اربط حزام الأمان جيداً، وانطلق برحلة سياحية استكشافية إلى الماضي. رحلة تقودك تحديداً إلى العصر الحجري، حيث تغيب كافة معالم الاتصال الحديثة والتكنولوجيا المتطورة. تخيل نفسك تعيش في مدن تحت الأرض في قلب الجبال، وكهوف وبيوت حجرية، يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد.
تشكل هذه المدن الحجرية تحفة فنية نادرة، وعلامة فارقة في أساليب الهندسة المعمارية، حيث نحتها السكان القدامى في باطن الأرض، وداخل الجبال للاحتماء من الغزوات، أو الهروب من عوامل الطبيعة.
قبل سنوات، بدأت هذه المدن الحجرية باستقطاب السياح، لا سيما وأن منظمة اليونسكو قد وضعتها على لائحة التراث العالمي، وباتت وجهة سياحية محببة وغريبة في آن معاً.
كابادوكيا - تركيا
تحمل مدينة كابادوكيا وسط تركيا الكثير من الأسرار. تضم أكثر من 30 مدينة صغيرة متكاملة تحت الأرض، ومن أبرزها مدينة ديرنكويو، وغوريميه أو ما كما تعرف بمداخن العفاريت.
من قلب الجبال، تطل ديرنكويو، أي "البئر العميقة"، إذ يصل عمق المدينة إلى أكثر من 85 متراً. شكلت طريقة بناء هذه المدينة لغزاً لطالما حير العلماء، حيث تم بناؤها باستخدام الصخور البركانية، إضافة إلى مواد أخرى نادرة. تحتوي مئات البيوت الصغيرة التي تفصلها بعض الممرات الحجرية الضخمة، كما تضم المدينة ساحات كبيرة، ومخازن للطعام.
بعد زيارة ديرنكويو، لا بد من زيارة مداخن العفاريت في غوريميه. يعود تاريخ بنائها إلى العام 1200 قبل الميلاد. تحتوي مئات البيوت السكنية، وأكثر من 30 ديراً. ولإقامة في كابادوكيا سحرها، إذ يمكن الإقامة في كهوف حجرية مجهزة لاستقبال الزوار، وخوض تجربة العيش البدائية.
ماتيرا - إيطاليا
في جنوبي إيطاليا، ستدخل قرية الكهوف. ستعيش تجربة المبيت في قلب الجبال الصخرية. صنفت مدينة ماتيرا أو ساسي دي ماتيرا كعاصمة للثقافة الأوروبية للعام 2019.
سنوياً، تجذب هذه المدينة ملايين السياح من كافة الدول، إذ تم ترميمها من جديد، مع الحفاظ على شكلها التقليدي. تم وضع المدينة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو، كما كانت موقعا لتصوير الكثير من الأفلام الأجنبية.
ولاكتشاف جمال هذه المدينة، بالإضافة إلى المبيت في فنادقها الصخرية، يعد التجوال سيراً على الأقدام تجربة ممتعة، حيث يمكن استخدام السلالم المتعرجة، والممرات الصغيرة، والساحات واكتشاف كيفية العيش في هذه المدينة الساحرة، والتي بقيت مأهولة حتى الحرب العالمية الثانية.
ومن أشهر الأماكن السياحية، كهف كازا غروتا، وبالومبارو لونغو، وهو عبارة عن خزان مياه ضخم يقع مباشرة تحت ساحة ماتيرا الرئيسية.
مطماطة - تونس
تبدو أقرب إلى مدن الخيال من تلك الواقعية. تبعد مدينة مطماطة التابعة لولاية قابس نحو 450 كيلومتراً عن العاصمة تونس.
نالت هذه القرية شهرة واسعة بعد تصوير أجزاء من فيلم حرب النجوم العالمي. تتميز القرية بمنازلها التي بنيت على شكل ثقوب في الجبال. يكتشف الزائر خلال جولته السياحية الفن المعماري التونسي بطريقة مختلفة، كما يكتشف أساليب الحياة تحت الأرض، ويتعرف على عادات وتقاليد السكان، بخاصة وأن المدينة ما زالت مأهولة حتى يومنا هذا.
خلال زيارتك، يساعدك سكان هذه القرية في التعريف على تفاصيل معيشتهم، إذ يصطحبون الزائر في جولات سياحية إلى داخل الكهوف، ويقدمون شرحاً وافياً عن تاريخ هذه القرية.
روكامادور وناوورس - فرنسا
في جنوب فرنسا، وبين كروم العنب، تطل بلدة روكامادور. بلدة من أجمل البلدات الفرنسية، بسبب موقعها الجغرافي واحتوائها الكثير من الآثار، والكهوف.
تقع روكامادور في مقاطعة قورسي الفرنسية وتجذب سنوياً مليونا ونصف زائر، بفضل هندستها المعمارية، وإطلالتها المميزة بين وادي آلزو ونهر دوردوني، والغابات المحيطة والصخور والمنحدرات.
تحتوي البلدة على مئات الكهوف والممرات الصخرية تحت الأرض، وقد احتضنت السكان خلال فترات الحروب والنزاعات. وبحسب العلماء، يعود تاريخ بناء هذه الكهوف إلى ما قبل الميلاد.
إضافة إلى بلدة روكامادور، تعتبر مدينة ناوورس Naours الضخمة، واحدة من أجمل المدن تحت الأرض. تمتلك المدينة ما يقارب 300 غرفة وكهف، يصل طول الغرفة إلى نحو نصف ميل.
يعود تاريخ بناء هذه المدينة إلى القرن الثالث الميلادي، وتم اكتشافها في القرن التاسع عشر. تحتوي المدينة على مرافق أساسية مثل المصلى والآبار والمخابز.