "سنتخذ إجراءات صارمة"، وبقيت منه جملة عائمة ومموهة، لا يُفهم منها الكثير، تقول: "إن الهجوم سيجر تداعيات خطيرة".
يبدو الغرق في هذا التحليل اللفظي ضرورياً لاستقراء الخطوة التالية التي يمكن أن تقوم بها الأطراف، خصوصا النظام، فهو تلقى التحذير وقرأه محللوه بإمعان. ومع ذلك، لا يزال القصف المدفعي التمهيدي مستمراً، ولو أنه لم يتطوّر إلى تحرّكات محسوسة على الأرض، وقد يستمر القصف، ريثما تصدر الإشارة التالية، أو ليتسنّى للطرف الروسي أن يردّ على ذاك التحذير، أو أن يتكشف شيءٌ عن الموقف الإسرائيلي.
يمكن القراءة من السيناريو الذي تتحرّك فيه الأحداث بأن هناك اتفاقاً على دخول قوات نظامية إلى الجنوب، وليس لدى إسرائيل مانع من مشاهدة جيش الأسد مرة أخرى على مقربةٍ من مرتفعات الجولان. ولكن لا يبدو أن الترتيبات النهائية لهذا الدخول قد حسمت، فالتصريح الروسي، قبيل الهجوم السابق، بوجوب خروج جميع القوات الأجنبية من سورية لم يلقَ عناية كافية من أيٍّ من القوات التي يعنيها، وخصوصا الإيرانية، والحديث يدور عن ابتعاد القوات التي تدعمها إيران مسافةً كبيرة عن الحدود "الإسرائيلية"، ويبدو الهجوم الذي وقع على مليشيات عراقية في أقصى الشرق السوري تحذيراً مقروءاً بسهولة، فإسرائيل، ومن خلفها أميركا، لا تريد أن تشاهد قواتٍ تابعةً لإيران في المنطقة، ولو ذهبت إلى أقصى مدى. وقد أدت خطوط إسرائيل الحمراء قبل أيام إلى قصف ذي عمق بعيد ومؤثر، فقد نقلت التقارير أن عدد قتلى المليشيات العراقية تجاوز الخمسين. أما الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المؤمن بوجهة النظر الإسرائيلية، فقد كان قد انسحب من الاتفاق مع إيران بشأن ملفها النووي، وفي الوقت نفسه، ذهب شخصياً إلى عقد اتفاق مشابه مع كوريا الشمالية، وهي رسالةٌ ذات تأثير قوي، تحمل معاني جدّية وخطورة عالية، وحذف عبارة "اتخاذ إجراءات صارمة" من التحذير الأميركي يعني أن هناك بعض الوقت لتتراجع إيران، ومَنْ تدعمهم عن الحدود "الإسرائيلية".
لا عزاء للجنوبيين الذي حملوا على عواتقهم همَّ إشعال ثورةٍ عمّت كل التراب السوري، فالهجوم قادم، وبكل حقد المدافع والصواريخ الروسية، وهم محكومون بالنزوح. ومن هنا، قد تبدأ الخطورة، فالوجهة هي الأردن الذي يعاني من أزماته الاقتصادية، وربما ومن قبيل المفارقة أن رغبة الأردن بفتح حدوده وإنعاش تجارته كانت من أسباب السماح الأردني لجيش النظام بالهجوم.
يأتي التحذير الجديد بعد قصف مدفعي كثيف من قوات النظام، وبدء تحرّك موجة جديدة من النازحين نحو الحدود الأردنية، وكان بشار الأسد قد أكّد، في مقابلتين تلفزيونيتين، أنه عازم على بسط سيطرة جيشه على كل سورية مرة أخرى، جاءت تصريحاته بعد أن استعاد مناطق محيط دمشق وريف حمص وحماة، ويبدو أنه قرّر استكمال الاستعادة بالاتجاه نحو معركة الجنوب التي بدأها بالفعل قبل شهر، لكنها توقفت.
لم يتوقف الهجوم الحقيقي بعد، وما تقوم به قوات النظام من قصفٍ مدفعي، مع أنه في منتهى العنف، مجرّد اختبار جديد لمعرفة ردّات فعل الجهات المنخرطة في الجنوب، أي إسرائيل والأردن. لم يكن التحذير الذي جاء من الولايات المتحدة مطابقاً للتحذير الأميركي السابق، فقد حُذفت منه عبارة "سنتخذ إجراءات صارمة"، وبقيت منه جملة عائمة ومموهة، لا يُفهم منها الكثير، تقول: "إن الهجوم سيجر تداعيات خطيرة".
يبدو الغرق في هذا التحليل اللفظي ضرورياً لاستقراء الخطوة التالية التي يمكن أن تقوم بها الأطراف، خصوصا النظام، فهو تلقى التحذير وقرأه محللوه بإمعان. ومع ذلك، لا يزال القصف المدفعي التمهيدي مستمراً، ولو أنه لم يتطوّر إلى تحرّكات محسوسة على الأرض، وقد يستمر القصف، ريثما تصدر الإشارة التالية، أو ليتسنّى للطرف الروسي أن يردّ على ذاك التحذير، أو أن يتكشف شيءٌ عن الموقف الإسرائيلي.
يمكن القراءة من السيناريو الذي تتحرّك فيه الأحداث بأن هناك اتفاقاً على دخول قوات نظامية إلى الجنوب، وليس لدى إسرائيل مانع من مشاهدة جيش الأسد مرة أخرى على مقربةٍ من مرتفعات الجولان. ولكن لا يبدو أن الترتيبات النهائية لهذا الدخول قد حسمت، فالتصريح الروسي، قبيل الهجوم السابق، بوجوب خروج جميع القوات الأجنبية من سورية لم يلقَ عناية كافية من أيٍّ من القوات التي يعنيها، وخصوصا الإيرانية، والحديث يدور عن ابتعاد القوات التي تدعمها إيران مسافةً كبيرة عن الحدود "الإسرائيلية"، ويبدو الهجوم الذي وقع على مليشيات عراقية في أقصى الشرق السوري تحذيراً مقروءاً بسهولة، فإسرائيل، ومن خلفها أميركا، لا تريد أن تشاهد قواتٍ تابعةً لإيران في المنطقة، ولو ذهبت إلى أقصى مدى. وقد أدت خطوط إسرائيل الحمراء قبل أيام إلى قصف ذي عمق بعيد ومؤثر، فقد نقلت التقارير أن عدد قتلى المليشيات العراقية تجاوز الخمسين. أما الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المؤمن بوجهة النظر الإسرائيلية، فقد كان قد انسحب من الاتفاق مع إيران بشأن ملفها النووي، وفي الوقت نفسه، ذهب شخصياً إلى عقد اتفاق مشابه مع كوريا الشمالية، وهي رسالةٌ ذات تأثير قوي، تحمل معاني جدّية وخطورة عالية، وحذف عبارة "اتخاذ إجراءات صارمة" من التحذير الأميركي يعني أن هناك بعض الوقت لتتراجع إيران، ومَنْ تدعمهم عن الحدود "الإسرائيلية".
لا عزاء للجنوبيين الذي حملوا على عواتقهم همَّ إشعال ثورةٍ عمّت كل التراب السوري، فالهجوم قادم، وبكل حقد المدافع والصواريخ الروسية، وهم محكومون بالنزوح. ومن هنا، قد تبدأ الخطورة، فالوجهة هي الأردن الذي يعاني من أزماته الاقتصادية، وربما ومن قبيل المفارقة أن رغبة الأردن بفتح حدوده وإنعاش تجارته كانت من أسباب السماح الأردني لجيش النظام بالهجوم.