كارلوس غصن من منقذ نيسان إلى متهم بالفساد

21 نوفمبر 2018
أوقات عصيبة تواجه كارلوس غصن (فرانس برس)
+ الخط -
لم يتوقع أحد أن يواجه واحد من أشهر وأبرز المديرين بشركات السيارات في العالم تهماً بالفساد، بعد أن كان المنقذ لواحدة من الشركات الكبرى في هذا المجال، وكانت له بصمات واضحة في عالم صناعة السيارات.

رئيس مجلس إدارة "نيسان"، كارلوس غصن، اعتُقِل في اليابان أول من أمس، بعد اتهامه بتضليل السلطات الضريبية في البلاد واستخدامه أصول الشركة بشكل شخصي، في خطوة قد تؤدي إلى الإطاحة به من قيادة تحالف "رينو- نيسان- ميتسوبيشي".

ولد غصن الذي يعود إلى أصول لبنانية في البرازيل، وعمل في بداية حياته العملية بمصنع تصنيع إطارات السيارات ميشلان عام 1978. ثم انتقل عام 1966 إلى شركة رينو الفرنسية التي تحالفت مع شركة نيسان اليابانية بعد ذلك.

ونجح غصن في إنقاذ "نيسان" من حالة شبه الانهيار قبل عقدين من الزمان، وقيادتها إلى التوسع العالمي، وقبل غيره من المنافسين، قرر الانتقال إلى سوق المركبات الكهربائية، مما جعل "نيسان ليف" واحدة من أفضل هذه الأنواع مبيعا.
كما ساعد غصن أيضاً في صياغة رؤية "رينو" التي انتشلتها من الاضطرابات في أثناء الأزمة المالية العالمية، ولم يكن دوره في إنعاش "ميتسوبيشي" أقل أهمية.

وخلال العام الماضي، بلغت مبيعات الشركات الثلاث مجتمعة 10.6 ملايين سيارة، ما يجعلها على قدم المساواة تقريبًا مع أكبر منتج للسيارات في العالم، الشركة الألمانية "فولكس فاغن".

يبلغ غصن من العمر حاليا 64 عامًا، وله شعبية كبيرة داخل عالم السيارات التي برع فيها وحقق نجاحات يبدو أنها لن تشفع له على خلفية الاتهامات الأخيرة له بتهم فساد مالي.

وتتجه "نيسان" إلى الإطاحة بغصن من منصب رئيس مجلس الإدارة خلال اجتماع مقرر عقده غدا الخميس. وكانت السلطات اليابانية أوضحت أن غصن يواجه تهمة الاشتباه في تقليل قيمة راتبه بإجمالي 5 مليارات ين (44 مليون دولار) على مدار خمس سنوات من 2011، وهو ما يمثل انتهاكًا للقوانين المالية في اليابان، بناءً على ما ذكرته صحيفة "كيودو" نقلاً عن مصادر.
وذكرت نيسان في بيان أنها أجرت تحقيقات داخلية على مدار عدة أشهر، بعدما نُشر تقرير أفاد بأن غصن قد خفض قيمة دخله في التقارير التي تقدم لبورصة طوكيو لعدة سنوات، إلى جانب سوء السلوك المالي في أمور أخرى تشمل إساءة استخدام أموال الشركة لأغراض شخصية.
ويرى المدعون في طوكيو أن تقليل غصن قيمة دخله يشكل انتهاكًا لقانون الأدوات المالية الياباني، وداهموا مقرات نيسان في يوكوهاما بالقرب من طوكيو.

ولعل الانخفاض الحاد لسهم "رينو" عقب الإعلان عن خبر الاعتقال يومي الإثنين والثلاثاء، وكذلك انخفاض سهمي "نيسان" و"ميتسوبيشي" يعكس مخاوف المستثمرين البالغة إزاء إبعاد غصن عن موقع القيادة.

وفي هذا السياق، وضعت وكالة "ستاندرد أند بورز" شركة نيسان تحت المراقبة السلبية، بعد صدمة القبض على رئيس مجلس إدارتها، مما يشير إلى احتمالية خفض تصنيفها الائتماني.

وأوضحت الوكالة في بيان أمس، أن ربحية صانعة السيارات اليابانية قد تضعف بصورة مستدامة في 2018 و2019 في حال أضرت مزاعم سوء السلوك المالي لغصن بالعلامة التجارية لنيسان بصورة تؤثر سلبًا على المبيعات وعلى شراكتها مع رينو وميتسوبيشي. وتضع وكالة "إس أند بي" تصنيف الديون طويلة الأجل لشركة نيسان عند مستوى "إيه".

ولم تتوقف مصائب غصن عند ترقب الإطاحة به من منصبه في نيسان، بل قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، أمس الثلاثاء، إنه لم يعد من الملائم أن يقود غصن شركة رينو عقب توقيفه في اليابان. وأبلغ لو مير راديو فرانس إنفو: "كارلوس غصن لم يعد في وضع يسمح له بقيادة رينو".

وأضاف أنه يرغب في أن تشكل رينو هيكلا إداريا مؤقتا في ضوء توقيف غصن. وتملك الحكومة الفرنسية 15 % من رينو، والتي تملك بدورها حصة نسبتها 43.4 % من نيسان. وقال لو مير إنه سيجري اتصالات مع نظيره الياباني بشأن القضية، وأكد أن أولوية فرنسا هي ضمان استقرار شركة رينو.
المساهمون