محرقة الغوطة الشرقية: دي ميستورا يحذّر من "حلب ثانية"

20 فبراير 2018
الحريري: التفاوض مستمر لتجنيب الغوطة مجزرة كبيرة (فرانس برس)
+ الخط -


في خضم المحرقة التي تتعرّض لها الغوطة الشرقية بريف دمشق، على يد النظام السوري وروسيا، طالب رئيس "الهيئة العليا للمفاوضات" التابعة للمعارضة السورية، نصر الحريري، اليوم الثلاثاء، مجلس الأمن باتخاذ خطوات حاسمة لإنقاذ المدنيين.

وفيما حذّر المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، من أن الغوطة قد تتحول إلى "حلب ثانية"، دانت فرنسا القصف، معتبرةً أنه يمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الإنساني الدولي، ودعت إلى هدنة إنسانية.

وأكد الحريري أن هناك رغبة من روسيا وإيران والنظام السوري لاقتحام الغوطة الشرقية، مبيناً أن "ما يحدث في الغوطة الشرقية هو جريمة حرب مسؤول عنها النظام وروسيا".

وأضاف، في مؤتمر صحافي من بروكسل، أن التفاوض مستمر لتجنيب الغوطة مجزرة كبيرة والكرة في الملعب الروسي، مشدداً على ضرورة تحرّك مجلس الأمن لاتخاذ خطوات حاسمة لإنقاذ المدنيين.

بدوره، قال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إن روسيا تؤكد رغبتها بنسف العملية السياسية بعد إعلانها تزويد قوات النظام بأسلحة متطورة لتنفيذ عملية عسكرية في غوطة العاصمة دمشق الشرقية المحاصرة.

وأضاف الائتلاف في بيان اليوم، أن ذلك يدل على نيتها تقويض الحل السياسي، لاستمرار التصعيد العسكري على المناطق السورية وعلى الأخص في الغوطة الشرقية بريف دمشق، بهدف دفن العملية السياسية وفق المرجعية الدولية.

وأشار البيان إلى أن الهجمة الحالية تمثل تصعيداً خطيراً، حيث شنت طائرات النظام والاحتلال الروسي أكثر من 70 غارة جوية، وألقت 25 برميلاً متفجراً، واستهدفت الأحياء السكنية بما يزيد على 150 صاروخ غراد و6 صواريخ من نوع فيل، بالإضافة إلى القصف المدفعي المستمر.

وأكد أن هذه التطورات "توضع أمام رعاة الحل السياسي الصامتين والمتفرجين، كما توضع أمام الدول التي تزعم دعمها للشعب السوري وصداقتها له، وتستوجب مواقف حقيقية فورية".

وبيّن أنه لولا الصمت الدولي المطبق وسكوت الدول الراعية للحل السياسي، لم تكن حرب الإبادة الجماعية ولا الاعتداء الهمجي ليقع على أهالي الغوطة.

وحمّل الائتلاف الوطني المجتمع الدولي النتائج المترتبة عن صمتهم وشللهم، وعلى رأس تلك النتائج تقويض الحل السياسي في سورية.

ودعا مجلس الأمن للتحرك المباشر والجاد لحماية 400 ألف مدني محاصرين منذ خمس سنوات في الغوطة الشرقية، والتصرف وفق مسؤوليته القانونية والسياسية والأخلاقية.

"حلب ثانية"

من جهته، قال ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، اليوم الثلاثاء، إن تصعيد القتال في الغوطة الشرقية السورية المحاصرة قد يجعلها "حلب ثانية".

وقال دي ميستورا لـ"رويترز"، عندما طُلب منه التعليق على الوضع هناك "يهدد ذلك بأن تصبح حلب ثانية. ونحن تعلمنا، كما أرجو، دروساً من ذلك".

من جهتها، دانت فرنسا قصف قوات النظام السوري منطقة الغوطة الشرقية، معتبرةً أنه يمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الإنساني الدولي، ودعت إلى هدنة إنسانية.

واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية في بيانٍ أن الهجمات "تستهدف عن عمد مناطق آهلة بالسكان وبنية أساسية مدنية، بما في ذلك منشآت طبية. وهذا يمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الإنساني الدولي".

وأشارت في بيانها إلى أن "هذه الأفعال يتحمل مسؤوليتها النظام السوري وكذلك روسيا وإيران، اللتان تقدمان الدعم له، وضمنتا، في إطار اتفاقات أستانة، وقفاً للأعمال العدائية يفترض أن ينطبق على الغوطة".


وارتفع عدد القتلى في غوطة دمشق الشرقية المحاصرة، جراء تواصل قصف قوات النظام وروسيا يوم الثلاثاء إلى 119، إضافة إلى مئات الجرحى، ليرتفع عدد القتلى خلال 24 ساعة إلى 229.

وقال الناشط الإعلامي، ياسر الدوماني لـ"العربي الجديد" إن 34 مدنياً قتلوا في منطقة المرج، فيما قتل 27 آخرون، في بلدة بيت سوى.

وأضاف أن القصف الذي استهدف مدينة عربين أدى إلى مقتل 11، بينما قتل 11 آخرون في مدينة سقبا، وتسعة في مدينة دوما القريبة.

كما أشار إلى مقتل ثمانية في بلدة زملكا، وسبعة في مسرابا، وخمسة في مدينة حمورية، إضافة إلى ثلاثة في عين ترما، وأربعة في بلدتي كفربطنا والأشعري.

وبيّن أن مئات الجرحى أصيبوا نتيجة القصف في حين استهدفت القذائف مستشفيات ونقاطاً طبية في الغوطة الشرقية، التي تحشد قوات النظام لاقتحامها.

وقالت "مديرية الصحة في دمشق وريفها" خروج عدة مستشفيات من الخدمة نتيجة القصف المكثف على مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية، نتيجة تعمد استهداف البنية الطبية وسيارات الإسعاف.

وأوضحت المديرية في بيان عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك" أن أحد العاملين في المجال الطبي قتل نتيجة القصف، مشيرة إلى نقص المواد الطبية بسبب الحصار المفروض منذ سنوات وعدم دخول الأدوية مع القوافل الأممية مؤخراً.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها حيال أمن وسلامة 400 ألف مدني محاصرين في الغوطة الشرقية من قبل قوات النظام السوري.

وحذّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، خلال مؤتمر صحافي في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، وفق ما أوردت "الأناضول"، من أنّ "سوء التغذية زاد بشدة، خصوصاً بين الأطفال في الغوطة الشرقية، والأمراض المعدية بدأت بالظهور".

ونبّه من الخطر الذي يحدق بسلامة 400 ألف مدني، جراء القصف الذي يطاول الغوطة الشرقية، مشيراً إلى توقف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة جرّاء الهجمات، في الوقت الذي تشهد فيه نقصاً في الغذاء.

وأضاف أن "هناك 69 شخصاً يعانون بشدة من سوء التغذية، في حين يواجه 127 طفلاً خطر الموت".

(العربي الجديد)