تنعقد قمة أوروبية، اليوم الجمعة، في فاليتا عاصمة مالطا، على وقع تحديات رسم مستقبل الاتحاد الأوروبي، حيال ملفات الهجرة، وخروج بريطانيا من الاتحاد، فضلاً عن العلاقة مع الولايات المتحدة، في ظل التصريحات المثيرة للقلق من قبل الرئيس دونالد ترامب.
وتبحث قمة الاتحاد الأوروبي، تنسيق مواقف الدول الـ27 في مواجهة تحدّي الهجرة، ووضع خطة واضحة لمنع تدفق المزيد من المهاجرين إلى أوروبا، لا سيما أنّ مالطا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد، حذّرت من تفاقم أزمة الهجرة، خلال الربيع المقبل.
وتطلع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، نظراءها الأوروبيين، على مضمون "الكتاب الأبيض" الذي أعلنته حكومتها، أمس الخميس، ويتضمّن استراتيجيتها لإدارة عملية خروج المملكة المتحدة، من الاتحاد.
وستؤكد ماي للحاضرين في قمة فاليتا، أنّ "الكتاب الأبيض" لاستراتيجية "بريكست"، يقوم على أساس المصلحة المتبادلة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، في الحفاظ على تجارة أكثر حرية، وتبادلٍ تجاري أكثر نشاطاً في مجالات السلع والخدمات، بعد خروج المملكة المتحدة. كما ستؤكد ماي لنظرائها الأوروبيين، حرص بريطانيا على "أهمية خروج سلس، على أساس المنفعة المتبادلة، لتجنّب حدوث اضطراب مفاجئ في الأسواق".
ومن المُقرر، أن تُطلع ماي قادة حكومات دول الاتحاد الأوروبي، أيضاً، على نتائج زيارتها إلى واشنطن، ولقائها بالرئيس ترامب، الأسبوع الماضي، لاسيما لناحية التزام الإدارة الأميركية، بدعم حلف شمال الأطلسي "الناتو".
بدوره، لدى وصوله، اليوم الجمعة، إلى القمة الأوروبية في فاليتا، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أنّ الضغوط التي يمارسها ترامب على الاتحاد الأوروبي "غير مقبولة". وقال هولاند إنّه "لا يمكن القبول بأن يكون هناك، عبر عدد من تصريحات رئيس الولايات المتحدة، ضغط بشأن ما ينبغي أن تكون عليه أوروبا أو ما لا تكون عليه".
وحذر هولاند الدول، لا سيما في أوروبا الوسطى، من إقامة علاقات ثنائية مع الرئيس الأميركي الجديد، مشدداً على أنّه "لن تكون علاقات مستقبلية مع ترامب ما لم يتم تحديد إطار مشترك لها من قبل الأوروبيين"، بحسب قوله.
من جهتها، دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إلى الوحدة إزاء الرئيس الأميركي، وقالت لدى وصولها إلى القمة في مالطا، "لقد قلت أنّ أوروبا تتحكّم في مصيرها، وأعتقد أنّنا كلما عبّرنا بوضوح عن الطريقة التي نحدّد بها دورنا في العالم، تمكّنا من إدارة علاقاتنا بشكل أفضل مع الولايات المتحدة".
وكان ترامب قد دعا خلال حملته الانتخابية، إلى مراجعة العلاقة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ورحّب بشدة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقال إنه "أمر رائع".
وفي ملف الهجرة عبر المتوسط، يعتزم القادة الأوروبيون، العمل على توحيد الجهود من أجل مواجهة واقع مستجد في ظل أزمة المهاجرين، والبحث في إمكانية إبرام اتفاق مع ليبيا مماثل للاتفاق الموقّع مع تركيا في مارس/ آذار 2016 للحد من تدفق المهاجرين إلى دول الاتحاد من الجانب الأفريقي.
ويحاول القادة جعل ليبيا شريكاً مقرّباً من الاتحاد الأوروبي، لا سيما أنه يتواجد فيها حالياً أكثر من 350 ألفاً من المهاجرين، ينوون مغادرتها باتجاه أوروبا فور تحسّن الأحوال الجوية، علماً أنّ العام 2016 شهد محاولة 180 ألف شخص الوصول إلى أوروبا، 90% منهم عبر الأراضي الليبية.
وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، قد أكد أمس الخميس، أنّ الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى المناقشة مع ليبيا، وغيرها من دول شمال أفريقيا، "من أجل العمل معاً بشكل أفضل"، معتبراً أنّ "الوقت قد حان لإقفال الطريق بين ليبيا وإيطاليا"، كاشفاً أنّه سيتقدّم أمام قمة مالطا باقتراحات وإجراءات قابلة للتطبيق، للتصدي "بشكل فعّال" للمهاجرين إلى أوروبا.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، الإثنين الماضي، عن بدء المرحلة الثانية من عمليات تدريب خفر السواحل الليبية، في جزيرة كريت اليونانية، وضمّت الدفعة 20 عنصراً، من أجل مكافحة مهربي البشر واعتراض سفنهم. وتستمر عمليات التدريب حتى نهاية العام الحالي، على أن تتضمن عمليات إنقاذ وبحث ومراقبة في نقاط مختلفة في البحر الأبيض المتوسط، علماً أنّ الدورة الأولى منها، تضم 78 عنصراً ومن المقرر أن تنتهي خلال فبراير/ شباط الحالي.
في المقابل، تبدي منظمات الإغاثة وحقوق الإنسان الدولية، خشيتها من إنشاء مراكز استقبال في ليبيا، في ظل وضع سياسي وقانوني غير مستقر، محذرة من تحوّل تلك المخيمات إلى مراكز احتجاز، تخالف مندرجات القانون الدولي للاجئين.