صورتان لا تغيبان عن بالي في هذه الحرب "الصغيرة" التي تدور في بلدي؛ الأولى لزليخة المعلمّة في مدارس وجامعات أردنية لمادة اللغة العربية قرابة أربعين عاماً. ولأن تكوينها الثقافي مؤسّس على النص القرآني والموروث الشعري والنثري العربي، فقد علّمت آلاف الطلبة من ثلاثة أجيال وأكثر بلاغة اللسان والقلم، وساهمت في تأسيس ذائقتهم الجمالية، وجعلتهم يفتخرون بثقافتهم العربية الإسلامية.
واصلت اشتغالاتها في الكتابة الأدبية والصحافية، لكنها لم تدْرِ، وهي تدخل السبعين بقلب فتي، أن الصورة الثانية التي تعادي رؤيتها هي لمشروع آخر أنفق المليارات؛ إذ شيّد فضائيات ومدارس ومؤسّسات رعاية اجتماعية تكرّس ثقافة الإحسان والصدقات بدلاً من تطوير اقتصاد مُنتج، وتُغيّب العقل النقدي لصالح الامتثال إلى منظومة ثقافية تحتكر تمثيل الإسلام وتفسير نصوصه.
زليخة تقاتل من أجل اللغة والجمال وتدافع عن الحياة بقلب الأم والمربّية الفاضلة، في مقابل مهاجمين يخطئون في الإملاء والنحو والفكر والأخلاق، ربما لأنه فاتهم حضور درس لها أو قراءة إحدى قصائدها.