كلفة الجريمة.. الانفلات الأمني يرهق الاقتصادات العربية بالأعباء

14 أكتوبر 2015
تكلفة العنف مرتفعة جداً (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
أمام حالة الانفلات الأمني الذي تعيشه أكثر من دولة عربية، وبفعل انتشار مظاهر الجريمة المنظمة، التي كانت إلى وقت قريب غائبة تماماً عن يوميات المنطقة العربية، ارتفعت كلفة مواجهة الجرائم في الدول العربية، وارتفعت معها مصاريف الدولة، ومصاريف الشركات والأفراد على مختلف وسائل الإحساس بالأمن والأمان، سواء داخل محلات العمل والسكن، أو خارجه في الأحياء والطرقات.

وحسب تقرير صدر أخيرا عن مرصد "مؤشر السلام العالمي"، فإن مجموعة من الدول العربية باتت تتصدر قائمة العشر دول التي تعرف انتشاراً واسعاً لـ "معدلات القتل وانتشار الجريمة بمختلف أنواعها وغيرها من مظاهر الانفلات الأمني". حيث تحتل سورية حسب نفس المؤشر المرتبة الأولى عالمياً من حيث كلفة العنف نسبة إلى الناتج المحلي، يليها العراق في المرتبة الثالثة عالمياً، ثم السودان في المرتبة السابعة عالمياً، وذكر التقرير ذاته أن الصراعات المسلحة والانفلات الأمني الذي تشهده سورية منذ العام 2011 يكلف العالم نحو 14.3 مليار دولار سنوياً من دخله الإجمالي.

وتحتل باقي الدول العربية في معدلات الجريمة حسب الخارطة التفاعلية التي طرحها "مؤشر السلام العالمي"، مراكز متقدمة من ضمن 162 دولة حول العالم شملتها إحصاءات الخريطة.
وحسب التقرير ذاته، وصل حجم الإنفاق في مجموعة من الدول العربية بسبب الانفلات الأمني والصراعات المسلحة إلى مستويات عالية، وسجل مؤشر "السلام العالمي" أن 15% من خسائر الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا جاء بسبب وضع البلاد الأمني الداخلي، وما يعادل 30% بالنسبة للعراق، و42% بالنسبة لسورية خلال العام 2014.

ووضع "مؤشر السلام العالمي"، قياس نسبة "الإحساس بانتشار الجريمة في الدول العربية" بحساب المؤشر على معدل خمسة، حيث جاء كل من ليبيا والعراق وسورية بمعدل خمسة على خمسة، أما في مصر فنسبة "الإحساس بالجريمة" بلغت ثلاثة على خمسة، وهو نفس الشيء بالنسبة لكل من دول تونس، الأردن، والمملكة العربية السعودية، أما الجزائر والسودان وموريتانيا واليمن فبلغ القياس أربعة على خمسة. وجاءت دول سلطنة عمان، المغرب، قطر، الكويت ضمن قائمة الدول التي تحس مجتمعاتها بالأمان بمعدل 2 على خمسة في قياس "الإحساس بانتشار الجريمة".

وقدم نفس التقرير التكلفة الاقتصادية للعنف في الدول العربية، حيث تفوق في مصر 62 مليار دولار، وفي تونس 4 مليارات دولار، أما في اليمن فبلغت التكلفة أكثر من 9 مليارات دولار، وتجاوزت قيمتها في السودان 24.7 مليار دولار، وتصل في الجزائر إلى حوالي 45.6 مليار دولار. واحتل العراق أعلى قائمة الدول العربية بمعدل تكلفة العنف من حيث القيمة التي تجاوزت 149.6 مليار دولار أميركي.

ويرى الخبير الاقتصادي التونسي صادق جبنون، أن تقرير "مؤشر السلام العالمي"، أخذ بلاعتبار مجموعة من العوامل التي أدت إلى اضطرابات أمنية في مجموعة من الدول العربية، إلا أنه يلفت إلى ضرورة "أن نحلل الوضع في هذه البلدان بشكل منعزل، نظراً للظروف الاستثنائية التي تعيشها كل دولة على حدة، وأهمها زحف الإرهاب والانتشار الواسع والرهيب للسلاح في يد المجموعات المتصارعة، بالإضافة إلى تحول عدد من الدول العربية إلى دول منفرة للاستثمارات رغم توفرها على موارد طبيعية هائلة، خصوصاً فيما يتعلق بحالة العراق وليبيا وإلى حد ما السودان".

ويقول صادق جبنون في تصريحه لـ "العربي الجديد"، إن الكلفة الاقتصادية للانفلات الأمني وارتفاع معدات الجريمة في الدول العربية تضاعفت منذ العام 2011، وقبله بسنوات قليلة، بل بات شبح الإضطرابات الأمنية يهدد بشكل مباشر ونهائي ديمومة النشاط الاقتصادي في مجموعة من الدول العربية، والتي تسير دول منها نحو الإفلاس التام كما يحصل اليوم في ليبيا.

وإذا كانت معدلات الجريمة المرتفعة نقمة على البعض، فهي نعمة على الشركات التي ضاعفت رقم معاملاتها بسبب لجوء الأفراد والشركات وحتى المؤسسات الحكومية لخدماتها من أجل توفير جميع شروط وظروف الأمن والأمان.

ويكشف صاحب شركة مغربية تعمل في مجال أنظمة الأمن، زكرياء بن جلون، لـ "العربي الجديد"، أنه ومنذ عام 1993 وحتى العام 2007 كانت أرباح الاستثمار في هذا المجال ضعيفة إلى متوسطة، لكن في السنوات الأخيرة، قفز معدل الربح في مجال تركيب نظام الحماية بالإنذار والمراقبة الرقمية لمصالح وممتلكات الأفراد والشركات والمؤسسات الخاصة والعامة بنسبة 100%. قفزة في الأرباح يراها زكرياء بن جلون، مرتبطة بارتفاع معدلات الجريمة والسطو وتطور أساليب الإجرام والمخاوف الأمنية المتنامية لدى المواطنين.

ويوضح المتحدث ذاته، أن الزبون رقم واحد لشركته، هم أصحاب محلات بيع المجوهرات، والمؤسسات المصرفية، بالإضافة إلى الشركات العاملة في مجالات التعاملات المالية، بالإضافة إلى ملاك العقارات الفخمة، حيث يبلغ تجهيز متجر صغير بأنظمة المراقبة والحماية من السطو نحو 100 دولار.
المساهمون