محمد الكسبة: شهيد فلسطيني ينضم لأخوَيه

القدس المحتلة

محمد عبيدات

avata
محمد عبيدات
04 يوليو 2015
+ الخط -
أدى الشاب محمد الكسبة صلاته الأخيرة فجر يوم أمس، في مسجد قلنديا للاجئين الفلسطينيين شمالي مدينة القدس المحتلة، قبل أن يذهب باتجاه حاجز قلنديا العسكري من أجل تأدية صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان في المسجد الأقصى المبارك. ولم يكن يدرك أن جنود الاحتلال ينتظرونه على أحد الحواجز ليعدموه بالرصاص وبدم بارد.

اقترب محمد (17 عاماً)، من الحاجز الإسرائيلي برفقة عدد من شبان المخيم، فاعترض جنود الاحتلال طريقهم، ومنعوهم من العبور إلى القدس واعتدوا عليهم بالضرب وطردوهم من المكان، ثم أطلقوا باتجاهم قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، وقاموا باستفزازهم، ما دفع الشبان إلى الصراخ في وجه الجنود، قبل أن يتحوّل الأمر إلى مشادات.

الحكاية تلك، يرويها إسحاق الكسبة، ابن خال الشهيد، لـ"العربي الجديد"، والذي أكّد أن ضابطاً في جيش الاحتلال الإسرائيلي أقدم على إعدام الشهيد محمد بدم بارد، ومن مسافة قريبة جداً، وقال: "بعد استفزازات جنود الاحتلال للشبان على الحاجز، ترجل ضابط إسرائيلي يعمل كقائد لجيش الاحتلال في تلك المنطقة، من سيارته من نوع جيب وأطلق أربع رصاصات؛ اثنتان منها أصابت رأس محمد، واثنتان في ظهره، فاستشهد فوراً".

ويشير الكسبة إلى أن قائد المنطقة أطلق الرصاص من مسدسه باتجاه محمد من مسافة قريبة لا تتجاوز المترين، قبل أن يلوذ بالفرار باتجاه الحاجز بعدما سهّل له الجنود ذلك. ويضيف أن الشبان لاحقوه بالحجارة وشرعوا بتحطيم سيارته لحظة فراره، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، بأنّه لحظة تنفيذ عملية الإعدام "لم تكن هنالك مواجهات ولا عمليات رشق للحجارة".

ويوضح أن محمد "ضُرب على بطنه من قبل جنود الاحتلال قبل عملية إطلاق الرصاص عليه، وحاول الابتعاد عن المكان بعد استهدافهم بقنابل الغاز، إلا أن الضابط الإسرائيلي قتله على الفور دون أن تكون هنالك أي ذريعة للقتل".

وأصيب الشهيد الكسبة أكثر من مرة خلال أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وفي آخر المواجهات التي اندلعت مع جنود الاحتلال عند حاجز قلنديا العسكري قبل ستة أشهر، أُصيب برصاصة حية في قدمه اليمنى.

ولدى الكسبة شقيقان، كانا قد استشهدا مع بدايات الانتفاضة الثانية عام 2002؛ الأول ياسر استشهد على حاجز قلنديا وهو في الحادية عشرة، فيما استشهد سامر بعد أربعين يوماً وهو في سن الخامسة عشرة بالقرب من المقاطعة، لحظة حصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

ويقول ابن خاله، إسحاق الكسبة: "ترك محمد وصية بين أصدقائه بأن يُلفّ لحظة استشهاده بالعلم الفلسطيني بالرغم من انتمائه لحركة "فتح"، كونه كان يحب الوحدة الوطنية الفلسطينية، ويطالب فيها". ويضيف: "محمد كان محبوباً في المخيم، الجميع يحب أخلاقه ويحب أحلامه وصفاته".

محمد، المحبوب بين أصدقائه، كان قد عاد قبل عشرين يوماً من تأدية مناسك العمرة. أعدمت أحلامه مع رصاصات الضابط الإسرائيلي التي اخترقت جسده، ولن يعود مع بداية العام الدراسي الجديد ليرافق والده في عملهما معاً داخل "كنتين" في مدرسة المخيم، ولن يشارك والدته مخططاته للزواج والاستقرار العائلي، في الوقت الذي سيفتقد بقية أفراد العائلة ابتسامة كان يعلقها على جدران المنزل في أزقة المخيم وحاراته، قبل أن ينضم إلى شقيقيه.

اقرأ أيضاً: فلسطينيون يصلون أول جمعة رمضانية بالأقصى