قصتان قصيرتان جداً

21 فبراير 2017
محمد عمران / سورية
+ الخط -
هرقل

"نزل هرقلُ ضيفا -وَفْق الكتابِ المنحول لأبُولُودُورُو بالمكتبة- طيلةَ خمسين يوماً بمنزل شخص يُدعى تِسْبِيُو، الذي كان أباً لخمسين فتاةً، وضَعَهُنَّ جميعاً، واحدةً تلو أخرى، في سرير البطل، لرغبته في أن يمنحَه الأخيرُ أحفادا يَرِثون قوَّتَه. من جهته، أعتقد هرقلُ أنّهنَّ كنَّ جميعاً واحدةً، فأحببهنَّ جميعاً".

التفصيلُ الذي كان أبولودورو يجْهَلُه، أو ربما تغاضى عنه، هو أنّ فتياتِ تِسْبِيُو الخمسين كُنّ أبكاراً. وظلَّ هرقلُ، قصيرُ الفهم مثل كلِّ الأقوياء، يَعْتقدُ دوْماً أنّ أشْقى أعمالِه كان أن يفتضَّ بكارةَ البنتِ الوحيدة لتِسْبِيو.

* مارْكو دِنِيي Marco Denevi، روائي وقاص وصحافي أرجنتيني ولد في بيونيس آيريس (1922-1998). عالج في رواياته العجز الإنساني تجاه الألم. كتب عن المقاومة الثقافية، وحاول الكتابة في المسرح ولكنه لم ينجح فيه بقدر ما نجح في القصص القصيرة والرواية. 



الظّفر

المقبرَةُ قريبة. شرعَ الظّفْرُ الأيمن لخنصر بيدْرو بِيرِيثْ، المدفون أمْسِ، في النمو سريعاً بمجرّد أنْ أُطْبِقَ اللَّحْدُ عليه.

وبما أنّ النَّعش كان من النوع الرديء، فقد طُلِب لبيدرو تابوتٌ رخيص جداً، فإن اليد لم تجد كثيراً من الصعوبةً في أن تخرج وتظهر مُتسَلِّلةً ناحيةَ جدارِ البيت.

هنالك دبّت وتلوّت وتسلّقت إلى أن وصلت إلى نافذة غرفة النوم، ودخلتْ من بين دفتيها وقاعِدتِها، ثم انزلقتْ ووصلت الأرضية وزحفت متخفِّيَةً خلفَ الخزانة الصغيرة، حتى انتهتْ إلى زاوية الجدار كي تواصل المُضيّ وراء منضدة السرير، ثم الصعود عبر حافة مِسنَد رأس الفِراش.

وبقفزة واحدةٍ تقريباً هاجمت اليَدُ حنجرةَ لُوثِيّا، التي لم تنبس ولو بتأوُّه! ثم انْقَضَّت على حنجرة ميغيل، وأجهزت عليها هي الأخرى.

قالتِ اليدُ: كان ذلك أقلَّ شيءٍ يُمكن أن يقومَ به الفقيدُ، الظّفْرُ قَرْنٌ1 هو الآخرُ.


1 يُكنى عن خيانة الزوجة لزوجها في الإسبانية بـ "وضعتْ له قرنَيْن"


* ماكْسْ أَوْبْ Max Aub: كاتب إسبانيّ من أصل مكسيكي (1903-1972)، يعتبر من مؤسّسي المدرسة التجريبية في الأدب الإسباني، ورغم أنه كتب مئة عمل أدبي بين الرواية والقصة والمسرح، لكنه لم ينقل كثيراً إلى لغات أخرى، أسس مع رفائيل ألبيرتي مجلة أدبية بعنوان "الستينيات".

دلالات
المساهمون