مسرح العالم الكبير

25 يونيو 2015
رامين رحيمي / إيران
+ الخط -

ب

أحلُمُ بالأعراق
التي سبقتنا مع أطفال أمراضنا

آلافٌ من الكلمات تتكرَّر
دون أن تعنيَ شيئاَ

سمكةٌ هي الكلمة
خارج الوعي

قَدِمنا من شجرة بيولوجيَّة
من لحمٍ وبؤسٍ

نحن
أبناء الدهشة والنور

والمرضُ
نزوحٌ
يُمارس وظيفته في جسد الأشياء الهالكة.


ج

لن ننَظِّف وجوهَ وضلوعَ
أسلافنا القديمة

كانت السكِّين سكِّيناً
لأنَّها اجتازت الأعصاب والدم

لم تتمكّن من إيقاف نار
وغضب
أمواتنا

السكين
إلهٌ صغير


د

بقيَ القليلُ من أسمائنا
وأصولنا

نظيفةً تصل أجسادُنا
القادمة
من الشهوات والرغبات

كانت ملطَّخةً
بالاغتصاب
بالحبر الطازج
بالرجال الضُّعفاء الشفَّافين

اللسان عضلةٌ
تكتبُ تاريخ المنهزم

لم يولد أحدٌ من إله
نحنُ آلهة العدم
والمستقبل

اسمع كيف تحوم الحشرات
في قلبك

ستستمع للربِّ وهو يصلِّي


هـ

الكلمات
حيواناتٌ صغيرةٌ
حشراتٌ
ثعابين غير سامَّة

تُقبّل المرأة
من فم أجنبيٍّ غريب
شنق نفسه بيديه

الكلمة سمٌّ    
تُخبِّئُهُ شفاهُنا


و

الكلمةُ نهرٌ
يشلُّ حركَتَنا

الأرضُ نارٌ
تغلي
في قِدْرٍ من العَطشى
والأموات
الذين
لا وجوه لهم


ز

لا يُمكن للأرض أن تكون العالمَ
فالقواعدُ
خدعةٌ
نُعمِّرُها بالأعصاب

ليس العالَم علامةً
تدُلُّنا على البيت

الكلمة
سماءٌ هزمتها
الطيورُ
التي ماتت
دون أقفاص


ح

ماذا عساي أن أقول
عن ركبتيَّ
أو عن أبي
على ألّا يكون ألماً أو سرطاناً

وُلِد العالَم
من بين فخذي نساءٍ بسيطات القلب

الموسيقى ملأت صوت الفراغ
في البحار

إنسيٌّ قدّم جسده ليَكتب من جديد
تاريخ البشر جميعاً


ط

لا أدري
كيف سيُلملِمُني الرماد؟

كيف خلقني الدخانُ صورةُ
لا تُشبِهُ أحداً

إلهي
ماذا خلَقتَ منِّي؟


ق

سأذهبُ كي أبحثَ عن رغبتي
في الجسد
في جذور
أسمائنا

أودُّ أن أعرف
أين تولدُ وتنتهي
قبيلتُنا

حتّى لو لم أكتشف يوماً
أصلها

سأقولُ إنَّني
أنا أصلُ العالم


ل

لا أحد سيولد
ويموتُ بعدي

أنا القبيلة

أريدُ أن يَكتُبَ العالمُ من جديد
أنَّ الزمن يُرجعُ الزمن

ونعودُ إلى البداية
سأكتبُ تاريخَ البشريَّة

وهكذا سيُنكِرونني
أو سيُنكِروننا

كائناتٌ تتفرَّعُ
من شفاه الربِّ


م

أحلمُ بكواكب تائهة
في المجرَّة

كوكبُنا تائه؟

أريدُ أن أتعرَّفَ
إلى النور
لفكرٍ أسمى من
عقولنا التافهة

   الصوت هو فقط من يَصمت
ويُنكِرُ نفسَهُ بنفسِهِ

  اللسان سكِّينٌ صغير
يشحذُ الوقت

   الكلمةُ هي موتُها النهائي


ن

 السفن تجوبُ السماء
 الضمائر تُنكرُ ذاتها
لأننا عرفنا أنَّ الهواء هواء
نتفَّسُهُ فقط

الفاكهةُ الطازجة
تتعفَّنُ في اليد
والإنسانُ
هو الغيابُ الطازج

فراغُ الفراغ

  الأسنانُ
تمضغُ الكلمةَ
ولا فيتامينات
للجسدِ الآسِن

  كبدٌ جريح   
يُسمِّمُ الجسد


س

حجارة قبيلتنا

لها ترتيبٌ ونظافةٌ
يَلِيقانِ بِوجْهِ امرأةٍ

ترتفع الحجارة
واصلةً سماء الجمال


ع

لا نليق
بالهزائم
رغم أنَّنا
محكومون
بالأخطاء

أبناؤنا
هم أحلام
أو كوابيس
قبائلنا

هم من سيكون عليهم
أن يواجهوا
غضب القاتل

دمه سيكون السم


II


1

يبحث الإنسانُ
في الأرض دوماً
عن الموت والقلب
عن الناس البسطاء

مستدِلّاً بخطوط يديْهِ
وبعيونٍ ملتهبة
يَزحفُ
منذ أن لم يكن الزمن
هو الزمن
في يومٍ ماطر

