وأيّدت القرار تسع دول، من بينها فرنسا وبريطانيا، اللتان وزّعتا مشروع القرار بعد ظهور نتائج تحقيق الآلية المشتركة، بالإضافة إلى الولايات المتّحدة، التي لم يتّضح بعد موقفها من الأزمة في سورية، فيما عارضته ثلاث دول، هي روسيا والصين وبوليفيا، وامتنعت 3 دول أخرى عن التصويت، وهي مصر، وإثيوبيا، وكازخستان التي استضافت اجتماعات أستانة الأخيرة.
ونصّ مشروع القرار، الذي تقدمت به أكثر من عشرين دولة، من ضمنها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وقطر والإمارات والسعودية، على تشكيل لجنة عقوبات من الخبراء، بغية فرض نظام محاسبة وعقوبات، لمحاسبة هيئات ومسؤولين في النظام السوري على إنتاج تلك الأسلحة، بحسب مسودة المشروع.
استنكار فرنسي بريطاني
وقبل التصويت على مشروع القرار، قال ممثل فرنسا في مجلس الأمن، فرنسوا دولاتر: "منذ أشهر حاولت فرنسا وبريطانيا وأميركا إقناع مجلس الأمن بالتصويت على قرار لمحاسبة مستخدمي الأسلحة الكيميائية". وأضاف: "ثمة أسلحة محظورة استخدمت عدة مرات في سورية. أدعوكم جميعًا إلى تحمل المسؤولية على النحو السليم. نحن لا نواجه فقط خطر استخدام أسلحة دمار شامل، بل شهدنا تكرار استخدامها. وبلغنا هنا أقصى درجات انتهاك السلام والأمن الدوليين".
وأضاف الدبلوماسي الفرنسي: "لقد بلغنا اليوم لحظة حاسمة، ومسؤولية النظام السوري أصبحت واضحة في ثلاث من هذه الحالات، التي أشارت إليها الآلية خلال تحقيقها، كما أثبتت استخدام (داعش) للأسلحة في مرة واحدة. ينبغي أن نتخذ التدابير اللازمة على أساس قرارات قبلناها جميعا".
ولفت قائلًا "إذا أخرنا التحرك فإننا نعطي إشارة إلى أنه من الممكن الإفلات من العقاب بشكل كامل. الوضع الدولي يفرض علينا التحرك بشكل عاجل وفوري".
وعن مشروع القرار، قال المندوب الفرنسي: "لدينا مشروع القرار الذي ينص على اعتماد تدابير بموجب البند السابع. ونؤكد ضرورة تنفيذ النظام السوري التزاماته السابقة بموجب قرارات مجلس الأمن. كما يشير المشروع إلى تدابير ملموسة تتعلق بالجزاءات ووضع معايير ملائمة لإدراج أسماء الأشخاص المسؤولين عن ذلك الاستخدام". وأشار إلى ضرورة تخطي الخلافات بين الدول من أجل قيام مجلس الأمن بمهامه وحفظ الأمن والسلام الدوليين.
ومن جانبه، قال المندوب البريطاني لمجلس الأمن، ماثيو ريكروفت، تعليقًا على نتائج التصويت: "ليست هذه أول مرة التي تستخدم فيها روسيا حق الفيتو. هم يفضلون أن يغطوا على الأفعال التي يرتكبها الأسد. وسيقول الروس إن ذلك يعتمد على آليات غير واضحة، وروسيا وافقت على هذه الآلية، لكن عندما كانت النتائج لا تروق لروسيا لم تقبلها. لن يعرقل هذا القرار العملية السياسية والمفاوضات الجارية كما تدعي روسيا. المسؤولون عن الهجمات أحرار ولم تتم محاسبتهم. هذا لم يكن نصًّا سياسيًّا؛ هذا كان مشروع قرار تقنيًّا يعتمد على قرارات آليات التحقيق التي حددها مجلس الأمن".
فيتو روسي صيني جديد
بدوره، علّق ممثل روسيا لمجلس الأمن، فلاديمير سافرونكوف، على التصويت بالقول: "صوّت الاتحاد الروسي ضد مشروع القرار، ولكنه ليس وحيدًا، فهناك ست دول بين ممتنعة ومعارضة له، ويجب أن يعطي هذا الدول الغربية شيئًا للتفكير. مشروع القرار هذا طرح في ديسمبر/كانون الأول الأخير، وأعربنا آنذاك عن تخوّفنا وتشكيكنا في ما يخص التقرير الرابع والثالث الصادر عن آلية التحقيق. وقلنا إن هذه الاستنتاجات لا توجد فيها أدلة مقنعة، كما أن الغازات السامة استخدمت على يد جماعات مسلحة غير (داعش). والخبراء الذين يعملون في سورية يأخذون شهادات من أشخاص مشكوك فيهم". وأضاف: "دعونا نتذكر ما حدث في العراق، ولا يحق لنا أن نقوم بالجرم نفسه مرة أخرى".
