29 سبتمبر 2017
ليس باسمنا
لماذا يحدث الضجيج، عندما يقف كتّابٌ أو مبدعون إلى جانب الطغاة، ولا يحدث هذا الضجيج عندما يتخذ سياسيون، مهما بلغ انحدارهم الأخلاقي، الموقف نفسه؟ ليس السؤال مطروحاً في مجتمعاتنا فقط. طُرح في مجتمعات كثيرة في أميركا اللاتينية وآسيا، ودول أوروبية، شرقية خصوصاً، إبّان مرحلة امبراطورية الاتحاد السوفييتي. حتى عندما لا يكون للكتّاب قيمة أدبية تُذكر، يظل الضجيج قابلاً للحدوث، ذلك لأن للأدب والإبداع الفني قيمة عليا في ضمائر الناس، ولهما تأثير عظيم في عقولهم، وتشكيل وعيهم الإنساني والسياسي. ولذا، من يمثلون الأدب والفنون يضعهم الناس في مكان أثير من وجدانهم، فتراهم يُصابون بالخيبة والأسى، عندما يتخذ هؤلاء الممثلون مواقف صادمة إلى جانب الظلم والاستعباد، أو يلوذون بالصمت، أو تراهم في لحظة تماهي الممثلين مع ما يحمله وجدانهم من قيم سامية حول الحرية والعدالة والمساواة، يضعونهم في مرتبة الأبطال المحبوبين. كلّ هذا يجعل للأدب والفن قيمةً تقترب من المطارح العزيزة في الروح الإنسانية، مطارحها الأصيلة حين يكون الأدب والفن قريبين من ألم الإنسان وعذاباته، ومعبرين عن طموحاته في التحرّر والانعتاق، نحو فضاء رحب من العدالة والسلام.
حدث، أخيراً، هذا الضجيج في بلادنا، عندما زار وفدٌ من اتحاد الكتاب الفلسطينيين في رام الله، برئاسة الأمين العام دمشق، والتقى نائب بشار الأسد الدكتورة نجاح العطار، في وقت وصلت فيه مأساة الشعب السوري وسفك دمه بصواريخ هذا الرئيس، وداعميه الروس، إلى ذروة التوحش والإجرام. الوفد مؤلف من الأمين العام مراد السوداني وعضو الأمانة العامة وليد أبو بكر وعضو آخر مقيم في عمان هو رشاد أبو شاور ورافقهما في اللقاء الرسمي خالد أبو خالد المقيم في دمشق. ولو استثنينا أبو شاور، المعروف روائياً، كونه عاش المرحلة الفلسطينية البيروتية، حيث استفاد كلّ من هبّ ودبّ في الكتابة من حضور منظمة التحرير وشبكة علاقاتها الدولية، وخصوصاً مع المعسكر السوفييتي الذي استخدم حركات التحرر في العالم الثالث أداة حمقاء لمصلحته في حربه الباردة مع المعسكر الإمبريالي، فأغدق على الفلسطينيين مساعداتٍ ودوراتٍ عسكريةٍ ومنحاً دراسية وإقامات ترفيهية للكوادر والأمناء العامين، وترجمات لأدبهم، بغض النظر عن قيمته، كونه يقع تحت تصنيف الواقعية الاشتراكية المضجرة حد ذبح الأدب الحقيقي. أما بقية أعضاء الوفد فلم يسمع بهم حتى جيرانهم في رام الله، وليد أبو بكر الذي أمضى عمره، حتى شيخوخته، في الكويت صحافياً. ومراد السوداني مدّاح قاتل بعثي آخر، هو صدام حسين. وخالد أبو خالد الذي لم يكتب شعراً له قيمة غير القصائد التحريضية الركيكة على إثر أحداث أيلول 1970 في الأردن.
