لم يكن الظهور المتكرر للناشط البحريني السعودي على مواقع التواصل الاجتماعي لؤي الشريف على شاشات الفضائيات الإسرائيلية وتحدثه باللغة العبرية التي يجيدها، حدثاً اعتباطياً، بل هو جزء من محاولات الاحتلال لصناعة رأي عام في الخليج مؤيد لها، بعيداً عن قنوات التواصل الرسمية التي فقدت كثيراً من شعبيتها بين شعوب المنطقة.
وبدأ الشريف، وهو سعودي من أصول مصرية حصل على الجنسية البحرينية لاحقاً، عمله معلماً للغات الأجنبية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً عبر "يوتيوب"، ثم انتقل إلى تعليم اللغة السريانية، قبل أن يصبح التحدث باللغة العبرية واجهته للتواصل مع وسائل الإعلام الإسرائيلية والترويج لفكرة وجود إسرائيل كـ"جار" مسالم للعالم العربي و"الحق التاريخي للإسرائيليين في أرض فلسطين".
ويملك الشريف علاقات متميزة مع المؤسسات الإماراتية الرسمية، إذ استعانت به أكثر من مرة كواجهة إعلانية للمؤسسات الثقافية الإماراتية، كما أنه يقيم في السعودية أيضاً. لكن إطلالة الشريف وتصويره مع قنوات إسرائيلية، مثل "كان"، وسط العاصمة البحرينية المنامة، لم تلق أي استجابة من الشعب البحريني الذي رفض التطبيع.
رسالة عن جوهر شهر #رمضان بالعبرية#رمضان_كريم وكل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال ❤️🙌🏼
— Loay Alshareef لؤي الشريف (@lalshareef) May 16, 2018
חג שמח לכולנו, ובשנה הבאה יהי שלום על ירושלים הבירה האיסלאמית של דויד 🙌🏼 pic.twitter.com/ztn3dKq847
وكرد على دفع النظام البحريني وسائل إعلامه وإعلامييه للتقرب مع الإعلام الإسرائيلي والسماح لهم بالظهور في القنوات الإسرائيلية في بلاد تُمنع فيها أي قناة لا تحصل على ترخيص من السلطات الرسمية من التصوير أو البث من داخل أراضيها، أصدرت مجموعة تطلق على نفسها اسم "ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير"، بياناً قالت فيه إن "هرولة النظام البحريني لإبرام صفقة تطبيعيّة مع الكيان الصهيونيّ تكشف انفصاله الكامل عن أبناء الشعب، وهو بذلك يُعزّز من عزلته الشعبيّة، ويُرسّخ قناعة الجماهير بضرورة نيل حقّها في تقرير المصير والانتقال نحو بناءِ نظامٍ حرٍّ جديد يُمثلُ تطلّعاتها وموقفها الحقيقيّ من سائر قضايا الأمّة وفي طليعتها قضيّة القدس الشريف".
وأضاف البيان: "لن يسمح أبناء شعبنا بمختلف أطيافه وتوجّهاته بأن تكون أرض البحرين موطئ قدم لأيّ صهيونيّ، وسيقاومون بشتى الوسائل أيّ خطوة تطبيعيّة مع الكيان الصهيونيّ قد يقدم عليها النظام الخليفيّ الفاقد للشرعيّة".
ائتلاف 14 فبراير
— COALITION 14 FEB (@COALITION14) September 8, 2020
أرض البحرين الطاهرة ترفضُ أن يدنّسها الخليفيّون بالتطبيع مع الصهاينة وشعبها سيقاوم أيّ خيانة بشتى الوسائل.
كلِّ نظامٍ فاسد يسعى إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ هو شريكٌ أساسي في كلِّ جريمة يرتكبها المحتلّ الصهيوني#البحرين_ترفض_التطبيع#التطبيع_خيانة pic.twitter.com/XTKRPmjYiv
وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي في البحرين باستنكار كبير للخطوات التطبيعية التي يسعى إليها النظام البحريني، اقتداءً بالإمارات العربية المتحدة التي أعلنت تطبيع علاقاتها بشكل رسمي مع إسرائيل، والتحالف معها في العديد من ملفات المنطقة المهمة.
