هرم زوسر... كيف بنى الفراعنة أقدم أهرامهم؟

28 يوليو 2024
يبلغ ارتفاع الهرم 60 متراً ويقع في هضبة سقارة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اكتشاف نظام رفع هيدروليكي في هرم زوسر**: كشفت دراسة جديدة أن المصريين القدماء استخدموا نظام رفع هيدروليكي لبناء هرم زوسر، حيث كانت المياه تتدفق إلى عمودين داخل الهرم لرفع وخفض العوامة المستخدمة لحمل حجارة البناء.

- **دور سور جسر المدير في إدارة المياه**: اقترح الباحثون أن سور جسر المدير كان يعمل كسد حاجز لالتقاط المياه والرواسب، مما ساعد في تدفق المياه إلى أعمدة الهرم لرفع أحجار البناء.

- **أهمية الدراسة في تتبع تطور تقنيات البناء**: ركزت الدراسة على مجمع زوسر لتتبع تطور تقنيات البناء في مصر القديمة، مشيرة إلى الحاجة لمزيد من البحث لفهم تدفق المياه عبر أعمدة الهرم.

كشفت دراسة جديدة أن المصريين القدماء ربما بنوا هرم زوسر، أقدم الأهرام المصرية الشهيرة، بمساعدة نظام رفع هيدروليكي فريد. وفقاً للدراسة التي نُشرت يوم 24 يوليو/ تموز الحالي في مجلة بلوس وان PLOS ONE، فإن المياه ربما كانت قادرة على التدفق إلى عمودين يقعان داخل الهرم نفسه، حيث كان من الممكن استخدام تلك المياه للمساعدة في رفع وخفض العوامة المستخدمة لحمل حجارة البناء.

هل فكّ اللغز؟

ينتمي الفرعون زوسر إلى الأسرة الثالثة من ملوك الدولة القديمة في مصر، ويُعَدّ هرمه المدرَّج الذي بُني عام 2680 قبل الميلاد جوهرة التاج لمجمعه الجنائزي، الذي يتضمن معابد ومباني إضافية محاطة بخندق جاف. يبلغ ارتفاع الهرم 60 متراً ويقع في هضبة سقارة، على بعد نحو ستة كيلومترات غرب النيل و15 كيلومتراً جنوب الجيزة، حيث بدأ فراعنة الأسرة الرابعة بعد حوالى قرن من الزمان ببناء أهرامهم الخاصة، خوفو وخفرع ومنكاورع. على مدى آلاف السنين كانت الطريقة الدقيقة التي بُني بها هذا الهرم المدرَّج لا تزال غير واضحة.

لكن في الدراسة الجديدة، اقترح الباحثون أن سور جسر المدير القريب من هرم زوسر - وهو معروف أيضاً باسم السياج العظيم، ويعتقد أنه أقدم بناء حجري معروف في مصر - ربما كان يعمل كأنه "سد حاجز" لالتقاط المياه والرواسب. إضافة إلى ذلك، ربما كانت سلسلة من المقصورات المحفورة في الأرض خارج الهرم منشأة لمعالجة المياه، ما يسمح للرواسب بالاستقرار مع مرور المياه عبر كل مقصورة لاحقة، وربما كان الماء قادراً بعد ذلك على التدفق إلى أعمدة الهرم نفسها، حيث يمكن لقوة ارتفاعه أن تساعد في حمل أحجار البناء.

"باستخدام مزيج من صور الرادار عبر الأقمار الصناعية وأكثر من قرن من التقارير التي أعدها علماء الآثار، حلّل الفريق البحثي الذي يضم باحثين متعددي التخصصات، منهم المهندسون وعلماء المياه، العديد من الميزات داخل هرم زوسر وحوله، التي كانت وظيفتها الدقيقة حتى الآن بعيدة عن علماء الآثار، ووجدنا أنها هياكل لإدارة المياه ومعالجتها" يقول المؤلف الرئيسي للدراسة خافيير لاندرو، الباحث المتخصص في علم هندسة المواد في مختبر "باليوتكنيك" لدراسة تقنيات الحضارات القديمة في فرنسا.

تتبع تطور تقنيات بناء هرم زوسر

يوضح لاندرو لـ"العربي الجديد" أن الدراسة ركزت على مجمع زوسر، بدلاً من أهرام الجيزة الأكثر شهرة، لأن الهدف من البحث كان تتبع تطور تقنيات البناء في مصر القديمة، وبما أن هرم زوسر أقدم هذه الأهرام (التي يتجاوز عددها الـ100 هرم) فكان هو الأجدر بالدراسة.

وفقاً للمؤلف الرئيسي للدراسة، أظهرت صور الأقمار الصناعية أن السد (سور جسر المدير) يتقاطع تماماً مع مجرى وادي أبو صير الجاف، وهو مجرى موسمي يتدفق من الصحراء الغربية الجبلية إلى سقارة ويصب في نهر النيل. كذلك يتمتع جسر المدير بجميع الخصائص الفنية لـ "السد الحاجز"، المستخدم للتحكم في تدفق الفيضانات المفاجئة من الوادي والتقاط الرواسب الثقيلة مثل الأشجار والصخور التي يمكن أن تلحق الضرر بالمناطق والآثار الواقعة في مجرى النهر.

تشير دراسة نشرت عام 2021 في مجلة بروسيدنغس أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف سينس PNAS إلى أن المهندسين المصريين القدماء يرجح أنهم استعانوا بقناة مائية بائدة من الأفرع القديمة لنهر النيل، لنقل مواد البناء والمؤن إلى هضبة الجيزة. وعام 2014، نشر عالم المصريات مارك لينر وفريقه دراسة كشف فيها عن وجود آثار وأدلة قديمة على ميناء مزدحم، إضافة إلى ثكنات للبحارة أو الجنود بالقرب من موقع أهرامات الجيزة الحالي. وأشارت كشوفات لينر إلى أن هضبة الجيزة حظيت بميناء مزدهر منذ 4500 عام على الأقل.

يقول مؤلفو الدراسة الجديدة إنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم كيفية تدفق المياه عبر أعمدة هرم زوسر، وكذلك كمية المياه المتاحة للمناطق الطبيعية في تلك المرحلة من تاريخ الأرض. ويشير الفريق إلى أنه حتى مع استخدام طرق بناء أخرى مثل المنحدرات للمساعدة في بناء الهرم، كان من الممكن استخدام نظام رفع هيدروليكي لدعم عملية البناء عندما كان هناك ما يكفي من المياه.

المساهمون