ماذا ستقول للرئيس؟

ترددت هذه الجملة على أسماعنا جميعا، أسمعها منذ الصغر على لسان أبي والأشخاص في الاماكن العامة.
 "ياااااااااه لو أقابل الريس" .. هل فكرت بهذه العبارة، وما محتواها، فكر بالأمر ولو قليلاً، ما متطلباتك من الرئيس، وماذا ستقول له إذا قابلته؟ هل يتطلب الأمر أن تتحدث بطبيعتك فيمل منك الرئيس، لاعتياده على الكلام المنسق، أم ستنظم كلامك قبل أن تتحدث إليه؟ هل يتطلب الأمر أن تكون على طبيعتك، أم تحتاج إلى نوع من التصنع؟ هل سيتاح لك أن تحدثه مباشرةً لتخبره بما تريد؟ أم أن الأمر يحتاج إلى معاناة كثيرة؟ أم أن الأمر سهل، لتخبره بما تريد.
يحضرني لقاء القطان بالرئيس الأسبق حسني مبارك في المسجد النبوي، عندما التقى القطان ووجده أمامه، فقال بشكل عفوي "يا ريس اتق الله، واحكم بما أنزل الله". بعدها بدقائق، وجد الحراس يلتفون حوله، وقاموا بتفتيشه، ونقل الي مقر الأمن في جدة، وتم ترحيله إلى مصر، ووجد نفسه في مقر أمن الدولة في "لاظوغلي"، فسجن 15عاما لنطقه بتلك الجملة.
في الوقت نفسه، قيلت تلك الجملة للخليفة، عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، اتق الله يا أمير المؤمنين.  قام أمير المؤمنين، فقال له رجل في غضب: اتق الله يا أمير المؤمنين.  فقال رجل من القوم: أتقول لأمير المؤمنين اتق الله. فقال عمر، رضى الله عنه: دعه فليقلها لي. نعم ما قال. ولا خير فيكم، إذا لم تقولوها لنا، ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم.
هل يحتاج الأمر لحساب الكلمات، قبل التفوه بها، فما بالك لو أخبرت الرئيس أن حكومته تسرق الشعب، أن الشارع المصري في حالة من الغليان المستمرة من ارتفاع الأسعار، وانخفاض الأجور وارتفاع نسبة البطالة وانقطاع الكهرباء بشكل مستمر، وناس مرمية على الرصيف في كل مكان، ومستشفيات من دون علاج، والمدارس والجامعات بدون تعليم، عن الاراضي والمساحات الزراعية والزحف العمراني عليها من دون قيود، متى سيصل كلام هؤلاء إلى الرئيس، من الرؤساء يعشقون سماع ديباجة، وأغلبها كلام معسول.
ماذا سيخبره المواطن حقاً؟ هل يعلم الرئيس ذلك كله، أم يحتاج من يخبره، وبما أننا على أعتاب انتخابات رئاسيه في مصر، وإن كانت شبه انتخابات، وبما أن الرئيس القادم كلنا نعرفه، وهو عارف نفسه، هل يعلم بهذه الأمور، أم أن هذه الأمور تؤذي مؤسسات الدولة؟