وحتى بالنسبة للمغردين المحسوبين على النظام البحريني والمؤيدين له، فإن خطوة التطبيع التي تسعى إليها السلطات البحرينية واستضافتها لوفود إسرائيلية ويهودية أكثر من مرة لا تزال غير مفهومة وغير قابلة للتبرير، ما أدى إلى حالة شبه إجماعية داخل أروقة مواقع التواصل الاجتماعي في البحرين رافضة للتطبيع وخطواته.
لكن التأييد الإعلامي للتطبيع ظهر علناً وبشكل أوضح بين الإعلاميين الإماراتيين الذين اختاروا الانخراط في تأييد خطوة نظامهم المتمثلة بالاتفاق مع الاحتلال، رغم وجود آراء سابقة لهم قبل أشهر بتأييد القضية الفلسطينية ورفض التعامل مع إسرائيل.
علي بن تميم، المثقف الإماراتي المقرب من ولي عهد إمارة أبوظبي محمد بن زايد، يترأس عدداً من المشاريع المهمة، أبرزها مشروع "كلمة" للترجمة، ويعمل مديراً لتحرير موقع "24" الإماراتي، إضافة إلى كونه واحداً من أكثر الإعلاميين العرب تأثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد كان أبرز من هلل للتطبيع وأيده رغم الهجوم الجماهيري المستمر عليه.
عندما تقرأ في الإعلام الإسرائيلي تذهل بالأخبار اليومية: اكتشافات علمية جديدة ودراسات فكرية وتاريخية وأدبية حديثة وتكنولوجيا ومخترعات علمية وعلاجات صحية ونفسية،كل ذلك تم في إسرائيل، ترى ماذا تقرأ من أخبار في معظم الإعلام العربي! لاشيء من كل ذلك، إعلام يكاد يختفي منه العلم بالكامل.
— د. علي بن تميم (@3litamim) August 15, 2020
وقد احتفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بمشاركة علي بن تميم لفيديو أنتجته وزارة الخارجية الإسرائيلية عن أوجه الشبه بين اللغتين العربية والعبرية. أما سلطان العميمي، أحد أبرز المستشارين الإعلاميين والثقافيين في الإمارات، فاختار الهجوم على الفلسطينيين كوسيلة للدفاع عن خطوة النظام الإماراتي بالتطبيع، متهماً إياهم بتأييد الغزو العراقي للكويت.
وتواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع شاب إماراتي يدعى خليفة يجيد اللغة العبرية وعُين ممثلاً لمحمد بن زايد في التواصل مع الفعاليات الإسرائيلية، داعياً إياه إلى زيارة إسرائيل على رأس الوفد الإماراتي المزمع أن يزورها في وقت قريب.
واحتفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بهذا التواصل مع مشاهير التواصل الاجتماعي، في محاولة منها لتأكيد وجود تأييد شعبي لخطوات التطبيع مع إسرائيل، لكن هذا الاحتفاء يخفي خلفه حقيقة وجود اعتراضات شعبية في كل الدول الخليجية بما فيها الإمارات العربية المتحدة، حيث قرر بعض مشاهير التواصل الاجتماعي، خصوصاً المتخصصين في الموضة والأزياء، الصمت عن خطوات السلطات التطبيعية من دون التهليل والتأييد لها، وهو ما عده بعض المشاهير المؤيدين بشدة للخطوات التطبيعية "خيانة تامة للإمارات".
وقال أحد المشاهير الإماراتيين: "إن بعض المشهورات الإماراتيات في مواقع (سناب شات) و(إنستغرام) اخترن السكوت وعدم تأييد خطوة الشيخ محمد بن زايد، إنهن يتخوفن من الرأي العام الخليجي المعارض للتطبيع ومن تأثر جماهيريتهن أكثر من تأييدهن لبلدهن، يجب أن يحاسبن ويعاقبن".
وتأتي هذه الرسالة كدلالة اعتراف بأن الرأي العام الخليجي، ورغم محاولات الإسرائيليين اختراقه عبر بعض المشاهير، لا يزال صامداً في وجه دعوات التطبيع الرسمية التي تقوم بها حكومات الإمارات والبحرين والسعودية.