مافيات عراقية مرتبطة بالسلطة تتلاعب بالعملة وتحقق الثروات

09 اغسطس 2016
تبديل العملات في الشارع (صباح أرار/ فرانس برس)
+ الخط -
تحقّق شركات الصرافة التي يقودها، وفق ما يقول متابعون للملف بينهم برلمانيون، عدد من السياسيين ورجال الأعمال المقربين من الأحزاب الحاكمة، أرباحاً هائلة من بيع الدولار بسعر غير رسمي للمواطنين في السوق. وتبيع شركات الصرافة الدولار الواحد للمواطنين بـ1287 ديناراً، بينما يلزمها البنك المركزي ببيعه بـ1195 ديناراً لأنها تشتريه من مزاد العملة الذي ينظمه البنك المركزي يومياً بـ1182 ديناراً. 

يقول أحد العاملين في الصرافة في بغداد، همام هاشم، لـ"العربي الجديد"، إن "الفرق بين سعر
الدولار الرسمي وغير الرسمي مسؤول عنه عدد كبير من التجار المرتبطين بالسياسيين، إذ يحققون ربحاً كبيراً في المليون دولار الواحد يقدّر بـ88 ألف دولار إذا باعوه داخل العراق، وهذه العملية تجري يومياً"، مشيراً إلى أن "البنك المركزي يبيع يومياً أكثر من مائة مليون دولار بهدف تغطية الاستيراد".

ويضيف أن "هذه الأموال تهرّب إلى خارج العراق ويجري بيعها هناك، حيث تحقق أرباحاً أكثر من الداخل"، لافتاً إلى أن "أغلب المصارف الخاصة وشركات الصرافة مسؤولة عن عملية تهريب العملة التي يتم شراؤها من مزاد العملة الذي ينظمه البنك المركزي".

ويلفت إلى أن "العراقيين يتعاملون اليوم بالدولار، لأن أغلب البضائع في الأسواق مستوردة"، مؤكداً أن "المضاربين ينتظرون أي مشكلة تحدث في البلاد من أجل زيادة سعر بيع الدولار، وفي بعض الأحيان يقومون ببث الإشاعات بهدف جني الأرباح".

ولجأ البنك المركزي أخيراً إلى إدخال المصارف الحكومية إلى مزاد العملة الخاص ببيع الدولار، والذي ينظمه يومياً من أجل السيطرة على سعر الدولار في السوق، ولكن كل محاولاته باءت بالفشل، وذلك لعدم سيطرته على الشركات التي يبلغ عددها أكثر من ألفي شركة، بعضها غير مجاز، وفقاً لعدد من خبراء المال والاقتصاد.
من جهة أخرى، يؤكد الخبير المالي ماجد الصوري، لـ"العربي الجديد"، أن "الفرق بين السعر الرسمي وغير الرسمي للدولار ناجم عن ارتفاع الطلب وقلة العرض، وهذا بسبب الجشع الكبير لبعض الزبائن، وخصوصاً شركات الصرافة التي لا تخضع لتعليمات البنك المركزي".

ويوضح الصوري، الذي كان عضو مجلس إدارة البنك المركزي، ممثلاً لرابطة المصارف الخاصة، أن "البنك المركزي اتخذ إجراءات عدة لمواجهة سعر الدولار غير الرسمي، منها الاتفاق مع المصارف الحكومية على إنشاء شركة صرافة لبيع الدولار ومنافسة الشركات الأهلية".

ويلفت إلى أن "زيادة سعر الدولار تؤثر كثيراً على العمليات الاقتصادية للشركات والأفراد، وتؤدي إلى زيادة الكلفة التي تنعكس على العملية الاستهلاكية، وكذلك على الخدمات المقدمة إلى المواطنين".


إلى ذلك، يوضح رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، ضرغام محمد علي، لـ"العربي الجديد"، أن "ارتفاع سعر الدولار غير الرسمي يعود إلى قدرة قنوات بيع الدولار المتمثلة بمصارف وشركات صرافة على احتكار الدولار وإنشاء لوبيات للتحكم بسعر صرفه رغم الرقابة من قبل البنك المركزي، بالإضافة إلى تحديد كميات الدولار المباعة من قبل البنك المركزي العراقي في ظل تراجع عائدات الدولار واحتياطي العملة الأجنبية".

ويضيف أن "السوق العراقية سوق استهلاكية لتصريف بضائع الدول الأخرى التي تبيع بضائعها بالدولار، فارتفاع سعر الصرف سيؤثر على الأسعار، حيث ترتفع كلفة السلع والبضائع مع ارتفاع سعر صرف الدولار، وهو ما يخلق هزات تضخمية ناتجة من عوامل خارجية".

في السياق نفسه، يقول الباحث الاقتصادي، سجاد عواد، لـ"العربي الجديد"، إن "عدداً من شركات الصرافة، يبلغ وفق التقارير الاقتصادية الحكومية، أكثر من ألفي شركة، منها شركات غير رسمية، تقوم بعملية سلب المواطن عبر بيع الدولار بفرق كبير جداً يبلغ تسعة آلاف دينار في المائة دولار"، مضيفاً أن "السياسة النقدية للبنك المركزي تحتوي على مشاكل كثيرة، وهو غير مسيطر على السوق".
المساهمون