في قلب العاصمة المصرية القاهرة، في حي العتبة تحديدًا، تقع ورشة الحاج صفوت محمود لتصنيع العود. يحترف صفوت صناعة العود منذ حوالي 45 عاماً. ويحاول الحفاظ على صناعة الآلة من الانقراض، وذلك بتوريث الصناعة لأبنائه وأحفاده. بمجرد أن تدخل إلى ورشته الصغيرة، تجد نفسك في غرفة مخصصة لعزف العود. ويعود بك الزمن إلى الفنانين القدامى المشهورين بالعزف على العود، أمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب ومحمد فوزي.
الرحلة داخل الورشة التي يعمل فيها خمسةُ أشخاصٍ، تجبرك على الحديث أولاً مع صاحبها الحاج صفوت، الرجل الستيني الذي يعشقُ صناعة العود وسماع صوته، كروحه التي تخرج من جسده. لذلك، لم يترك المهنة، بعدما باع بعض أصدقائه ورشهم التي ورثوها عن أجدادهم، وتركوا هذه الصناعة. إذً أصبح ربحُ صناعة العود غير كاف، على عكس ما كانت عليه قديماً، خاصَّة بعد الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد خلال السنوات الماضية.
تدبير الخشب المستخدم لصناعة العود، جعل الحاج صفوت يزور معظم المحافظات المصرية، لجلب أفضل أنواع الخشب. لا سيما بعدما قلَّ الخشب في مصر خلال السنوات العشر الماضية، وارتفع سعره. ولنوعِ الخشب المستخدم تأثيرٌ في صوت النغمات المعروفة، فهناك الفنجي والمجنة والبليساندر والزان والساج والأبنوس. وكلّما كان الخشب جيداً، كانت نغمات العود أكثر صفاءً ونقاءً، الأمرُ الذي يحدّد من خلاله سعر العود، والذي بدأ بـ 1500 جنيه. ويتصاعد السعرُ طبقاً للمواصفات والخامات المطلوبة من الزخرفة والأخشاب. بعضُ محبي العود يطلبونه مصحوباً في صناعته بالأحجار الكريمة، الأمر الذي يزيد من سعره.