06 مايو 2015
غلطة سمير الوافي
الناصر الرقيق (تونس)
حين سمعت، في تونس، خبر إيقاف الصحافي سمير الوافي، قاومت رغبة شديدة في الكتابة حول الموضوع، غير أني رضخت أخيراً لقلمي. لم يفاجئني الأمر، فهو منتظر منذ مدّة، خصوصاً مع حملة الشيطنة التي شنتها عدّة أطراف ضدّ الوافي. قد يستغرب أحدكم، ما الذي يجعل شخصاً مثلي يكتب عن أمر كهذا؟ أولاً، لا بد من توضيح شيء مهم. سمير الوافي لا أعرفه، لا من قريب ولا من بعيد، ولم يسبق لي أن قابلته، وربّما من المستحيل أن نتقابل في يوم ما. فقط أكتب من باب المبادئ التي تعلّمتها في مدرسة الحياة الكبيرة، لتعرية جزء من الواقع الإعلامي المتعفّن في بلادنا.
قد تكون لسمير الوافي علل وزلاّت، وقد تكون له مثالبه، وقد تكون "العيوب السبعة" تجمّعت في شخصه. لكن المؤكّد أنه ليس الأسوأ في الساحة الإعلامية، بدليل أنّ أكثر الشامتين فيه والفرحين بما حصل له صحافيون وإعلاميون. وهذا ما يدلّ قطعيّاً على تعفّن المشهد الإعلامي في تونس، بشكل غير مسبوق، وهذا المشهد العفن مليء بكلّ الأنواع المنحطّة والضحلة من البشر، خالياً من الشهامة، ولو في حدّها الأدنى "حاشى إلّي ما يستاهلشي". ففي الماضي القريب، ارتكب صحافيون كثيرون أفعالاً أشنع ممّا نُسب لسمير الوافي. لم يتحرّك أحد ضدّهم، بل بلغ الأمر، في بعض الحالات، حد اقتحام مكتب قاضي التحقيق، الذي فتح مكتبه يوم عطلة، وإخراج الزميل بالقوّة، تحت حماية الزملاء الأشاوس.
جعلني هذا الكمّ الكبير من الشماتة والحقد على سمير الوافي من عدد كبير من زملاء مهنته أتساءل: من أين يأتي هؤلاء بكلّ هذا الحقد؟ وهل من المروءة أن تشمت في زميلك، الواقع تحت القضاء؟ بعد الثورة، هناك عادة دأب عليها أصحاب القطاعات المختلفة، حيث كلّما أوقفت السلطات أحد المنتمين لقطاع ما، قام زملاؤه، مرّة واحدة، إلى حين إطلاق سراحه، من دون أن يجرؤ أحدهم على طرح سؤال: هل يمكن أن يكون زميلنا مذنباً ويستحق الإيقاف. لكن، ربّما لو كان أحدهم مكان سمير الوافي، لكانت النقابات والمنظمات والهيئات والإذاعات والتلفزات ترفع عقيرتها، خوفاً على حرية التعبير، ولكانت المنابر منصوبة للدفاع عنه.
غلطة سمير الأولى أنّه ليس مؤدلجاً، يمكن أن تضلّله الإيديولوجيا وتحميه من حرّ السلطة وقرّها الممتد داخل الدولة، وغلطته الثانية أنّه كان مخالفاً للقطيع الذي كان الذراع الإعلامية للثورة المضادة التي حاولت، بكلّ قواها وما زالت، إطاحة الثورة وكلّ رموزها، فهذا القطيع لم يغفر له عدم مهاجمته الرئيس السابق، المنصف المرزوقي، وعدم تهجّمه على حكومة الترويكا. عموماً، ربّما تكون تجربة جيّدة له، حتى يراجع بعض خياراته ويلتفت حوله.
قد تكون لسمير الوافي علل وزلاّت، وقد تكون له مثالبه، وقد تكون "العيوب السبعة" تجمّعت في شخصه. لكن المؤكّد أنه ليس الأسوأ في الساحة الإعلامية، بدليل أنّ أكثر الشامتين فيه والفرحين بما حصل له صحافيون وإعلاميون. وهذا ما يدلّ قطعيّاً على تعفّن المشهد الإعلامي في تونس، بشكل غير مسبوق، وهذا المشهد العفن مليء بكلّ الأنواع المنحطّة والضحلة من البشر، خالياً من الشهامة، ولو في حدّها الأدنى "حاشى إلّي ما يستاهلشي". ففي الماضي القريب، ارتكب صحافيون كثيرون أفعالاً أشنع ممّا نُسب لسمير الوافي. لم يتحرّك أحد ضدّهم، بل بلغ الأمر، في بعض الحالات، حد اقتحام مكتب قاضي التحقيق، الذي فتح مكتبه يوم عطلة، وإخراج الزميل بالقوّة، تحت حماية الزملاء الأشاوس.
جعلني هذا الكمّ الكبير من الشماتة والحقد على سمير الوافي من عدد كبير من زملاء مهنته أتساءل: من أين يأتي هؤلاء بكلّ هذا الحقد؟ وهل من المروءة أن تشمت في زميلك، الواقع تحت القضاء؟ بعد الثورة، هناك عادة دأب عليها أصحاب القطاعات المختلفة، حيث كلّما أوقفت السلطات أحد المنتمين لقطاع ما، قام زملاؤه، مرّة واحدة، إلى حين إطلاق سراحه، من دون أن يجرؤ أحدهم على طرح سؤال: هل يمكن أن يكون زميلنا مذنباً ويستحق الإيقاف. لكن، ربّما لو كان أحدهم مكان سمير الوافي، لكانت النقابات والمنظمات والهيئات والإذاعات والتلفزات ترفع عقيرتها، خوفاً على حرية التعبير، ولكانت المنابر منصوبة للدفاع عنه.
غلطة سمير الأولى أنّه ليس مؤدلجاً، يمكن أن تضلّله الإيديولوجيا وتحميه من حرّ السلطة وقرّها الممتد داخل الدولة، وغلطته الثانية أنّه كان مخالفاً للقطيع الذي كان الذراع الإعلامية للثورة المضادة التي حاولت، بكلّ قواها وما زالت، إطاحة الثورة وكلّ رموزها، فهذا القطيع لم يغفر له عدم مهاجمته الرئيس السابق، المنصف المرزوقي، وعدم تهجّمه على حكومة الترويكا. عموماً، ربّما تكون تجربة جيّدة له، حتى يراجع بعض خياراته ويلتفت حوله.
مقالات أخرى
15 ابريل 2015
06 يناير 2015
12 يوليو 2014