محمد الكروج: يمكن للمغرب المساهمة في الأمن الغذائي العربي

29 يوليو 2015
المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية محمد الكروج (العربي الجديد)
+ الخط -
تحدّث المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية في المغرب محمد الكروج، عن حصيلة مخطط المغرب الأخضر لصالح الزراعة المغربية. وكشف عن مجموعة من الأرقام، والخطط لمواجهة التقلّبات المناخية والمشكلات الأخرى التي تحدّ من حجم الإنتاج الزراعي في الجهات المغربية 
وهنا نص المقابلة:

*ما هو مخطط "المغرب الأخضر"، وما هي أهدافه؟

أولاً، طريقة تقييم نتائج مخطط المغرب الأخضر وتأثيره على الفلاحين الصغار، يتم عبر جرد حصيلة البرامج والمشاريع التي تم إطلاقها داخل كل جهة من المغرب، ورصد تغيّر وضعية الفلاحين بعد الاستفادة من الدعم والتكوين وكذلك مأسسة نشاطهم الفلاحي.
أهداف المخطط الأخضر محددة في الزمان والمكان، وتخضع سنوياً لتقييم. وأودّ أن أشدد على أن الأرقام المعلنة برسم سنة 2015 تظهر أن المغرب تجاوز الأهداف المحددة لسنة 2020، سواء تعلق الأمر بالنسبة للفلاحين المستهدفين من البرنامج، والاستثمار المبرمج، والمساحة المعنية لتغطية النشاط الفلاحي أيضاً.
وحين نتحدث عن الفلاح الصغير فهذا يعني نسبة كبيرة من النشاط الفلاحي في المغرب، والمخطط الأخضر جاء بهدفين أساسيين، وهما الفلاحة العصرية ذات المردودية والناتج الخام المرتفع، واستراتيجية الفلاحين الصغار الذين لا يتوفّرون على إمكانية للاستثمار، وهؤلاء معنيون بالدرجة الأولى بأهداف وبرامج مخطط المغرب الأخضر.

*ماذا عن نتائج المخطط؟ وهل شكّل قيمة مضافة للفلاحين الصغار في المغرب؟
في ما يخص الاستراتيجية أو ما يصطلح عليه بـ"الدعامة الأولى" في المخطط، والتي تهم الفلاحين الكبار الخواص، هناك دعم من الدولة يصل حتى 10% من حجم الاستثمار، لكن هذا الدعم يؤطره "قانون التجميع"؛ أي العمل مع الفلاحين الصغار الذين يتوفرون على أراضٍ فلاحية صغيرة. وهذا القانون يساعدهم على تثمين منتوجهم عبر قاطرة القطاع الخاص، والذي يوفر لهذه الفئة إمكانية تجاوز صعوبات التمويل وإدخال التقنيات الحديثة وكذلك التسويق. ونحن نرى أن هذا الإجراء مشجع على النهوض بوضعية الفلاحين الصغار.

أما بالنسبة لـ"الدعامة الثانية"، والتي تخص بشكل مباشر الفلاحين الصغار، وتهم أساساً المتواجدين منهم في المناطق الصعبة (الجبلية، الصحراوية، والواحات)، هؤلاء وفّرنا لهم إمكانية مساهمة الدولة في استثماراتهم الفلاحية بنسب تراوح ما بين 80 و90%. ويمكن كذلك أن نستهدف منطقة معينة يعاني فيها الفلاحون من الصعوبات، ونوجههم ونساعدهم في اختيار نوع الغرس الذي يرغبون في الاستثمار فيه، وبعد ذلك نمنحهم المساعدات التقنية، ويرافقهم تقني زراعي خلال فترة إنجاز المشروع.
ووفرت "الدعامة الثانية" كذلك سهولة الوصول إلى مصادر المياه. والأهم هو تثمين المنتوج الخاص بالفلاحين الصغار، والذي يمر عبر وحدات تثمين تشيّدها الدولة، ويشرفون عليها بشكل مباشر.

