في كاتالونيا.. لكلّ وردة كتاب

22 ابريل 2015
يوم الكتاب في إسبانيا (Getty)
+ الخط -
للكتاب قيمةٌ مميزة في كاتالونيا بشكل خاص وفي إسبانيا بشكل عام، وذلك للأهمية التي يمثّلها في ماضي وهوية الإنسان الإسباني. قلّما تتكلم مع شخص إسباني دون أن يذكر لك سرفانتس أو لوركا أو ماتشادو بكل فخر واعتزاز.

كلّ الشوارع تذكرك بهم وبما تركوه من آداب، فتلاقيك مثلاً شخصية "الدون كيشوت" أينما ذهبت وكأنها الشخصية الإسبانية المتجددة، كما أنك غالباً ما تجد قصائد لوركا مطبوعة على الجدران والأرصفة.

وفي كتالونيا التي تعتبر المقاطعة الأغنى، مدينة "برشلونة"، صاحبة الوجه الخلاّب الذي يأسر من يمر بها، وهناك يحتفي الكتالوني بهويته المنفصلة وبلغته الخاصة ويحاول دائماً تشجيع السياحة التي تُعتبر مصدر دخلٍ أساسي للمدينة، ولاحتفالات يوم الكتاب فيها طابعٌ مميز وخاص. ولعلّ الأجمل والأغرب في هذا الاحتفال هو أن كتالونيا تحتفل باليوم نفسه بعيد الحب.

هناك، لا ينفصل يوم الحب عن يوم الكتاب حيث أن أهم وأجمل دافع للكتابة هو الحب وأجمل ما كتبته البشرية كان عن الحب. لذا تكون الورود في هذا اليوم حاضرةً كالكتب، وهناك، يقدّم الشاب وردةً لحبيبته تعبّر عن ولعه بها، بدورها تهديه الشابة كتاباً كطقس غريب وجميل.

في العام الماضي وفي يوم الكتاب، انتشرت الكتب والورود في كل شوارع برشلونة، مشكلةً معرضاً مدهشاً في الهواء الطلق وبكل الزوايا والحارات. كما أقيمت فعاليات كثيرة ومتنوعة، منها أمسيات شعرية في فضاء مفتوح، وحلقات نقد في الساحات الكبيرة، وأناس يعيدون إلقاء قصائد لوركا بصوت عالٍ في إحدى الحدائق.

وصودف في العام نفسه إقامة معرض الكتاب بعد فترة قصيرة من وفاة غابريل غارسيا ماركيز، الكاتب اللاتيني الذي قرأ الشعب الإسباني كتبه بشغف، والذي سكن إسبانيا طويلاً فسكنته شمسها، وتغزّل بشواطئ برشلونة، تلك اللؤلؤة الساحلية. لذا خُصص جزءٌ من معرض الكتاب يومها للاحتفاء بماركيز، حيث أعيدت طباعة كميات كبيرة من كتبه نفذت نسخها تقريباً في ذلك اليوم. كما أعيدت طباعة الكثير من أعمال الكتّاب المشهورين مثل باولو كويلو ويوسا وإيزابيل الليندي.

أما العدد الأكبر من الكتب الشعرية فقد كان لكتب لوركا وماتشادو والعديد من الشعراء الجدد. وأُقيمت أيضاً عدة حفلات لتوقيع كتب صدرت حديثاً ليترافق مع ذلك طقس احتفالي كرنفالي من الورود المرافقة لكل كتاب يباع. كما تميّز المعرض بعدد كبير من الكتب المطبوعة باللغة الكتالونية المحلية، تأكيداً على هوية وخصوصية كتالونيا.

تباع الكتب والورود في بداية اليوم بأسعار محددة، وتنخفض الأسعار إلى النصف وربما أقل بكثير في نهاية اليوم. سيتجدد الاحتفال بيوم الكتاب سنوياً في كاتالونيا، ويُتوقع أن تكون المهرجانات مذهلةً دوماً، فتكون فيها الكلمات كالورود، متفتحة ومشرقة، ويُكرّم في تلك المهرجانات كُتّاب قدموا من كل زوايا العالم. وسترسّخ كاتالونيا كل إمكاناتها لتكريم أدباءها، وماضيها، ليتجسّد الحب في شرفاتها، فتقدم بذلك للعالم وروداً تتفتّح مع كلّ صفحة كتاب تُطوى.


اقرأ أيضا:
"الأندلس تاريخ متجدّد".. عودة إلى الواجهة
"لابابييز" شارع إسباني مرصوف بالقصائد والموسيقى
إسبانيا: العثور على مقبرة ثربانتس مؤلف "دون كيشوت"
المساهمون