مع بلوغ حراك الجزائر مرحلة الحسم، بعد دخول البلاد مرحلة انتقالية تحضيرية لانتخاب رئيس جديد بعد ثلاثة أشهرٍ، يتمسك الجزائريون بمطالب التغيير الشامل للاقتصاد، تطاول طبيعته وآلياته وفكّ ارتباطه بالريع والفساد، بموازاة تمسكهم بمطالب تغيير النظام السياسي وكسب المزيد من الحريات العامة.
وخلال المسيرة الثامنة الجمعة، رصدت "العربي الجديد" آراء الشباب المشارك في الحراك، ورؤيته لمستقبل الاقتصاد الجزائري، وكان هناك إجماع على ضرورة تحريك مياه القطاعات الإنتاجية والخدماتية.
حيث شددت المداخلات على ضرورة تحرير الاقتصاد الجزائري من التبعية النفطية، عبر تقوية القطاعات الاقتصادية المجمدة والمعطلة في الجزائر، التي بقيت مساهمتها في الناتج المحلي الخام ضئيلة إن لم تكن معدومة.
وتوضح جولة قامت بها "العربي الجديد" لاستصراح المعتصمين حول رؤيتهم لمستقبل اقتصادهم، أنه عند غالبية الشباب والشابات، لا يكتمل شعار "التغير" أو "ارحلوا كلكم" كعنوان للحراك، إذا لم تهبّ رياح التغيير على كل القطاعات.
اقــرأ أيضاً
ويتفق الجزائريون الذين تحدثوا لـ "العربي الجديد"، على أن ما بات يسمى منذ عقود من الزمن "اقتصاد النفط" هو جزء من المشاكل السياسية التي عاشتها البلاد، وكانت وراء تمديد عمر النظام "البوتفليقي"، الذي جعل من عائدات النفط مصدراً لشراء السلم الاجتماعي، من خلال دعم الأسعار وتقديم الإعانات السكنية، وغيرها من مظاهر "شراء رضا المواطن"، في مقابل غضّ النظر عن الفساد ووهن المنظومة الاقتصادية.
ويتفاعل هذا النقاش في ساحة البريد المركزي "القلب النابض" لحراك الجزائريين وسط العاصمة، حيث يلتقي كل يوم بدءاً من الخامسة مساءً مجموعة من الشباب، لتبادل الأفكار ومحاولة رسم مستقبل آخر للجزائر.
مستقبل لا يمكن أن يرى النور بمجرد استقالة عبد العزيز بوتفليقة وتعويضه باسم آخر وفق هؤلاء، وإنما بمتابعة المسيرة الطويلة في مطالبات التغيير، تشمل الاقتصاد كما السياسة والعدالة وقضايا المجتمع.
رفض الاقتصاد الريعي
يقول الشاب محمد، وهو طالب في جامعة "باب الزوار" وتخصص في الهندسة الصناعية، إن "اقتصاد الريع هو الذي جعل البلاد تتأخر كما أنه زاد من نسب الفساد، فكل ما فعله النظام البوتفليقي من مخالفات وقبله كل الأنظمة، كان من أموال النفط. وكل مشاكل البلاد الاجتماعية والاقتصادية تم حلّها بأموال النفط، من دون إقامة نظام منتج يركز على العمل والشباب، وهو ما جعل البلاد تتأخر عقوداً، مقارنة بجيراننا".
ويضيف الشاب الجزائري لـ "العربي الجديد"، أن "النظام علّم جزءاً كبيراً من الشعب الجزائري ضمنه الشباب، الكسل والخمول. عدد كبير من المواطنين الجزائريين لا يعرف قيمة العمل، السكن مجاناً وأسعار السلع مدعمة.
في المقابل، فإن أغلب مناصب الشغل في الإدارة العمومية تمنح الراتب من دون القيام بأي مجهود. هذه السياسة قتلت روح المبادرة الاقتصادية لدى الشعب، ولم تعزز الفكر التضامني من حيث تقديم الخدمات في مقابل مساهمة المواطنين بدعم الاقتصاد من خلال الإنتاج، وصولاً إلى الخروج من الحلقة النفطية".
