يشهد إقليم كردستان العراق تصاعدا كبيرا في أزمته السياسية الداخلية، بسبب رفض كتل وأحزاب مختلفة تجديد ولاية ثالثة لمسعود البارزاني كرئيس لإقليم كردستان العراق، في الوقت الذي يصر حزبه الذي يحظى بغالبية مقاعد البرلمان بتجديد الولاية له من خلال تعديل الدستور، مستندا على ظرف الحرب الحالي بالإقليم مع تنظيم "داعش"، وعدم إمكانية إجراء تغيير سياسي داخل الإقليم حاليا.
وهذا الصراع ينذر بعودة الصراع السياسي الذي شهده الإقليم مطلع تسعينيات القرن الماضي، عقب غزو العراق للكويت وانفصال كردستان العراق عن بغداد، وفرض الولايات المتحدة حظرا للطيران الحربي العراقي على الإقليم ونيله حماية دولية.
وأكد النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، أريز عبد الله، لـ "العربي الجديد" أن كثيرا من الكتل السياسية في الإقليم مصرة على عدم التجديد لمسعود البارزاني لولاية جديدة، ويجب احترام رأي تلك الكتل ما دمنا ضمن نظام ديمقراطي.
اقرأ أيضاً: البارزاني: يجب أن نحصل على حقوقنا بأنفسنا
وأوضح عبد الله "ليس هناك أي اتفاق بين الكتل الكردية على تجديد الولاية لبارزاني، لكنْ هناك إصرار من قبل الاتحاد الوطني وحركة التغيير والأحزاب الإسلامية على تطبيق القانون الذي يؤكد أنه لا يحق لأي شخص أن يكون رئيسا لدورتين متتاليتين"، مشيرا إلى وجود طلب مقدم من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني لتعديل قانون ولاية رئاسة الإقليم، لكن جميع الكتل في برلمان الإقليم رافضة لذلك.
وأوضح النائب عن كتلة الاتحاد الوطني أنه في يوم الـ 19 من شهر آب/أغسطس المقبل تنتهي ولاية مسعود البارزاني، وسيكون هناك تغيير في إدارة الحكم.
وكان إقليم كردستان قد صوت في العام 2013، على تمديد رئاسة مسعود البارزاني للإقليم عامين تستمر حتى 2015، وعلى الرغم من قرب انتهاء مدة ولاية البارزاني، إلا أنه لم تعلن أي جهة عن ترشيحها لشخصيات بديلة، لذا تبحث الأطراف كافة عن حل قانوني لمسألة تجديد ولاية البارزاني، الذي صرح أكثر من مرة بأنه سيلتزم بما هو قانوني ودستوري.
وفي سياق متصل، أكدت كتلة التغيير البرلمانية الكردية أن الشعب الكردي لديه آلاف البدلاء لشغل منصب رئاسة إقليم كردستان، بدلاً من مسعود البارزاني الذي يحاول تمديد ولايته لسنتين إضافيتين.
وأوضح النائب عن الكتلة أمين بكر لـ "العربي الجديد " أن البارزاني ليس القائد الأوحد للكرد، ولا بد من إيجاد بديل عنه لتولي رئاسة الإقليم، مشيرا إلى أن كتلة التغيير ترفض وبشدة اقتراح كتلة البارزاني بشأن تمديد مدة رئاسته لكردستان حتى عام 2017، وأن الحزب الديمقراطي يبرر تمديد حكم البارزاني إلى أن يستكمل دستور إقليم كردستان.
وأكد أن تمسك البارزاني بمنصبه لعشرة أعوام تكفي لتسميته ديكتاتوراً وفق الأعراف القانونية، مطالبا الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه البارزاني بترشيح شخصية أخرى تكون بديلاً له، حتى وإن كانت من عائلته.
وبينت النائب أمين بكر أنه تم الاتفاق بين الكتل الكردية على إجراء المفاوضات المستمرة بينها، بشأن إنقاذ الإقليم مما يمر به من مرحلة تمسك مسعود البارزاني برئاسته.
ويدور خلاف بين القوى السياسية في كردستان بشأن انتخابات رئاسة الإقليم المقررة في الـ20 من شهر أغسطس/آب المقبل، مع طرح كل من الاتحاد الوطني الكردستاني وقائمة التغيير والأحزاب الإسلامية الكردستانية مشاريع قوانين تحدد صلاحية رئيس كردستان ونائبه، مع سعيها لتحويل نظام الحكم في كردستان إلى برلماني وليس رئاسيا، الأمر الذي رفضه الحزب الديمقراطي الكردستاني، عادا إياه خروجا على مبدأ التوافق الوطني.
اقرأ أيضاً: خمسة آلاف مقاتل موالٍ لبارزاني إلى سورية
وانعكس هذا الخلاف بشكل واضح في جلسة برلمان الإقليم التي عقدت في الـ23 من يونيو/حزيران الماضي، حيث انسحبت كتلة الحزب الديمقراطي من الجلسة، مع تقديم باقي الاحزاب مشروع تحديد صلاحيات رئيس كردستان الذي وصفه حزب البارزاني بـ"المؤامرة الفاشلة ويحمل أجندات خارجية"، كما انعكست هذه الخلافات على جلسات برلمان كردستان ووصل الأمر بها إلى التشابك بالأيدي بين نواب من الحزب الديمقراطي، وعضو من حركة التغيير.
بدوره، قال رئيس حكومة الإقليم نيجرفان البارزاني إن هناك الكثير من الأصوات الرافضة في الإعلام وفي برلمان كردستان تمديد ولاية مسعود البارزاني لرئاسة كردستان، لكن عندما يحين وقت القرار ينسى الناس خلافاتهم، ويجمعون على ما هو صحيح وما يصب في مصلحة كردستان، مؤكدا ضرورة بقاء البارزاني في رئاسة إقليم كردستان في هذه المرحلة.