وسط غارات الطيران الحربي الروسي على الأحياء السكنية في الغوطة الشرقية، واستهداف قوات النظام المنطقة بعشرات صواريخ أرض ــ أرض، ما أدّى إلى سقوط قتلى ومصابين، تحاول قوات النظام التقدّم لتحقيق هدفها بشطر الغوطة إلى نصفين، غير أنّ المعارضة تتصدّى لهذه المحاولات وتحبطها، بحسب ما أكّدت مصادر لـ"العربي الجديد".
عشرات القتلى المدنيين
وفي جديد ضحايا "محرقة الغوطة"، قتل وجرح عشرات المدنيين، بينهم أطفال ونساء، جراء استئناف القصف الصاروخي والجوي عصر اليوم من قوات النظام السوري على غوطة دمشق الشرقية المحاصرة، فيما نفى "جيش الإسلام" وجود مفاوضات مع النظام بهدف إخراج المدنيين أو المعارضة من الغوطة.
وقال الناشط محمد الشامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن طيران النظام السوري شن عدة غارات بصواريخ وقنابل شديدة الانفجار على الأحياء السكنية في بلدات سقبا وجسرين، ما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين، بينهم امرأة، وإصابة عشرة على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال وامرأتان.
وأضاف الناشط عمر خطيب، في حديث مع "العربي الجديد"، أن سبعة مدنيين قتلوا وجرح أكثر من سبعين جراء قنابل عنقودية ألقاها طيران النظام المروحي على الأحياء السكنية في مدينة كفربطنا.
وفي غضون ذلك، قتل ثمانية مدنيين وأصيب ثلاثون على الأقل، بينهم أطفال ونساء، جراء قصف بصواريخ ارتجاجية من الطيران الحربي على الأحياء السكنيّة بلدة حزة، كما تسبب القصف الجوي والصاروخي من قوات النظام على الغوطة بمقتل خمسة مدنيين على الأقل في بلدة مسرابا.
وأضاف مصدر من "مركز الغوطة الإعلامي" لـ"العربي الجديد" أن عشرين مدنيا على الأقل بينهم نساء وأطفال قتلوا وجرح العشرات بغارة من الطيران الحربي التابع للنظام السوري على بلدة حمورية في الغوطة.
كما قتل مدنيان بقصف مدفعي من قوات النظام على الاحياء السكنية في مدينة دوما، ومدني بقصف مماثل على بلدة مديرا.
شطر الغوطة
وقالت المصادر إنه في حال سيطرت قوات النظام على البلدة، فستتمكن من وصل مناطق سيطرتها بين شرق الغوطة وغربها، وشطر الغوطة إلى قسمين شمالي يضم حرستا ودوما، وجنوبي يضم عربين، زملكا، وحي جوبر.
وأوضحت مصادر محلية أن قوات النظام استقدمت المزيد من التعزيزات إلى منطقة الغوطة، تضم نحو 700 عنصر من المليشيات الموالية لقوات النظام، وتوجهت تلك التعزيزات إلى جبهة حرستا ودوما، وجبهة مزارع مسرابا والأشعري وبيت سوا والريحان.
في المقابل، قال المتحدث باسم "فيلق الرحمن"، وائل علون، إن قوات النظام ما زالت بعيدة عن تحقيق هدفها في شطر الغوطة الشرقية إلى قسمين، نافياً تمكّنها من السيطرة على مواقع مهمة في المنطقة.
وأضاف علون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ مقاتلي فصائل المعارضة لديهم العديد من الخيارات والمبادرات للتعامل مع قوات النظام هناك. وأشار إلى أنه تم إيقاف الانهيار الذي حصل في خطوط الدفاع على الجبهات الشرقية للغوطة، وبدأت المعارك تأخذ طابعا مختلفا بعد تثبيت الكثير من النقاط وإحباط الكثير من محاولات الاقتحام.
وأكد علون أن مقاتلي الفصائل يخوضون معارك كر وفر ومناورات دفاعية على جبهات وأطراف المحمدية ومزارع العب وأطراف دوما، إضافة إلى التصدي لمحاولات اقتحام محور مزارع الأشعري، حيث منيت قوات النظام بخسائر كبيرة على جميع هذه الجبهات.
وأوضح أن قوات النظام والمليشيات الإيرانية المساندة تعتمد على كثافة غارات الطيران الروسي وعلى التغطية المدفعية والصاروخية الواسعة، وهو ما دفع "الثوار إلى الاعتماد على تكتيك حرب العصابات والكمائن المفاجئة، الأمر الذي يستنزف قوات العدو ويوقع خسائر كبيرة في صفوفه".
ويأتي ذلك في وقت شنت فصائل المعارضة السورية المسلحة هجوما معاكسا ضد قوات النظام في محاور بساتين بلدة مسرابا ومحاور بلدة بيت سوى في محيط دوما، وفي محور المشافي بمدينة حرستا واستعادت السيطرة على عدة نقاط هناك.
وأعلن فصيل "جيش الإسلام" عن استعادة نقاط في محور بساتين دوما والجبهة الجنوبية والشرقية من محيط بلدة مسرابا، ومحاور بلدة بيت سوى، بعد هجوم معاكس أوقع قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام السوري.
بيرقدار: لا مفاوضات للخروج من الغوطة
وفي الشأن ذاته، نفى المتحدث باسم أركان "جيش الإسلام"، حمزة بيرقدار، في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود أي مفاوضات مع قوات النظام السوري أو روسيا "حول إخراج المدنيين من الغوطة، أو مغادرة الثوار للغوطة الشرقية".
وأكّد بيرقدار أن "فصائل الغوطة ومقاتليها وأهلها متمسكون بأرضهم وسيدافعون عنها... المقاتلون في الغوطة ليسوا كـ"جبهة النصرة" يبيعون بلادهم ويسلمون مساكنهم على طبق من ذهب للنظام ومليشياته ومرتزقته الذين أتوا من هنا وهناك لتطبيق التغيير الديمغرافي".
وكانت روسيا قد عرضت، بشكل غير مباشر، على فصائل المعارضة السورية المسلحة في الغوطة إخراجهم مع عائلاتهم من الغوطة وضمان سلامتهم، وهو ما اعتبرته المعارضة "سعياً إلى التهجير والتغيير الديمغرافي".
من جهة ثانية، أعلنت "الهيئة الشرعية لدمشق وريفها" "النفير العام" في الغوطة الشرقية، داعية الفصائل العسكرية إلى "تبييض سجونها والتوحد".
وطالبت "الهيئة"، في بيان لها، فصائل الغوطة الشرقية، بـ"تبييض سجونها وإعلان عفو عام، وبدء خطوات عملية وعلنية للعمل تحت قيادة واحدة باسم الجيش السوري الحر، ما يحفز شباب الغوطة على الالتحاق بالمعارك".
إلى ذلك، وثّق الدفاع المدني السوري مقتل 661 مدنيا وجرح أكثر من 2373 آخرين في غوطة دمشق الشرقية، منذ 19 فبراير/شباط الماضي وحتى 5 مارس/آذار الحالي.
وشجب الدفاع المدني، سحب الأمم المتحدة قافلة المساعدات الإنسانية من الغوطة الشرقية قبل يومين دون تفريغ كل حمولتها، ما زاد معاناة الأهالي، واصفاً، في بيان له، محاولة الأمم المتحدة بأنها "خجولة"، مطالبا إياها ومجلس الأمن بـ"اتخاذ جميع الإجراءات لإيقاف شلال الدم في الغوطة وتطبيق القرار 2401".