كذا، تشرح الشابّة أمينة الطالبة في كلية الطبّ، أن "الشعب الجزائري كره ترقب أسعار النفط في كل مرة، مصيرنا ليس بيدنا، أيعقل أن تتحكم السعودية وغيرها من الدول المهيمنة على الأسواق العالمية للنفط بمستقبلنا؟ عند كل أزمة عالمية ننظر إلى أسعار النفط، هل ترتفع أم تتهاوى، نشدّ بطوننا منذ 2014، ننتظر تعافي الأسعار حتى نفتح الحزام الذي شدّته الحكومات بالإجراءات التقشفية".
اقــرأ أيضاً
وتضيف أمينة لـ "العربي الجديد"، أن "الجزائر يجب أن تتحرر من التبعية لعائدات النفط، لا يعقل في العام 2019 أن يرتبط مصير شعب بأكمله ببرميل نفط لا نتحكم حتى بسعره".
تنويع الاقتصاد
ويلفت خالد وهو مهندس زراعي، إلى أنه "يجب علينا الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية، النظام السابق أهمل كل شيء، وتركنا في تبعية لأموال النفط والحاويات. الجزائر تستورد ما تأكله ولا تنتجه، فهل يعقل أن بلداً بحجم الجزائر يضم أكثر من مليوني كيلومتر مربع، وهو أكبر بلد في أفريقيا، تبلغ مساهمة القطاع الزراعي فيه أقل من 4 في المائة من الناتج الداخلي الخام؟".
ويضيف: "نستورد القمح والحليب بـ 3.5 مليارات دولار سنوياً دون احتساب الموادّ الغذائية الأخرى".
ويشرح لـ "العربي الجديد": "نستطيع أن نصدّر ما يعادل 15 إلى 20 مليار دولار سنوياً من المنتجات الزراعية، إذا دعمنا هذا القطاع الذي يعاني عجزاً في اليد العاملة، وذلك من دون احتساب القطاعات المرتبطة بالزراعة كالنقل والتخزين والصناعات الغذائية".
من جانبها، ترى الشابة ياسمين التي تحضر شهادة دكتوراه في الاقتصاد النقدي، أن "الجزائر يمكنها أن تؤمن مستقبلها الاقتصادي، من خلال تحريك قطاع الصناعة والزراعة والسياحة فقط، من دون الحاجة إلى عائدات النفط. وحسب الأرقام الرسمية، فإن هذه القطاعات تعاني عجزاً بأكثر من ثلاثة ملايين منصب شغل، يمكن استغلالها من خلال دعم روح المبادرة، وإزالة العراقيل الإدارية، والفساد الإداري والمالي الذي جعل أقلية من الشعب تزداد غناءً، من خلال امتصاصها لقروض بنكية ضخمة من دون استثمارها".
النهب والفساد
ولا يرى الجزائريون انطلاقة جديدة للاقتصاد من دون "كبح الفساد"، واسترجاع الأموال المنهوبة، وهو المطلب الذي رفعه الشعب طيلة الحراك الذي اشتعل فتيله في 22 فبراير/ شباط الماضي.
ويحمل الشاب جمال الدين صورة لرجل الأعمال علي حداد، رفقة بعض رجال الأعمال في المسيرة، ويقول لـ "العربي الجديد" إن "تغيير النظام السياسي لن يكون له معنى، إذا لم تنته آلة الفساد من نهب المال العام ويتم استرجاع الأموال المسروقة. لن نكتفي بمحاسبة السياسيين فقط، بل كل من ساهم في نهب المال مهما كانت وظيفته أو مركزه".
ويرى كمال حمادي، وهو أحد الشباب الفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي والداعم للحراك، أنه "يجب تركيز ضغط الحراك على استرجاع الأموال فلا يكفي أن نحاسب دون استرجاع أموال الشعب الجزائري، ونرى أن الضغط يجب أن يمارس على القضاء حتى يتحرر من قيود فلول نظام بوتفليقة".
