مراكز سحب الدم تتجاوز حدودها

30 يناير 2015
سحب الدم وتحليله لا يجوز إجراؤهما إلا في المختبرات(Getty)
+ الخط -
في كل يوم، تطالع اللبنانيّين فضيحة صحيّة جديدة. ولعلّ آخرها ما كُشِف عن مراكز لسحب الدم لا تتوفّر فيها المواصفات الصحيّة المطلوبة، لا بل أكثر من ذلك تلعب دور المختبرات المرخّص لها متجاوزة القانون، وتقدّم لقاصديها نتائج فحوصات طبيّة مشكوك في صحتها.

بشكل مستغرب، تنتشر إعلانات تروّج لبعض مراكز سحب الدم قائلة إنها تقدّم خدماتها بكلفة أقلّ من تلك التي تحدّده المختبرات المرخّص لها. لكن السؤال يبقى حول جودة هذه الفحوصات الطبيّة وسط المضاربة غير المشروعة. وقد عبّر عدد من المعنيّين عن تلك الهواجس، في ظل التعديات التي تطال المهنة.

ويأسف الاختصاصي في طب المختبرات الدكتور الياس الهراوي في حديث إلى "العربي الجديد" إذ إن "أكثر من نصف المختبرات الطبيّة تُدار من قبل أطباء غير متخصّصين في علوم المختبر أو غير كفوئين. والبعض يعمد إلى تأجير شهادته من دون أن يكون موجوداً بشخصه في المختبر".

من جهة أخرى، يشير إلى أن "الرقابة ضعيفة على مراكز سحب الدم. وبعضها يلعب دور المختبرات الطبيّة ويقوم بالتحاليل الطبيّة". يضيف: "وما أكثرها في بيروت (العاصمة) والمناطق، وذلك على عينَك يا تاجر".

ويسأل الهراوي: "في غياب الأطباء المختصّين الذين يشرفون على كل التفاصيل الدقيقة في المختبرات الطبيّة، كيف يمكن أن تأتي نتائج التحاليل الطبيّة صحيحة؟ من المحتمل أن تتعرّض آلة التحليل لعطل ما وينتج عن ذلك فحوصات خاطئة. وحده الطبيب المختصّ يستطيع كشف أي خلل قد يطرأ، لذا فإن عدم وجوده في المختبر قد يهدّد دقّة الفحوصات الطبيّة".

ويشير إلى أن "بعض الأطباء يشترون شهاداتهم الطبيّة واختصاصهم بخمسة آلاف دولار أميركي من روسيا وأوكرانيا، ويعملون في مختبرات التحاليل الطبيّة، ولا من يحاسب ولا من يراقب".

من جهة أخرى، يتحدّث الهراوي عن "بعض مراكز سحب الدم وبعض المختبرات التي تتفق مع عدد من الأطباء كي يأتوا بمرضاهم إليها، في مقابل عمولة يحصل عليها الطبيب عند كل فحص. هذه تجاوزات غير مقبولة ومتاجرة على حساب صحة الناس".

من جهته، يشير نقيب المختبرات الطبيّة الدكتور مارك زبليط في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أن ثمة مرسوماً اشتراعياً (رقم 83/75) ينصّ على أنه "يمنع منعاً باتاً فتح مركز لسحب الدم في منطقة يتواجد فيها مختبر شرعي للتحاليل الطبيّة".

ويوضح أنه "وللأسف نجد تلك المراكز منتشرة وبكثرة، على الرغم من توفّر مختبرات للتحاليل الطبيّة مرخّص لها". ويتحّدث عن "عدد كبير من تلك المراكز غير الشرعيّة في عدد من المناطق اللبنانيّة التي تعمل في الخفاء وتأخذ دور المختبرات الطبيّة في سحب الدم وإجراء التحاليل الطبيّة في آن واحد، وهو ما يعدّ خرقاً واضحاً للقانون".

يضيف زبليط: "رفعنا هذه الشكاوى إلى المعنيّين وطالبنا بإقفال تلك المراكز. وبالفعل، قامت وزارة الصحة بإقفال أبواب عدد من مراكز سحب الدم المخالفة في مناطق عدّة لا سيّما الجنوب والبقاع والشمال".

إلى ذلك، يحذّر من سحب الدم في عيادات الأطباء أو في الصيدليات، "لأن سحب الدم وتحليله لا يجوز إجراؤهما إلا في المختبرات الطبيّة. فسحب الدم في خارج المختبرات المرخّص لها قد يكون له انعكاساته على جودة تحليله"، وذلك بسبب عدم مراعاة طرق حفظه التي من شأنها أن تضمن عدم تلف العينات على سبيل المثال لا الحصر. ويقول: "لذا نعود ونشدّد هنا على ضرورة ضبط هذا الملف الصحي الدقيق".

ويشدّد زبليط على أن "الحرص على وجود طبيب مختصّ في المختبرات المرخّص لها يشرف على كل شيء، يضمن أن تكون نتائج التحاليل سليمة وكذلك نقل الدم".

من جهتها، توضح وزارة الصحة العامة أن حملتها لم تتلكأ في أي من الأيام عن ضبط مراكز سحب الدم المخالفة. ويقول مسؤول المهن الطبيّة فيها أنطوان رومانوس لـ "العربي الجديد" إن "القانون ينصّ على جواز فتح مراكز لسحب الدم في حال لم يتوفّر مختبر للتحاليل الطبيّة مرخّص له في منطقة ما. لكننا لمسنا بعض مخالفات في هذا الملف. وبناءً على قرار من وزير الصحة وائل أبو فاعور، نسعى إلى وضع حدّ لهذا الفلتان".

يضيف: "وقد قمنا بمسح شامل في عدد من المناطق، فتبيّن لنا أن ثمّة مخالفات عدّة على هذا الصعيد. وبناءً عليه، قمنا بإقفال ما بين ثمانية وتسعة مراكز لسحب الدم لا تستوفي الشروط الصحيّة. وحرصاً منا على سلامة الناس وصحتهم، ما زلنا نتابع هذا الملف بدقة متناهية إلى جانب الملفات الأخرى التي فتحناها".
المساهمون