مصر تجدد مفاوضاتها مع صندوق النقد بعد تنفيذ شروطه

02 يوليو 2014
صندوق النقد الدولي (أرشيف/Getty/AFP)
+ الخط -

 

قال مصدر في مجلس الوزراء في مصر، اليوم الأربعاء، إن الحكومة ستستأنف مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي خلال أيام بشأن قرض قيمته 4.8 مليار دولار، بعدما نجحت في إقرار إجراءات تقشفية تتفق مع اشتراطات الصندوق السابقة للموافقة على منح مصر هذا القرض.

وأضاف المصدر، في تصريحات لـ "العربي الجديد" "كل الإجراءات الجديدة التي جرى إقرارها بموازنة 2014/ 2015 تتوافق مع البرنامج الإصلاحي الذي اشترط الصندوق تنفيذه قبل ذلك. نجدد المفاوضات الآن في وضع أكثر راحة".

ويرفض صندوق النقد الدولي الموافقة على القرض لمصر منذ بدء المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2011، بعدما رفضت حكومتا كمال الجنزوري وهشام قنديل، الاستجابة لاشتراطات الصندوق التي تضمنت إجراءات شديدة التقشف مثل إلغاء دعم المواد البترولية ورفع أسعار الكهرباء وزيادة الضرائب، نظرا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية غير الملائمة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات.

لكن حكومة إبراهيم محلب أقرت أخيرا هذه الإجراءات، بعدما رفض الرئيس عبدالفتاح السيسي التصديق على الموازنة الجديدة لارتفاع العجز.

ويثير خبراء مخاوف من اتساع دائرة الفقر وانحدار الطبقة الوسطى التي تمثل قوام المجتمع في مصر إلى مربع الفقر، خصوصا وأن إقرار هذه الإجراءات جاء دفعة واحدة دون مراعاة مبدأ الإصلاح التدريجي المعمول به في دول العالم، وكذا إسقاط الأوضاع السياسية الحرجة التي تمر بها البلاد من حسابات الحكومة وقت إقرار تلك الإجراءات.

وتتضمن الموازنة الجديدة والتي بُدئ العمل بها مطلع يوليو/تموز الحالي خفض دعم المواد البترولية من 134 مليار جنيه إلى 103 مليارات جنيه وتحريك أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 50 إلى 200% ورفع أسعار الكهرباء 20%.

وشملت الإجراءات الجديدة أيضا توسيع القاعدة الضريبية وفرض ضرائب دخل على كل أنشطة المصريين في الداخل أو الخارج، وتعديل الضريبة العقارية لتشمل المحلات التجارية التي تزيد قيمتها الإيجارية عن 100 جنيه شهريا بواقع 10% من الإيجار السنوي كل عام، والنسبة ذاتها على الوحدات السكنية المؤجرة والتي تزيد قيمتها الإيجارية عن 24 ألف جنيه سنويا.

وخفضت الحكومة دعمها للسلع التموينية بواقع 17% وحررت أسعار السلع الغذائية في وقت تعاني فيه الأسواق ضعف الرقابة والممارسات الاحتكارية الفجة.

وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه كونه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام، إن الحكومة تعول على قرض صندوق النقد الدولي في دعم احتياطي النقد الأجنبي بما يتيح الإيفاء بالتزامات مصر الخارجية، خاصة الديون المستحقة خلال العام الحالي لكل من قطر ودول نادي باريس وحملة سندات دولية، في ظل تراجع موارد الدولة من الدولار وعلى رأسها السياحة التي تشهد تراجعا غير مسبوق.

وتراجعت إيرادات مصر من السياحة خلال العام المالي الماضي 2013/ 2014 بنحو النصف، ولم تساهم المساعدات الخليجية الضخمة طيلة العام الماضي والتي سجلت نحو 21 مليار دولار في دعم الاحتياطي الأجنبي لمصر بالشكل المناسب، كونه لم يرتفع عن 17.2 مليار دولار تقريبا.

وأضاف المصدر: "القرض سيتيح للحكومة مساحة أوسع للتحرك في ظل غموض موقف المانحين الدوليين تجاه الإدارة الجديدة في مصر. كما أنه أقصر طريق لبعث رسالة طمأنة للمستثمرين الأجانب لتحريك عجلة الاقتصاد".

وتواجه مصر ظروفاً اقتصادية متردية بسبب استمرار الاضطرابات السياسية والأمنية، منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 والتي ازدادت حدتها في أعقاب الانقلاب العسكري، ما أدى إلى تراجع معدلات نمو الاقتصاد بشكل حاد.

وبحسب تقرير لمؤسسة "كارنجي" للسلام الدولي نشر في منتصف مارس/آذار، فإن نجاح القيادة الجديدة في مصر بوضع الاقتصاد على طريق التعافي، مرهون بإعادة إرساء الاستقرار السياسي والحصول على مزيد من الموارد المالية من بلدان الخليج الغنية.

وكان السيسي قد دعا في مايو/أيار الماضي، الغرب والدول الصديقة لمصر، إلى مساعدتها على مواجهة متاعبها الاقتصادية، مضيفاً "مصر تحتاج إلى مساعداتكم خلال هذه المرحلة حتى تخرج من دائرة الفقر الذي تعانيه".

المساهمون