الآن بالكاد تظهرُ
لأنَّها خجلة
من استنشاق الهواء

تشعر كأنَّها مدينةٌ مكتظَّة
تقوم من بين الرمال
فيما الحجارة
تروي قصصاً رائعةً

  الإنسان
فَقَدَ المسافات
تَعِبَتْ شرايينه
من كثرة الموت الأحمق


2

يَستنفِرُ
بعيونٍ جاحظةٍ للخارج
مكسوّةٍ من الداخل

دون عظامٍ ولا ذكريات
عَبْرَ البارات الخشبية
وأوكار نيرانٍ ومياه
تُغرِق الأساسات

يُراقِبُ الجميع
الذين سقطوا
أمواتاً بسبب الطلقات
بسبب السرطان
أو الغرغرينا
  الإنسان
فقط يصير بجناحين مشوَّهيْن


3

القاتلُ
يقطعُ مرَّةً أخرى
رأسَ طفلٍ مُغتصَبٍ
أو عجوزِ أعزل

  يعبرُ ثعبانُهُ
كريستالَ الأجساد
حتّى يراها تنزف

يَشربُ الرجال
ويستولون على المدينة
تُذهب المخدِّرات عقولَهم
فينتزعون الأقنعة

هم المُختارون
 الآلهة
 الغرقى

كم فضاءً
يحترقُ في أدمغتهم؟


4

يعود الإنسان

لمكانٍ لن يرجع منه
لن يكون لديه شفقة
ولا رحمة

يقرأ النعيَ
ويجد سيرتَهُ
في صفحة الوفيات

لا تخشَ الذهاب
للطرف الآخر من العالم
وأعطِ عيون الرب
للأشياء
التي تتظاهر بالاختفاء

اسمعوه

ضاع
دون أن يطلب أيَّ عملةٍ
فقط ما يخصُّهُ
وما أخذوا منه

يعلمُ أنَّه أضاع الرحلةَ
حتى وإن لم يكن لديه
تاجُ المجد


5

يبدو أن الكلمات  
 تنتفخ
وتتمدّد لدرجات قصوى
وتبدأ بالدوران
حول محورها

   الخلود
يُبدِّدُه الحلقُ
والشرايين

ينام مرَّات كثيرة في اليوم
لكنَّهُ متيقِّظٌ دوماً
حيث يحظُر الآخرون
النشأة
أضاع مفاتيح البحر


6

من بمقدورِهِ تحريرُ هذه الذاكرة
التي تفكِّرُ بالطيران دون أجنحة

ويصرًّ بأجنحةٍ جدريَّةٍ
لا يستخدمها
بسبب الخوف

-لا أحد يفهم إشاراته-

من الليل ترشحُ
حيوانات مبهمة
شيفراتها مُربكة
أسرار أمجادها
عليها أن تعود
لعمق القبور
لعمق البحار
للبحث عن الكلمات
وحين تفهم
ما عليها فهمه
ستسكت ستسكت ستسكت

 

III


أ

أصل الحياة
موجودٌ في أيدينا

الإشارات
الطرقات
المسارات
توجد في آفاق الأجساد

القبائل
قطعانٌ صغيرةٌ
من العظام والآمال

تُعيدُ بناء
البيوت والمعابد

المعارف
أساسية وابتدائيَّة


ب

الأجساد
تعبر الصُّدَف

لم يكن هناك معضلات
كان الصَّيدُ مفتوحاً
اللحم والدم
كانا يتدفَّقان كسيول


ج

القبيلة
كان عليها أن تُكمِلَ سيرها

وأحياناً
عليها أن تناضل

  ضدَّ العدو/ المرآة

الرجلُ يقتل زوجته
الأمُّ تقتلُ ولدَها

الولد يقتُلُ المستقبل


د

ثمَّةَ رجالٌ
 يعيدون بناء أنفسهم
من الرّماد

ثمَّةَ رجالٌ
لا يخشون
تدمير عِرقِهم

فقط من أجلِ اشباع
 أكثر غرائزهم دنيويّة


هـ

الشهوة/ الذنب
قوَّتان/ مُتناقضتان

يختارهما الإنسان أحياناً
كي يعيش

حتَّى إن كان العقلُ
يتجاهلُهُما


و

لا توجد آلام
دون أحاسيس أوّليّة

لا دم
بسبب شرِّ قادم

لا موت
لا يكون فيه الرب
متورِّطاً


ز

صليبُ الإنسان

في معرفتِهِ
في مشاعره
في هذيانَه
في ذنوب لا يتخيَّلُها

صليب الإنسان
هو الإنسان ذاته


ح

لا سُبُلَ
لا نهايات

لا آثار
تقودُنا

العمى في العين
كسرطان في الجسد

الطريق في نظر
الإنسان


ط

الجسد
ثابتٌ في الفضاء

المرض
نهاية المطاف

العمر والشيخوخة
علامةٌ واحدة

بقيَ لنا القليلُ من الوقت
فلنهرُب


ي

لِنَكُنْ ورقةً مُحْتَرِقةً
الكلمةُ
علامةٌ تعبُرُ الأرضَ

لا شيء غريب
على الإنسان
ولا على الرب

-ما زال أمامنا الكثير لِنُفَكِّكَ شيفراته-

الطريق الذي بدأ للتو


* Augusto Rodríguez شاعر من الإكوادور

ترجمة عن الإسبانية غدير أبو سنينة

دلالات
المساهمون