أما مندوب الصين ، لوه تشيه، فقال: "على المجتمع الدولي تشجيع الأطراف في سورية للحفاظ على وقف إطلاق النار وإيجاد مخرج. إجراءات المجلس يجب أن تأخذ في الحسبان أهمية وقف إطلاق النار، ويجب أن نعمل على تحقيق الاستقرار في سورية بأسرع وقت ممكن. موقف الصين واضح، فنحن نعارض استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي شخص أو فرد أو كيان، ونؤيد الدعوة للمعاقبة".
ونوّه في هذا السياق إلى أن "المجلس حقّق نتائج ايجابية، تمثّلت في تدمير مخزون الأسلحة الكيميائية، والتحقيقات ما زالت جارية، لذلك من السابق لأوانه استباق تلك التحقيقات، حيث ما زالت الآلية مستمرة".
امتناع مصري للمرّة الثانية
أمّا سفير مصر للأمم المتحدة، عمرو أبو العطا، فبرّر امتناع بلاده عن التصويت بالقول: "إن تطبيق مفهوم المحاسبة يستلزم اكتمال العديد من الأركان، وإذا نقص بعضها أو أحدها تتحول تلك المحاسبة إلى إجراء مسيّس يؤثر مباشرة على أفق العملية السياسية. وعلى الرغم من أن مشروع القرار يحمل اسم العدالة والمحاسبة، إلا أنه تجاهل قضية الآلية".
وأضاف: "دعوني أذكر أعضاء المجلس بأنه لتوقيع عقوبات على أفراد أو كيانات؛ فقد جرت العادة على أن يتم إنشاء لجنة تقوم بتقييم الأدلة ضد الأفراد، ثم إدراج أسمائهم ضمن قائمة، والمطروح أمامنا من المفترض أنه ليس قرارات سياسية لتوقيع عقوبات على دولة ما، ولكن فوجئنا بأنه تم القفز على الخطوات المعهودة. المشروع يحمل قائمة معدّة سلفًا بالأسماء والكيانات، ويرى الذين قدّموا القرار أن هؤلاء هم المسؤولون، ولكن دون تقديم الأدلة أو إعطاء فرصة للجنة العقوبات للتحقق من هذا الإدراج".
أسماء وكيانات
وتضمن مشروع القرار، المستند إلى تحقيق الآلية المشتركة، لائحة من الأسماء والكيانات المرتبطة بالنظام السوري لفرض عقوبات عليها ومحاسبتها، والتي ضمت أكثر من عشرين اسماً.
وشملت قائمة الأسماء كلًّا من: "عمرو الأرمنازي، وهو المدير العام لمركز الدراسات والبحوث العلمية، ومسؤول عن تطوير وإنتاج الأسلحة الكيميائية والقذائف لدى النظام السوري، والعميد غسان عباس، العقيد محمد بلال، بيان البيطار، وهو مدير عام مؤسسة الصناعات التقنية (OTI)، ومرتبط بالمؤسسة التابعة لوزارة الدفاع السورية، والتي تساعد على إنتاج الأسلحة الكيميائية لفائدة النظام السوري، والعقيد سهيل حسن الحسن، واللواء جميل حسن، واللواء ساجي جميل درويش، والعميد محمد إبراهيم، والعميد بديع معلا، واللواء طلال شفيق مخلوف، واللواء أحمد بلول، ومركز الدراسات والبحوث السوري، وشركة (Expert Partners)، وشركة مخبر للأعمال (Business Lab)، وشركة الحلول الصناعية، والمخبر الوطني للمعايير والمعايرة، وشركة المؤسسة العامة للصناعات الهندسية، والشركة العربية السورية للصناعات الإلكترونية، ومصنع البناء الميكانيكي، والمعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، ومؤسسة الصناعات التقنية".
كما تضمّن مشروع القرار حظرًا على المروحيات. وشمل الحظر على المروحيات "جميع الأصناف والمعدات ذات الصلة بالمروحيات، بما في ذلك المعدات الأرضية والمحركات ومكونات المروحيات". كما نص المشروع، في هذا السياق، على تطبيق حظر على "المروحيات والمكونات المصممة خصيصًا لها، والمروحيات من دون طيار، ومعدات الدعم الأرضي، ومعدات القيادة والمراقبة، والمكونات المصممة خصيصًا للمروحيات من دون طيار".