مدخل
لا أعرف بأي طريق
لكنني وصلت هاهنا
حتى هذا المكان الغريب
بلا بيوت ولا مناظر.
هذا المكان العاري
من الحجر حتى الروح
حيث يتكاثر العالم.
ربما تصل أنت أيضاً
متتبعاً هذا الطريق
في هذه الحياة الفائضة
بـ"النجاح" واليقينيات،
يجمعنا الخطأ فحسب
فالشعر مملكة
الخطائين.
■ ■ ■
قصيدة آناورغونيان
مثل شجرة الشمال الطائشة هذه
إذ تجهل اسمها
ولن تعرفه أبداً.
شجرة ظل شفيف
عُقدٌ متشابكة
تعاقِب الريح بلا صيف.
شجرة للقطع
بجذع عريض
حيث لم يستطع أي شخص رسم وشم قلبك.
شجرة تنمو وحيدة
بلا جذور الشجرة الأصلية
الواضحة والبعيدة.
شجرة لا يتوجّب عليها شيء
قد غسلت ذنوبها
وهو تحدّيها فحسب.
مثل هذه الشجرة أنت
وفي الحقيقة
هذا ما يُبجّل كل جَمال.
■ ■ ■
أكثر من هاوية
أعيش بين هاويتين
الصبر
الذي مشيته ربما طويلاً
ويتكئ على الجسر
ـ حفل المساء الوحيد ـ
لرؤية المياه وهي تجري،
و نفاذ الصبر العظيم
الذي أرغب في الاستمرار فيه في كل ساحل،
لكن ما يُرى وحسب: سيل أزرق
ومن الجسر يرتمي
حتى حضنك.
■ ■ ■
مظلات
(لذكرى ألبرتو رستريبو)
تحت مطر غريب لا يدعه يحترق
يسير هذا الرجل
لا أحد في البلاد
ربما في صباح ما
يميّزه من الغم الظاهري.
الكل يمضي بعجالة حتى هذا المكان
حيث أراد أن يصل مرّات عديدة.
اليوم لا
ذلك أنه يشتاق للتكرار فقط
مع مطر يتجاهله،
على الرغم من أنه يصعب عليه كثيراً الخروج عارياً
بعد أن علق الروح بالمقلوب.
في الفجر
الشحاذون يحيّون بعضهم أيضاً
الزنجي الذي ينام مع كلبه
يلقي تحية الصباح
ذلك الذي يدفع عربة الألواح
والذي سرق
يمنح برتقالة
لصاحب الربطة الجديدة التي كانت ذات يوم بلون أحمر.
اليوم، الضوء
يؤلم الأجنبي
يجلسون رعبه هنا
على العارضة الزرقاء
التي تعلن عن الصباح دائماً.
الأجنبي بالكاد ينطق
ـ المساواة
قبل الاختلاف.
الليالي ملحدة
والشمس تنيرنا بلطخاتها،
يتم توقير
الذين لا وقار لهم.
■ ■ ■
ثلوج
ليل قطبي متجمّد
بلا قلب
يتسلّق جذور نبات القيقب.
الحدائق الغوطية امتلأت
بشكل لم يحصل أبداً
بزهور فجر كبيرة
كل السماء سقطت
من القمر الخامس
في مساء "فار ويست" البطيء.
تنفضُ الأشجار العارية
الجزع المتجمد،
يستيقظ القمر
والقطارات تُصفّرُ
من عمق البرد.
والظل الوحيد لليل
هو الثلج اللامع
عليك أن تستمر بالصلاة
لكي تعاود السماء سقوطها.
تحت ذرة واحدة من الشمس
يذبلُ ثلج
نهديك
التفكير بك
وسيلتي الوحيدة
للبقاء على اليدين ساخنتين.
■ ■ ■
طبيعة حيّة
كل اليوم وأنت تشيد
وهذا لا يكفي
ينبغي أن تفتح عينيك
حتى لا يعميك كل هذا الهدم،
كل اليوم وأنت ترتق
هذا العدم الصلد.
دون أي منطق
يهذيان هذان الحذاءان الممزّقان
فوق مرعى أكتوبر
دون أن ألبسهما البتة
ويصدآن بنظرة واحدة.
تهذي الشمس الصلصالية
التي فقدت شظية
جذوة تاجها المحمض،
معلّقة بمساء
بين أربع نخلات.
تهذي
أعمال النجار التي بلا عد
جدائل الحائكة القصيرة
التي فكّكت خيوط العالم
لتعيد خلقه.
بلا تفسير
تهذي هذه العين
مع أنني لم أرَ بها شيئاً
حيث الإعصار يرسم غيوماً
ليست من ملح.
لقد قبلتُ بالسلام
معك ومع الكواكب
جسر مروحة قصيدة.
كل شيء سيتدمر
ودون شك
اليومُ أعتقدُ بما تعتقد به.
■ ■ ■
مديح النيوترون
(لـ خسوس سبولفيدا)
أحتفي بك
لأنه لا أحد في العالم
أصغر منك
ودون شك
تجتاز مجرات ضبابية ونجوماً
دون أي رد فعل مع أحد.
لأنه ما أن يكون هناك ضوء
فإنك تستطيع التحرك
أكثر بطئاً من الضوء
أو أن تستريح بلا حراك
مصححاً
نظرية الكون الساخن.
لأنه بفضلك
كان الماضي فحسب
بلازما مسخنة وليست رماداً،
كثافة البلازما
كان بلايين الأطنان
في السنتمتر المكعب الواحد.
لأنه لا أحد كان يعلم
قبل الآن
أنك كنت سبع وتسعون بالمائة
من كل شيء
مبقياً على الثلاثة بالمائة فقط لتتوزع
ما بين أولاد العاهرة وبقية البشر.
لأنه بفضلك
لا أحد يبتعد
عن أحد والكل يسعى للقاء
ولا يهم أن يكون ذلك
في شعلة متصلبة
لنقطة ملتهبة.
أحتفي بك
لأنك
أريج التشنج
مادة الحنين
أو هذا الشيء القليل من العدم
الذي تزين به عمتي حلوياتها.
الشكرُ للرب
أن العالم ليس متناهياً
مثل بيت شعري
مكون من مقاطع
يسهل عدّها،
كل العالم تسَعُه قصيدة ثُمانيّة.
* Víctor Rodríguez Núñez شاعر كوبي من مواليد هافانا عام 1955، وأحد أبرز الأسماء الشعرية في بلاده وفي اللغة الإسبانية اليوم.
** ترجمة عن الإسبانية: عبدالهادي سعدون