في حديقة صقلّية

13 أكتوبر 2018
("ديمومة الأثر العربي"، من باليرمو في صقلية)
+ الخط -

هناك نافذتان
يتكثَّفُ على زُجاجهما
البخارُ الحارّ
لأنفاسِ كلِّ الكائناتِ المحتضرة،
نافذتان اثنتان
أراهُما
كلَّما نظرتُ إلى عينيَّ
في مرآة.

من الصباح إلى المساء
أُمزّق أفكاري
التي من المساء إلى الصباح
تُمزّقني.

كغيمةٍ مررتُ
محوتُ كلَّ أنطُلوجيا الغيوم السابقة
وامَّحيتُ.

عبْرَ نافذتي الآنَ
يسيلُ الليلُ كلُّه إلى الداخل
ويسيلُ جسدي كلُّه إلى الخارج
حتّى إنَّكم ستسمعون
قرقعةَ ارتطام نجومِهِ بعظامي
ولن تعرفوا
أيَّهما جُمجمتي
وأيَّهما القمر.

كطفلٍ سقط عن سريره
وهو نائمٌ
انفرطَتْ فجأةً
في الريح
زهرةُ الفاوانية.

يُعصَفُ بأوراق الخريف
لا أعرف أفي جوفِ غابةٍ
أم في جوفي.

وأنا أحاربُ
غيومَ رأسيَ الثِّقال
أخذَتْني
أسيرَ حربٍ
غيومُ خريفٍ خِفاف.

الآنَ، الآن...
رجَّفَتْ حديقةَ دخيلتي
برتقالةٌ
سقطَتْ قبل قرونٍ
في حديقةٍ صِقِلِّيَّةٍ غابرة.


* شاعر سوري 

المساهمون