لم يُعد يُنظر إلى نتاجات هؤلاء المبدعين في هذه المدينة وسواها من مدن المغرب بوصفها أعمالاً تعبّر عن نزعة استشراقية أو لا تنتمي إلى المكان الذي وُلدت فيه، حيث بدأت تبرز دراسات توثّق لحضور هذه الإبداعات وتجاورها مع ما ينتجه المغاربة في حالات عديدة.
في هذا السياق، يفتتح الفنان التشكيلي الإسباني المقيم في المغرب، مانويل كاستييرو (1976) معرضه "رحلة إلى المغرب" عند السادسة والنصف من مساء الجمعة المقبل، الأول من آذار/ مارس، في "رواق الفن المدينة" في طنجة، والذي يتواصل حتى الثاني والعشرين من الشهر نفسه.
المعرض يضمّ لوحات أنجزها الفنان المولود في مدينة قرطبة الإسبانية، وفيها يحوّل ارتباطه الجغرافي بالأندلس إلى هاجس فني يتتبع أثره في بلاده ثم يتوسع في البحثه عنه في السنوات الأخيرة صوب الضفة الجنوبية، حيث يتجاوز أثره المعمار إلى الذاكرات والتمثلات النفسية.
في تقديمه للمعرض يستعيد كاستيرو مقولة للفنان الفرنسي أوجين ديلاكروا (1798 – 1863)، وهو من أوائل الفنانين الغربيين الذي أقاموا في المغرب، التي يدوّن فيها "جئت الآن إلى طنجة، لقد سافرت للتو إلى المدينة. أنا في هذه اللحظة مثل رجل يحلم ويرى أشياء يخشى أن يراها تهرب منه"، ويبدو أن كلّ فنان أوروبي زارها استرجع تجربته الخاصة وعبّر عن نفسه بطريقته الخاصة.
يُذكر أن كاسييرو من الأسماء التشكيلية الإسبانية التي دخلت المشهد الفني مع بداية الألفية الجارية بعد أن تخرّج من "مدرسة الفنون التطبيقية والمهن الفنية" في قرطبة، وقد عُرف لسنوات بحفره الفني في المعمار، من خلال مجموعة معارض اهتم فيها بإبراز الجذور الفنية لمعالم شهيرة في المدن الإسبانية؛ جذور قوطية ورومانية وسلتية، وطبعاً عربية.