رمضان.. صيامٌ بطعم الدم

شهر رمضان ذو مكانة مميّزة لدى المسلمين في مختلف دول العالم، فهو للصوم والتقرّب إلى الله، وإعلاء الإخاء والمودة في ما بينهم. فهو صيام عن المعاصي والطعام والشراب، من الفجر وحتى غروب الشمس، كما أمرهم الله تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر".
 
يحتفل المسلمون بقدوم هذا الشهر الكريم، وإن اختلفت عاداتهم، يتّحدون في عبادتهم، ويستقبلون الشهر الكريم بالفرحة والبهجة، وترقّب الهلال، وتهيئة المساجد، وانتشار التهنئة بقدومه، في ما بينهم. يحتفل المصريون بتعليق الزينات والفوانيس في شوارع المحروسة، وكذلك بأطعمته ومشاريبه المختلفة من العرقسوس والكنافة والقطايف، وكذلك انتشار العزومات في ما بينهم. وكذلك الفلسطينيون يشتهرون بالقطايف والتمر الهندي والمكسرات وأنواع مختلفة من المخللات. وفي بلاد الخليج، يقيمون الموائد، واشتهروا بالثريد والهريس، وباكستان تشتهر بالسمبوسة والباكورة والزلابيا، والوجبة الرئيسية عندهم السحور.
ولكل بلد تقاليدها المختلفة، ويتفرّغ المسلمون للعبادة في هذا الشهر الكريم، والارتياد على المساجد لأداء الصلوات، وخصوصاً صلاة التراويح وقراءة القرآن الكريم.
 لكن رمضان هذا العام صيام بطعم الدماء، فأصبحت دماء المسلمين منتشرة في مختلف البلدان. ففي مصر التي اشتهرت "باللمّة" في هذا الشهر، لا يوجد منزل يخلو من شهيد أو معتقل أو مفقود. وفي الأيام القليلة الماضية، تنوعت الأخبار بين الاستشهاد والاعتقال للشباب من المسيرات والفاعليات التي تقام من جماعة الإخوان المسلمين، ومن هم ضد العسكر ضد السلطة الحاكمة في مصر.
 
وكذلك الحال بفلسطين، لا يختلف عن مصر، فالغارات الإسرائيلية والمواجهات التي يشهدها قطاع غزة، واستشهاد عشرات الشباب والأطفال ومئات الجرحى، وما يفعله العدو الصهيوني ليس بعيداً عن أذهان الجميع، فلا تجد سوى الصمت من السلطات، العربية أو الغربية.
وكذلك عمليات الإبادة الجماعية والمجازر التي ترتكبها الميليشيات بالمسلمين في أفريقيا الوسطى ليست بعيدة.
والصراع بين الحوثيين والجيش اليمني، والذي أدى إلى إصابة المئات، وتناثر الجثث في مدينة عمران. ونزوح آلاف من السوريين من منازلهم، بسبب الحرب التي يقودها بشار الأسد ضد المعارضة، وما يستخدمه من أساليب وحشية في التعامل مع المعارضة، واستخدام الأسلحة الثقيلة، فكم من أسرة فقدت أبناءها وعائليها في تلك الصراعات. والقتال الدائر في العاصمة الليبية طرابلس، فعلى الرغم من المحاولات من أجل إنجاح العملية السياسية في ليبيا، إلا أن هناك صراعات عديدة بين قوات خليفة حفتر والقوات الليبية. وكذلك الصراع في العراق بين داعش والجيش العراقي، ما بين تدمير للأضرحة وإعلان الدولة الإسلامية بقيادة داعش.
كل هذه الصراعات والأزمات التي تعيشها الأمة الاسلامية في شهر رمضان الكريم جعلته صياماً ممزوجاً بدماء المسلمين في مناطق عدة من العالم!