ما هي الخيارات المتاحة أمام الإنتاج الدرامي السوري؟

01 سبتمبر 2018
لجأت بعض الشركات إلى أعمال البيئة الشامية (فرانس برس)
+ الخط -
تبدو شركات إنتاج الدراما السورية في حالة تخبط مستمرة، بل تنحو باتجاه تصاعد واضح لأزمة باتت تهدد هذا القطاع الفني بكوادره وحتى ديمومة تقديمه لنتاج سوري خالص. فعلاوة على العناصر العربية التي خلخلت كفة الحضور السوري في هذه الأعمال، كانت مشكلة التسويق الأبرز واقعةً بين نارين: انغلاق السوق العربية أمام ما تنتجه الدراما السورية منذ بداية الثورة، وفشل الشركات في إيجاد السوق البديل الضامن لاستمرارية الإنتاج، وهذا ما غيّب وجود خطة إنتاجية وجعل أي مشروع درامي محتمل في مهب الريح.

دخول الخليج بأي ثمن

ما تزال القنوات الخليجية الهدف الأكبر لأي شركة إنتاج سورية، كون المال المعروض لشراء المسلسل، مهما كان بخساً، سيغطي تكاليف العمل على الأقل، ويضمن بيعه بعد ذلك لقنوات أخرى، نظراً للمنافسة العالية بين القنوات الخليجية على عكس القنوات السورية المحلية. وبعد عامين من التفاوض بين الفنانة أمل عرفة وقناة أبوظبي لشراء مسلسل "سايكو"، حيث كان مقرراً تأجيل المسلسل سنة ثانية كي يعرض في رمضان 2019، إلا أن أمل أعلنت بيع المسلسل لشركة إيمار الشام التي تقدم من خلالها عبر قناة "لنا" برنامجاً فنياً يحمل اسم "فيه أمل". وذلك لم يلغِ نية شركات سورية أخرى من البيع للخليج مهما كان الثمن، كـ"غولدن لاين" و"قبنض" و"كلاكيت"، وحتى إيمار الشام نفسها. فمسلسل "الحرملك" المتعثر منذ ثلاث سنوات وجد طريقه للنور بتعديل نصي شمل بنية العمل على أساس شراكة جديدة تعد الأولى من نوعها بين شركتين كبيرتين بهذا الحجم. أما "غولدن لاين" وكأنها تنتظر إعلان جميع الشركات المنافسة عن أعمالها كي تقرر إذا ما كانت فعلاً ستنجز جزءاً ثانياً من مسلسل "وردة شامية" أو تختار عملاً منافساً آخر يضمن لها وجوداً على خارطة القنوات الخليجية في رمضان القادم. في حين ما تزال الشركات الموالية للنظام تعاني في التسويق، لا سيما "سما الفن" و"سيريانا"، أما المنتج هاني العشي فيستعد للعودة للإنتاج الدرامي في ظل علاقاته القوية مع تلفزيون دبي، أما المنتج هلال أرناؤوط مدير شركة "إيبلا" فيبدو أنه اختار العبور للخليج من بوابة شركة "الصباح" التي تنتج له مسلسل "دقيقة صمت" في الخريف المقبل.

عند الضرورة تاريخي

الخيارات ليست كثيرة لدى المنتجين السوريين على صعيد النصوص المنتقاة للإنتاج، حيث لا يمكن إنجاز نص صادم داخل سورية بسبب الرقابة، وإذا ما أنجز في لبنان أو دولة مجاورة فلن يحظى بفرصة التسويق في الداخل على القنوات السورية، فضلاً عن الفشل في التسويق كما حدث مع "حلاوة روح"، و"قلم حمرة" و"غداً نلتقي". لذا تتجه الخيارات إلى الأعمال الشامية المطلوبة من قبل المعلنين، وتستثمر في هذا الإطار شركتا غولدن لاين وقبنض ومجموعة من الشركات المغمورة بشكل مبالغ فيه، فالتكلفة محدودة كون التصوير يجري ضمن البيوت الدمشقية الأثرية المتوفرة، وجزءٌ كبيرٌ من هذه الأعمال يعتمد على أسماء قليلة من النجوم فقط. فلا إزعاج للسلطة في دمشق حالها حال المسلسلات التاريخية التي قد تُنفذ داخل أو خارج سورية من دون أن تضع نقاطاً حمراء على كادر العمل. ليأتي خيار الأعمال المشتركة وسطياً كونه يقدم في بيئة قريبة من الجمهور السوري، مع توفر منتج لبناني أو عربي منصف لأجور ومكانة النجوم السوريين.
هي الخيارات تتبدل والسوق يفرض نفسه على النجوم كما المنتجين، وبالمحصلة على المناخ العام للإنتاج الدرامي في سورية، الذي حتى لو انغلق على السوق المحلي، لن يجد بعد القاعدة الإعلامية والتسويقية المناسبة لتحقيق الربح والاكتفاء بالعرض على شاشة سورية فقط.
المساهمون