لم أعد أفهم ما الذي تتيحه لي الكتابة!

24 فبراير 2020
+ الخط -
لم أعد أفهم ما الذي تتيحه لي الكتابة، فهي ببساطة لا تتيح لي شيئاً، بل وتسلبني عالمي. عالمي المكتظ بالأشياء التافهة والجميلة في آن. إنها مهمة بغيضة؛ أن تكتب رغماً عنك، في ظروف مفاجئة كأنك في المخاض، وعليك أن تلد وتقطع حبل المشيمة وتغسل المولود وتدفئه وتهتم به، فتكون الوالدة والممرضة والمولود كذلك. وقد لا يعجبك النص فتمزقه ويموت الصغير في المهد.

أن تكتب مرغماً شيء لا يطاق، لذلك قررت -دون أن أدرك- أن أتحدى هذه المهمة وأتوقف عنها. لأنها مزعجة جداً ومحبطة جداً وغير مبالية بأي نوع من الظروف المملة المحيطة بي، وإن كان هذا الظرف هو انزعاج أمي من كتابتي فور استيقاظي.

إنني لا أتفهم السبب الذي يجعل هذا الإلهام أو الإيحاء يظهر فجأة في أسوأ الأوقات، كأن أكون أتألم من مرض أو أني خلال استحمام طويل. ولا تستحي أبداً من الظهور بيني وبين أمي الغاضبة من تأخري في الجلي، أو حين أشرع في الصلاة، كما لو أنها الشيء الوحيد الذي يهمني حينئذ! أو أن تقطع حبل التأمل النادر في حياتي القصيرة. أو خلال محاضرة النقد فتجعلني أتخيل الأستاذ شخصية هزلية.

هي تمارس كل الدلال الممكن فتظهر فجأة وتعرض علي حبل أنشوطة، ولي الخيار أن أضعه حول رقبتي أو أن أرفضه. لكنه خيار كاذب، فأي حرف أو بداية تنهيدة أو مشروع نظرة تشي بالرفض تحول الحبل إلى سوط من الندم.

هكذا بالضبط تمضي أيامي منذ ما يقارب ستة أشهر، ولا شيء يجعلني أتحمل سوى الرسائل التي أخطها وسخطي من حين لآخر. هي مدللة، بحيث يصعب على فتاة مزاجية لن تعرف ما الذي يناسبها أبداً تحملها. لكن إيماني بأنها لن تتركني في سلام أبداً يطمئنني، وإن كانت طمأنة ساخرة.
دلالات