*هل هناك أرقام ومؤشرات قياس ملموسة تؤكد نجاح ما ذكرتم من أهداف ومشاريع؟
للحديث عن الأرقام والمؤشرات يمكن طرح الأهداف التي سطرت بالنسبة لـ"الدعامة الثانية" حتى عام 2020. أنجزنا 542 مشروعاً، بما يعادل 99% من المشاريع المبرمجة. بالنسبة للاستثمار وصلت قيمته إلى 15 مليار درهم (ما يفوق 1.521 مليار دولار) أي أكثر من 84% من الأهداف الاستثمارية المتوقعة حتى عام 2020. على الرغم من أن الأهداف المسطرة كانت تلزمنا ببلوغ نسبة 60% بين سنة 2010 وسنة 2015.
أما في ما يخص عدد الفلاحين المستفيدين من المشاريع التي أطلقت فقط فقد وصل حتى حدود السنة الحالية إلى 771 ألفاً؛ أي ما يفوق 75% من أهداف المخطط، وفي ما يتعلق بالمساحة المعنية بالمخطط الأخضر وصلنا إلى 784 ألف هكتار. وبمقارنة حجم المساحات المستهدفة وعدد الفلاحين، ستلاحظون أن معدل الملكية لا يتجاوز هكتاراً وهكتاراً ونصف الهكتار إلى 3 هكتارات في أحسن الأحوال، أي أن مركز اهتمام مخطط المغرب الأخضر هو الفلاح الصغير.
مؤشر إضافي آخر نقوم به في وكالة التنمية الفلاحية، وهو صياغة تقارير شهرية تُرفع إلى وزير الفلاحة، يتم عبرها تقييم نتائج جميع المشاريع، وإدخال تحسينات على بعضها إن رصدنا الخلل في أحد العناصر، وجميع البيانات والتقارير تخضع لمعالجة وأرشفة رقمية تتيح المتابعة والاطلاع على جميع المشاريع من أي نقطة في المغرب.

*هناك انتقادات توجه لمشاريع مخطط المغرب الأخضر في المناطق الصحراوية، خاصة ما يتعلق بعدم ملاءمة المغروسات لخصوصية تلك المناطق، ما ردّك؟

الانتقادات بالنسبة لنا غير صحيحة. والدليل أن مخطط المغرب الأخضر وضع دليل اسمه "منهجية الدعامة الثانية"، وهو معتمد في مجموعة من الدول، منها تونس على سبيل المثال، بل تبنته "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة"، ويحدد الدليل مجموعة من عناصر مراعاة خصوصية كل منطقة، وذلك عبر القيام بدراسة تحدّد القدرات الطبيعية للمنطقة، خاصة حجم مواردها المائية، وعلى أساس ذلك يتم وضع برنامج مشاريع مقترح محلياً، ومصادق عليه من طرف لجان تقنية محلية، كما مر على أطر "المعهد الزراعي الوطني" الذين يحضرون اجتماعات اللجان المحلية.
ولا يمكن أن يكون هناك خطأ في اختيار أنواع الغرس، لأن مجموعة من الجهات تتدخل، من بينها "مديرية التكوين والتعليم"، و"المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية"، وكل هذه الأطراف معنيّة ومشاركة في دراسة المشاريع واختيارها قبل الشروع في تنفيذها.

*مقابل كل هذه البرامج يبقى الواقع أن الموسم الجيد في المغرب مرتبط بتساقطات مطرية مهمة، هل هذا يعني أن الزراعة رهينة المناخ في المملكة وليس الخطط؟

أتفق معك بنسبة 100% أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين التقلبات المناخية والإنتاج الزراعي في المغرب، وهذا ناتج عن أن 75% من الأراضي المغربية الصالحة للزراعة "بورية" (تعتمد على التساقطات المطرية بالدرجة الأولى).
ولكن هذه الإشكالية نحاول تجاوزها عبر برامج مهيكلة، من بينها "البرنامج الوطني لاستعمال الماء"، ويهدف في إطار برنامج المغرب الأخضر إلى إضافة 500 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة بصفر ميليمتر من التساقطات المطرية إضافية، أي دعم استعمال التقنيات المقتصدة للماء من 80% حتى 100%، وهذا قرار حكومي غايته الرفع من المساحة المروية للتخفيف من آثار الجفاف.
ثانياً هناك عمل كبير في ما يخص البحث العلمي، ويركز أساساً على الحبوب، والتي تزرع بكثرة في الأراضي "البورية"، ونعمل على أن يستعمل الفلاحون الأصناف التي تقاوم التقلبات المناخية الصعبة. بالإضافة إلى الاعتماد على الزرع المباشر الذي يحد من آثار تبخر مياه السقي.
بموازاة ذلك، لدينا برنامج الحد من الاحتباس الحراري، ونزرع سنوياً 13 مليون شجرة في إطار مخطط المغرب الأخضر. ونعمل في نفس الإطار مع "الصندوق البيئي العالمي"، والذي يتابع معنا برامج أطلقناها، واستطعنا من خلالها استقطاب دعم يفوق 225 مليون درهم (أكثر من 23 مليون دولار)، رصدت لمختلف الفاعلين في هذا الإطار، إضافة إلى استثمارات وطنية قيمتها تفوق 10 مليارات درهم (أكثر من مليار دولار).