إذا كان كلّ هؤلاء، ومن آزروهم من كتاب مقيمين في دمشق وعمان ورام الله، بهذا التهافت الأدبي، فلماذا حدث الضجيج إذن؟ كلّفوا أنفسهم وسطوا على تمثيل الكتّاب الفلسطينيين كافةً، وقاموا بهذه الزيارة باسم كتاب فلسطين إذا اعتبرنا الأمور قانونياً، فهل يمثل هذا الوفد كتابنا، إبداعياً ونقابياً؟ كيف يمكن لمن يزعم كتابة الأدب والشعر أن يكون لديه ترف القعود إلى القتلة في قصر تصل إليه أصداء دماء الأطفال في حلب، فتغلق الأرواح على قدر الموت المتوحش؟ كيف يمكنهم الانشغال بتوحيد اتحاد الكتاب الفلسطيني، وأصوات الموت تملأ سماء سورية. الحرية من مكونات العدالة، ومن يسع إلى العدالة لشعبه لا يدير ظهره لحرية شعبٍ آخر. وليذهب الاتحاد إلى الجحيم، ولا يكون الثمن تجميل وجه الطغاة، باسم فلسطين وكتابها.
حدث، أخيراً، هذا الضجيج في بلادنا، عندما زار وفدٌ من اتحاد الكتاب الفلسطينيين في رام الله، برئاسة الأمين العام دمشق، والتقى نائب بشار الأسد الدكتورة نجاح العطار، في وقت وصلت فيه مأساة الشعب السوري وسفك دمه بصواريخ هذا الرئيس، وداعميه الروس، إلى ذروة التوحش والإجرام. الوفد مؤلف من الأمين العام مراد السوداني وعضو الأمانة العامة وليد أبو بكر وعضو آخر مقيم في عمان هو رشاد أبو شاور ورافقهما في اللقاء الرسمي خالد أبو خالد المقيم في دمشق. ولو استثنينا أبو شاور، المعروف روائياً، كونه عاش المرحلة الفلسطينية البيروتية، حيث استفاد كلّ من هبّ ودبّ في الكتابة من حضور منظمة التحرير وشبكة علاقاتها الدولية، وخصوصاً مع المعسكر السوفييتي الذي استخدم حركات التحرر في العالم الثالث أداة حمقاء لمصلحته في حربه الباردة مع المعسكر الإمبريالي، فأغدق على الفلسطينيين مساعداتٍ ودوراتٍ عسكريةٍ ومنحاً دراسية وإقامات ترفيهية للكوادر والأمناء العامين، وترجمات لأدبهم، بغض النظر عن قيمته، كونه يقع تحت تصنيف الواقعية الاشتراكية المضجرة حد ذبح الأدب الحقيقي. أما بقية أعضاء الوفد فلم يسمع بهم حتى جيرانهم في رام الله، وليد أبو بكر الذي أمضى عمره، حتى شيخوخته، في الكويت صحافياً. ومراد السوداني مدّاح قاتل بعثي آخر، هو صدام حسين. وخالد أبو خالد الذي لم يكتب شعراً له قيمة غير القصائد التحريضية الركيكة على إثر أحداث أيلول 1970 في الأردن.
إذا كان كلّ هؤلاء، ومن آزروهم من كتاب مقيمين في دمشق وعمان ورام الله، بهذا التهافت الأدبي، فلماذا حدث الضجيج إذن؟ كلّفوا أنفسهم وسطوا على تمثيل الكتّاب الفلسطينيين كافةً، وقاموا بهذه الزيارة باسم كتاب فلسطين إذا اعتبرنا الأمور قانونياً، فهل يمثل هذا الوفد كتابنا، إبداعياً ونقابياً؟ كيف يمكن لمن يزعم كتابة الأدب والشعر أن يكون لديه ترف القعود إلى القتلة في قصر تصل إليه أصداء دماء الأطفال في حلب، فتغلق الأرواح على قدر الموت المتوحش؟ كيف يمكنهم الانشغال بتوحيد اتحاد الكتاب الفلسطيني، وأصوات الموت تملأ سماء سورية. الحرية من مكونات العدالة، ومن يسع إلى العدالة لشعبه لا يدير ظهره لحرية شعبٍ آخر. وليذهب الاتحاد إلى الجحيم، ولا يكون الثمن تجميل وجه الطغاة، باسم فلسطين وكتابها.