اقــرأ أيضاً
ويضيف المتحدث ذاته لـ "العربي الجديد"، أن "الجزائر عليها أن تغير تشريعها الداخلي واتفاقياتها مع دول أوروبية كفرنسا وسويسرا، حيث توجد أموال رجال الأعمال والسياسيين الفاسدين، حتى نسترجع هذه الأموال ونستثمرها في خلق اقتصاد خلّاق للثروة".
حيث شددت المداخلات على ضرورة تحرير الاقتصاد الجزائري من التبعية النفطية، عبر تقوية القطاعات الاقتصادية المجمدة والمعطلة في الجزائر، التي بقيت مساهمتها في الناتج المحلي الخام ضئيلة إن لم تكن معدومة.
وتوضح جولة قامت بها "العربي الجديد" لاستصراح المعتصمين حول رؤيتهم لمستقبل اقتصادهم، أنه عند غالبية الشباب والشابات، لا يكتمل شعار "التغير" أو "ارحلوا كلكم" كعنوان للحراك، إذا لم تهبّ رياح التغيير على كل القطاعات.
ويتفق الجزائريون الذين تحدثوا لـ "العربي الجديد"، على أن ما بات يسمى منذ عقود من الزمن "اقتصاد النفط" هو جزء من المشاكل السياسية التي عاشتها البلاد، وكانت وراء تمديد عمر النظام "البوتفليقي"، الذي جعل من عائدات النفط مصدراً لشراء السلم الاجتماعي، من خلال دعم الأسعار وتقديم الإعانات السكنية، وغيرها من مظاهر "شراء رضا المواطن"، في مقابل غضّ النظر عن الفساد ووهن المنظومة الاقتصادية.
ويتفاعل هذا النقاش في ساحة البريد المركزي "القلب النابض" لحراك الجزائريين وسط العاصمة، حيث يلتقي كل يوم بدءاً من الخامسة مساءً مجموعة من الشباب، لتبادل الأفكار ومحاولة رسم مستقبل آخر للجزائر.
مستقبل لا يمكن أن يرى النور بمجرد استقالة عبد العزيز بوتفليقة وتعويضه باسم آخر وفق هؤلاء، وإنما بمتابعة المسيرة الطويلة في مطالبات التغيير، تشمل الاقتصاد كما السياسة والعدالة وقضايا المجتمع.
رفض الاقتصاد الريعي
يقول الشاب محمد، وهو طالب في جامعة "باب الزوار" وتخصص في الهندسة الصناعية، إن "اقتصاد الريع هو الذي جعل البلاد تتأخر كما أنه زاد من نسب الفساد، فكل ما فعله النظام البوتفليقي من مخالفات وقبله كل الأنظمة، كان من أموال النفط. وكل مشاكل البلاد الاجتماعية والاقتصادية تم حلّها بأموال النفط، من دون إقامة نظام منتج يركز على العمل والشباب، وهو ما جعل البلاد تتأخر عقوداً، مقارنة بجيراننا".
ويضيف الشاب الجزائري لـ "العربي الجديد"، أن "النظام علّم جزءاً كبيراً من الشعب الجزائري ضمنه الشباب، الكسل والخمول. عدد كبير من المواطنين الجزائريين لا يعرف قيمة العمل، السكن مجاناً وأسعار السلع مدعمة.
في المقابل، فإن أغلب مناصب الشغل في الإدارة العمومية تمنح الراتب من دون القيام بأي مجهود. هذه السياسة قتلت روح المبادرة الاقتصادية لدى الشعب، ولم تعزز الفكر التضامني من حيث تقديم الخدمات في مقابل مساهمة المواطنين بدعم الاقتصاد من خلال الإنتاج، وصولاً إلى الخروج من الحلقة النفطية".
