ليبيا: حفتر يستمر في خرق وقف إطلاق النار رغم الهدنة الإنسانية

23 مارس 2020
قناعة أممية بعدم تجاوب حفتر مع الهدنة(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من أن الحديث في ليبيا تطغى عليه جهود السلطات السياسية المنقسمة لمواجهة وباء كورونا العالمي، إلا أن خروقات قرار وقف إطلاق النار الأممي لا تزال مستمرة، وسط تبادل الاتهامات بين طرفي القتال، على الرغم من ترحيبهما بالدعوات الدولية لوقف القتال من أجل "هدنة إنسانية" تمكّن السلطات المحلية من الاستمرار في الاستعدادات لمنع تسرب فيروس كورونا الجديد.

ومنذ الخميس الماضي، قُتل خمسة مدنيين، بينهم أربع فتيات، وأصيب سبعة آخرون، من بينهم ثلاثة أطفال، بحسب بيانات وزارة الصحة بحكومة الوفاق، فيما أكدت عملية "بركان الغضب" التابعة للحكومة أيضاً، تعرض أحياء عين زاره والسواني والمدينة القديمة لأضرار مختلفة بسبب تساقط قذائف عشوائية.

في غضون ذلك، قالت مصادر ليبية مقرّبة من الحكومة في طرابلس، وأخرى برلمانية من طبرق، إن عدداً من السفراء جدّدوا مطالباتهم بوقف القتال بشكل فوري ونهائي في جنوب طرابلس، في اتصالات أجروها مع طرفي القتال.

وكشفت شهادات المصادر المتطابقة عن وجود قناعة لدى البعثة الأممية التي تراقب الأوضاع في ليبيا بعدم تجاوب حفتر مع "الهدنة الإنسانية"، وإصراره على الاستمرار في القتال، على الرغم من الصعوبات التي يعانيها بسبب انشغال داعميه الإقليميين في آثار الوباء العالمي في بلدانهم.

وفيما تبدو الحكومة في طرابلس مشغولة تماماً بمتابعة خططها لمواجهة الفيروس الجديد، وإيصال الدعم الصحي اللازم إلى المراكز الصحية في كلّ البلاد، بما فيها شرق ليبيا، أكد المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، عبد المالك المدني، استعداد قوات الحكومة لصدّ أي تقدم، مشيراً إلى فشل كل محاولات حفتر للتقدم حتى الآن.

في المقابل، ما زال جانب حفتر يلقي بالمسؤولية على قوات الحكومة، متهماً إياها بأنها من تقصف الأحياء المدنية، وأنها من تبادر إلى محاولات التقدم من جانبها، كما جاء على لسان آمر إدارة التوجيه المعنوي بقيادة قوات حفتر خالد المحجوب، في حديث لتلفزيون عربي موالٍ لحفتر ليل أمس الأحد.

ولا تساعد الأوضاع الميدانية على إحراز أي نصر عسكري، ولو كان نسبياً، بحسب الخبير الأمني الليبي الصيد عبد الحفيظ، مشيراً إلى عوامل أخرى قد تضاعف من الآثار الإنسانية في حال اشتعال الجبهات. وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "قرار فرض حظر التجول والإبقاء على المواطنين في منازلهم يمكن أن يزيد من الخسائر البشرية التي قد تكون كارثية في حال تساقط القذائف على منازلهم"، مؤكداً أنه لم يطرأ أي جديد على الأوضاع العسكرية في محاور القتال، يمكّن أياً من الطرفين من التقدم.

وأضاف أن "المعطيات العالمية التي تتجه إلى الاهتمام بالجانب الإنساني حالياً، لن تقبل بسقوط ضحايا مدنيين أو بحدوث اشتباكات داخل أحياء سكنية جديدة في حال تقدم حفتر".
وأعلنت عملية "بركان الغضب"، على صفحتها الرسمية في "فيسبوك" ليل أمس الأحد، ضبطها سفينة تنقل وقود الطيران إلى مليشيات خليفة حفتر.

وقال قائد المحور القتالي البحري في عملية بركان الغضب، العميد رضا عيسى، في بيان له ليل البارحة، إن حرس السواحل وأمن الموانئ التابع لقوات حكومة الوفاق ضبطوا سفينة ترفع علم ليبيريا في عرض البحر.

وبينما أكد عيسى أنها تحمل شحنة وقود طيران لقوات حفتر، قال إن نتائج التحقيقات ستنشر فور اكتمالها.


وجدّدت المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، اليوم الاثنين، إثر ضبط السفينة، استنكارها لعمليات الاستيراد غير الشرعية التي تنفذها الحكومة الموازية في شرق البلاد لوقود الطيران من دولة الإمارات لقوات حفتر. وقالت إنه "بموجب القانون الليبي، فإن هذه الشحنة غير قانونية لأنها لم تحظَ بتصريح من المؤسسة"، مشيرة إلى أن السلطات في شرق ليبيا تحاول تبرير استيراد الوقود من الإمارات بادعائها أن المؤسسة الوطنية للنفط تمارس التمييز ضد سكان المنطقة الشرقية من طريق خفض إمدادات الوقود".
ونفت المؤسسة التبرير، مؤكدة أنها لم تخفض الإمدادات إلى المنطقة الشرقية، لكن الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، يلفت إلى أن بيان المؤسسة لم يتنبه في ما يبدو إلى أن الشحنة تتعلق بوقود الطيران. وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "السفينة المضبوطة بحمولة وقود طيران مؤشر جديد وواضح على عدم نية حفتر الانصياع لقرارات وقف إطلاق النار، ولو لدواعٍ إنسانية".

وفي الوقت نفسه، يلفت الأطرش إلى أن المعلومات عن حقيقة الأوضاع في محاور القتال لم تعد واضحة، وأن كلا الطرفين يمكن أن يكونا قد تورطا في خروقات عدة.

وكانت حكومة الوفاق وقيادة قوات حفتر قد رحبتا بالدعوة إلى وقف القتال في إطار "هدنة انسانية"، لكنّ كلاً منهما اتهم الآخر بعدم الجدية في التوقف عن القتال.