وتقدم خمسة نواب، ينتمون إلى كتلة المعارضة، وهم الحميدي السبيعي وعادل الدمخي وعمر الطبطبائي وعلي الدقباسي وأسامة الشاهين، باقتراح قانون "العفو الشامل" عن الأحداث التي وقعت في تاريخ 16 و17 نوفمبر/تشرين الثاني العام 2011، حيث تم اقتحام مجلس الأمة من قبل المعارضين السياسيين آنذاك، ومن بينهم نواب في البرلمان. وجاء في مضمون الاقتراح أن "الدستور يكفل مقومات الحرية الشخصية، وبغير هذه الضمانات والحريات السياسية تنطوي النفوس على تذمر لا وسيلة دستورية لمعالجته، وتكتم الصدور آلاماً لا متنفس لها بالطرق السلمية، فتكون القلاقل والاضطرابات في حياة الدولة".
ويرى مراقبون سياسيون أن مشروع العفو، الذي تقدمت به المعارضة، محاولة استباقية منها لتخفيف الأضرار حال حكم محكمة التمييز بالإدانة على المتهمين، لكن هذا القانون لن يمر إلا عبر تنازلات واتفاقات بين أعضاء البرلمان المنتمين إلى كافة الكتل، بالإضافة إلى اتفاق نهائي مع الحكومة. ولم تعرف تفاصيل هذه الاتفاقيات بعد، إلا أن بوادرها ظهرت عقب اجتماع ممثل الكتلة الشيعية في البرلمان، النائب صالح عاشور، مع النائبين الإسلاميين عادل الدمخي ومحمد هايف، إذ سيوافق الجزء الأكبر من النواب الشيعة على قانون العفو، فيما سيوافق الإسلاميون على إلغاء قانون الإساءة للدول المجاورة، والذي سجن بسببه عدد من النشطاء السياسيين الذين اعترضوا على الحرب السعودية في اليمن. كما سينص الاتفاق النيابي أيضاً مع نواب الكتل الوطنية والليبراليين المستقلين على إلغاء القوانين التي تحد من حرية التعبير، والتصويت تأييداً للوثيقة الاقتصادية التي ستقدمها الحكومة للبرلمان.
وقال الكاتب السياسي والمرشح البرلماني السابق، جاسر الجاسر، لـ"العربي الجديد"، إن الشارع السياسي الكويتي ينتظر الحكم النهائي في قضية دخول المجلس، حتى تُعقد الصفقات والتسويات السياسية، لأنه من المستحيل الاستقرار على رؤية سياسية واحدة على أكبر وأخطر قضية في البلد لا تزال في أروقة المحاكم بعد. وأضاف "الحكومة هي الرابح الأكبر طبعاً إذا ما حكمت المحكمة بسجن المتهمين بأحكام نهائية، لأنها ستساوم في هذه الورقة لحين الحصول على القوانين التي تريد تمريرها، وأهمها الوثيقة الاقتصادية، التي لا نعرف ماهيتها بعد، لكن غالبية الاقتصاديين يتوقعون أن تشتمل على قوانين فرض ضريبة على القيمة المضافة ورفع الدعم عن بعض السلع، في مقابل أن توعز الحكومة لوزرائها بالتصويت لصالح العفو العام". وهدد نواب مستقلون الحكومة في حال موافقتها على قانون العفو العام باستجوابها، إذ قال النائب أحمد نبي الفضل، الشهير بمعاداته للمعارضة، إن الدولة يجب أن تضرب بيد من حديد على أولئك الذين استباحوا حرمة الأمن العام واقتحموا أملاك الدولة بغرض التخريب والتشجيع على زعزعة أمن البلاد.
لكن أحد مقدمي الاقتراح، النائب عادل الدمخي، قال لـ"العربي الجديد"، إن "الرؤية ضبابية حتى الآن. نعم تقدمنا بقانون العفو ونحشد له المزيد من الأصوات داخل البرلمان، لكن كل شيء يعتمد على الحكم في قضية المجلس، ونأمل ألا نضطر لاستخدام قانون العفو. أما بالحديث عن مدى شرعية هذا القانون فلقد استخدم في قضايا سياسية كثيرة، أبرزها عندما أصدرت فرنسا قانوناً بالعفو عما حدث في باريس أثناء ثورة الطلاب في الستينيات، لأن السياسي يؤمن أن الخلافات السياسية إذا لم يتم تجاوزها فإنها ستترك أثراً على المدى البعيد بخلاف الجرائم الأخرى".
وتراجعت شعبية البرلمان الكويتي بين الناخبين بحسب إحصائيات لمركز "الجمان للدراسات السياسية" إلى نسب متدنية، وذلك بسبب الانشغال بقضية دخول مجلس الأمة وبقية القضايا السياسية، فيما لا يزال البرلمان عاجزاً عن إقرار القوانين المهمة، وعلى رأسها قانون التقاعد المبكر وإدخال "البدون" إلى الجيش والنظر في الوثيقة الاقتصادية وتعديلها. وقال النائب والمحامي الحميدي السبيعي، لـ"العربي الجديد"، "لا يمكنني لوم الناخبين. نحن كنواب نلام على هذا. لكن أتمنى أن يعذرونا لأننا وصلنا إلى المجلس وهناك عشرات القضايا والقوانين السيئة التي تحد الحريات، والتي تسبب بها البرلمان السابق الذي كان أضحوكة البرلمانات العالمية بعد إقراره لعدد من القوانين المجحفة، أبرزها قانون البصمة الوراثية الذي ألغته المحكمة الدستورية، وعملية الإصلاح تستغرق وقتاً طويلاً". وقال الأكاديمي والباحث السياسي، عبد الرحمن المطيري، لـ"العربي الجديد"، إن "قضية دخول المجلس سحبت الرصيد الشعبي من نواب المعارضة، فلقد كان مشهدهم مثيراً للشفقة وهم يحاولون تجنب السجن مهملين القضايا الشعبية التي انتخبهم الناس من أجلها".