كذا، تشرح الشابّة أمينة الطالبة في كلية الطبّ، أن "الشعب الجزائري كره ترقب أسعار النفط في كل مرة، مصيرنا ليس بيدنا، أيعقل أن تتحكم السعودية وغيرها من الدول المهيمنة على الأسواق العالمية للنفط بمستقبلنا؟ عند كل أزمة عالمية ننظر إلى أسعار النفط، هل ترتفع أم تتهاوى، نشدّ بطوننا منذ 2014، ننتظر تعافي الأسعار حتى نفتح الحزام الذي شدّته الحكومات بالإجراءات التقشفية".
وتضيف أمينة لـ "العربي الجديد"، أن "الجزائر يجب أن تتحرر من التبعية لعائدات النفط، لا يعقل في العام 2019 أن يرتبط مصير شعب بأكمله ببرميل نفط لا نتحكم حتى بسعره".
تنويع الاقتصاد
ويلفت خالد وهو مهندس زراعي، إلى أنه "يجب علينا الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية، النظام السابق أهمل كل شيء، وتركنا في تبعية لأموال النفط والحاويات. الجزائر تستورد ما تأكله ولا تنتجه، فهل يعقل أن بلداً بحجم الجزائر يضم أكثر من مليوني كيلومتر مربع، وهو أكبر بلد في أفريقيا، تبلغ مساهمة القطاع الزراعي فيه أقل من 4 في المائة من الناتج الداخلي الخام؟".
ويضيف: "نستورد القمح والحليب بـ 3.5 مليارات دولار سنوياً دون احتساب الموادّ الغذائية الأخرى".
ويشرح لـ "العربي الجديد": "نستطيع أن نصدّر ما يعادل 15 إلى 20 مليار دولار سنوياً من المنتجات الزراعية، إذا دعمنا هذا القطاع الذي يعاني عجزاً في اليد العاملة، وذلك من دون احتساب القطاعات المرتبطة بالزراعة كالنقل والتخزين والصناعات الغذائية".
من جانبها، ترى الشابة ياسمين التي تحضر شهادة دكتوراه في الاقتصاد النقدي، أن "الجزائر يمكنها أن تؤمن مستقبلها الاقتصادي، من خلال تحريك قطاع الصناعة والزراعة والسياحة فقط، من دون الحاجة إلى عائدات النفط. وحسب الأرقام الرسمية، فإن هذه القطاعات تعاني عجزاً بأكثر من ثلاثة ملايين منصب شغل، يمكن استغلالها من خلال دعم روح المبادرة، وإزالة العراقيل الإدارية، والفساد الإداري والمالي الذي جعل أقلية من الشعب تزداد غناءً، من خلال امتصاصها لقروض بنكية ضخمة من دون استثمارها".
النهب والفساد
ولا يرى الجزائريون انطلاقة جديدة للاقتصاد من دون "كبح الفساد"، واسترجاع الأموال المنهوبة، وهو المطلب الذي رفعه الشعب طيلة الحراك الذي اشتعل فتيله في 22 فبراير/ شباط الماضي.
ويحمل الشاب جمال الدين صورة لرجل الأعمال علي حداد، رفقة بعض رجال الأعمال في المسيرة، ويقول لـ "العربي الجديد" إن "تغيير النظام السياسي لن يكون له معنى، إذا لم تنته آلة الفساد من نهب المال العام ويتم استرجاع الأموال المسروقة. لن نكتفي بمحاسبة السياسيين فقط، بل كل من ساهم في نهب المال مهما كانت وظيفته أو مركزه".
ويرى كمال حمادي، وهو أحد الشباب الفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي والداعم للحراك، أنه "يجب تركيز ضغط الحراك على استرجاع الأموال فلا يكفي أن نحاسب دون استرجاع أموال الشعب الجزائري، ونرى أن الضغط يجب أن يمارس على القضاء حتى يتحرر من قيود فلول نظام بوتفليقة".
ويضيف المتحدث ذاته لـ "العربي الجديد"، أن "الجزائر عليها أن تغير تشريعها الداخلي واتفاقياتها مع دول أوروبية كفرنسا وسويسرا، حيث توجد أموال رجال الأعمال والسياسيين الفاسدين، حتى نسترجع هذه الأموال ونستثمرها في خلق اقتصاد خلّاق للثروة".