ونحن نعرض على الفلاحين الصغار برامج متنوعة، تتضمن إما الحد من آثار التقلبات المناخية أو التأقلم معها. ما يسمح بالتقليص من آثار التقلبات المناخية على الإنتاجية.
كذلك، نشجع على اللجوء إلى التأمين الفلاحي، لكيلا يُجبر الفلاح بعد تكبد الخسائر جراء انحصار التساقطات المطرية أو بسبب عوامل مناخية أخرى، إلى التقليل من حجم الاستثمار.

*هل طرحتم عروضاً مناسبة ومشجعة للفلاحين الصغار؟
يمكن للفلاح الصغير أن يحصل على تأمين ضد الجفاء بـ26 درهماً (2.67 دولار) للهكتار. ويمكن أن تساهم الدول في الضمان بنسبة تصل إلى 90%. وهناك تأمين على مخاطر البرد على المنتوجات، ويستفيد كذلك من دعم الدولة.

*الفلاحون الصغار يواجهون دائماً إشكالات في التسويق. ما هو حجم الدعم والبرامج المرصودة لمواجهة هذا الموضوع؟

الجانب التسويقي حاضر بقوة في "الدعامة الثانية" خاصة بالنسبة للفلاحين الصغار والتعاونيات الفلاحية الصغيرة جداً. وأتفق أن هذا العنصر مهم جداً لتحسين ظروف استثمار وعيش الفلاحين الصغار.
ولأجل ذلك، أولاً نرافق الفلاحين الصغار في ما يخص مراحل ما بعد الزرع والحصاد، ونخضعهم لدورات تكوينية في تثمين المنتوج، حتى في ما يخص طرق تغليفه قبل وصوله إلى الأسواق. وأعطى مخطط المغرب الأخضر اهتماماً كبيراً للمنتوجات الفلاحية المحلية، خاصة في المناطق البعيدة، للرفع من دخل الفلاحين الذين ينتجون كميات زراعية قليلة وموسمية.
ووضعنا كذلك وحدات لتثمين المنتوجات الفلاحية في جميع مناطق المغرب تقريباً، يشرف عليها الفلاحون بأنفسهم، ويمكن تتبع نشاطها عبر خريطة وضعناها لأجل تقييم مسار ونتائج وحدات التثمين.
وقامت وزارة الفلاحية ببناء وحدات التثمين تتضمن جميع المقومات، من بينها التجميع والتخزين والتبريد وكذلك التعليب...
ومن بين التجارب ما قمنا به في مناطق الواحات الجنوبية لفائدة منتجي التمر، إذ تم تسليم 13 وحدة تبريد، و7 وحدات في طور الإنجاز، في انتظار الشروع في بناء 5 وحدات إضافية.

*تضع التقارير الدولية المغرب في خانة الدول المهددة بالجوع. هل كل هذه البرامج تضمن الأمن الغذائي مستقبلاً؟

أؤكد أن المغرب آمن غذائياً مستقبلاً. ونحن نعمل على رفع المناطق المروية، ووصلنا إلى مليون 600 ألف هكتار منها. ولدينا الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء والدواجن وجميع أصناف الخضر.
بل أخبركم ولأول مرة أن المغرب استضاف منذ فترة لقاءً تشاورياً مغلقاً مع مستثمرين عرب في المجال الفلاحي، كانت محاوره اتخاذ المغرب كقاعدة للاستثمار الزراعي، والولوج إلى الدول الأفريقية، إذ يمكن للمغرب أن يساهم بقوة في الأمن الغذائي العربي.

اقرأ أيضاً: وزير السياحة المغربي: نسعى للتوزيع العادل للثروة في السياحة
المساهمون