غزة تنتصر للأسرى المضربين... خيمة تضامن وفعاليات داعمة

26 ابريل 2017
تُذكّر الخيمة بمعاناة الأسرى (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -


في "ساحة السرايا"، وسط مدينة غزة، التي كانت سجناً إسرائيلياً لسنوات طويلة خلال احتلال القطاع، تضج خيمة التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعشرات المتضامنين على مدار الساعة. الخيمة التي افتُتحت تزامناً مع إضراب نحو 1500 أسير فلسطيني في سجون إسرائيلية مختلفة، تتزين بالأعلام الفلسطينية ورايات الفصائل، وصور الأسرى المضربين والأسرى الشهداء، وقيادات الحركة الوطنية الأسيرة، إلى جانب اللافتات الداعمة للإضراب والمضربين.
أقيمت الخيمة برعاية لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية وهيئة شؤون الأسرى والمؤسسات الفاعلة، وباتت قبلة للراغبين والراغبات في التضامن مع الأسرى المضربين، لدعم صمودهم في وجه السجان الإسرائيلي، الذي يواصل تحديه للإرادة الدولية وحقوق الإنسان في تعامله مع أكثر من ستة آلاف وخمسمائة فلسطيني وفلسطينية معتقلين في سجونه.
تتوسط صورة الأسير، القيادي في "فتح" والنائب في المجلس التشريعي، مروان البرغوثي، قائد الإضراب الحالي، صور الأسرى المضربين والأسرى الشهداء، وفي كل زوايا الخيمة التضامنية لافتات تُذكّر بمعاناة الأسرى، وبإنجازاتهم وإبداعاتهم وإضراباتهم المتعددة لنيل حريتهم.
يخوض المضربون عن الطعام من الأسرى معركتين في آن واحد وكلاهما قاسية وصعبة، المعركة الأهم مع السجان الإسرائيلي الذي بات يشدد من التضييق عليهم ويمنع عنهم زيارات الأهل والمحامين وينقلهم بشكل تعسفي في مسعى لضرب الإضراب. أما المعركة الأخرى فهي مع الإعلام الإسرائيلي وحكومة الاحتلال التي شكّلت فريقاً للترويج لفشل الإضراب قبل انطلاقه، ولمحاربة المضربين إعلامياً وسياسياً ودولياً، وملاحقة الأخبار المتعلقة بهم ونفيها، في مسعى لبث الإحباط في صفوف المضربين والأسرى والمتضامنين وذويهم.
وتبدو واضحة ردة الفعل الغاضبة من إسرائيل على الإضراب، إذ تنشر وسائل الإعلام الإسرائيلية والمسؤولون في حكومة الاحتلال عبر صفحاتهم في مواقع التواصل بشكل شبه يومي أخباراً ثبت عدم صحتها عن الإضراب، ومنها فك بعض المضربين إضرابهم، وهو ما تنفيه قيادة الإضراب واللجان المُتابِعة لمعركة "الأمعاء الخاوية".
في الخيمة، يأتي المتضامنون والمتضامنات فرادى وجماعات لإسناد الأسرى والوقوف إلى جانبهم، وإلى يمين الخيمة يجلس قادة الفصائل ومسؤولو فعالية التضامن لاستقبال الجماهير. خلفهم تماماً منصة يجري فيها إلقاء الكلمات والأشعار والقصائد والأناشيد والأغاني الوطنية.
ينخفض صوت الميكروفون الترويجي للخيمة قليلاً، ثم تحضر طفلة صغيرة من المتضامنات وتلقي قصيدة عن الأسرى، ثم طفل جاء يتضامن مع عمه الأسير المضرب عن الطعام والذي لم يره منذ ولادته، إذ لا يسمح بالزيارة له، ويلقي أغنية ثورية عن الأسرى على مسامع الحضور الذين يتفاعلون مع كل ما يُبث عبر المنصة. يعلو صوت الميكروفون مرة أخرى، للترحيب بوفد من حركة "فتح" و"الجبهة الشعبية"، ليأتي بعده متحدث باسم الحركة والجبهة ليتلو بيانات منفصلة تدعم الخطوات النضالية للأسرى، ومن ثم يقرأ مسؤول خبراً عن دخول مزيد من الأسرى الإضراب، ويتلو أسماءهم على الحضور.


صور الأسرى معلقة على جدران الخيمة، ويحملها المتضامنون بين أيديهم، وأعلى الخيمة صورة للقيادي في "كتائب القسام"، الشهيد مازن فقهاء، الذي اغتيل في غزة أخيراً، في لمسة وفاء ووحدة، ولا تغيب عن الخيمة إلا القليل من الفصائل.
أحاديث المتضامنين في الخيمة لا تبتعد كثيراً عن مأساة المضربين ومعاناتهم، والوحدة وإنهاء الانقسام حديث حاضر بقوة بين جنباتها. يقول رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عبد الناصر فروانة، لـ"العربي الجديد"، إنّ الوحدة الوطنية مطلب أساسي للأسرى الذين بادروا منذ البداية لإطلاق وثيقة الوفاق. فروانة، الذي يبدأ يومه باكراً في الخيمة مع العشرات من المتضامنين، يؤكد أنّ الخيمة تشكل حالة معنوية لإسناد المضربين عن الطعام، وتعزز من صمودهم وتسلط الضوء على معاناتهم وإضرابهم، مشيراً إلى أنّ حالة التضامن مع الأسرى تشكل ضغطاً على الاحتلال الإسرائيلي ليفتح باب التفاوض مع الأسرى حول مطالبهم.
ويبدو فروانة مرتاحاً لحجم التضامن في غزة والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل والشتات مع إضراب الأسرى، ويشير إلى أنّ المضربين يدافعون عن الفلسطينيين جميعاً في وجه مخططات إنهاء القضية الوطنية، على أنّ التضامن واتساع رقعة المشاركين فيه تؤثر إيجاباً على معنويات الأسرى وعلى مجريات الإضراب.
ويلخص الأسير المحرر، والباحث في قضايا الأسرى، مطالب المضربين، بالتأكيد على أنهم يريدون الدفاع عن كرامتهم، ووقف إجراءات الإهانة اليومية بحقهم، وتحسين الظروف المعيشية والحياتية لهم، ووقف سياسة العزل الانفرادي، ووقف الاعتقال الإداري، ووقف سياسة الإهمال الطبي.
ويطالب الأسرى، وفق فروانة، بتوفير الكتب والصحف وقنوات فضائية لمشاهدتها، إضافة إلى السماح لهم بالدراسة في الجامعات المفتوحة، وتقديم الثانوية العامة (التوجيهي) والتواصل الدائم مع الأهل عبر الاتصال الإنساني والزيارة المنتظمة، وتأمين معاملة إنسانية أثناء تنقلات الأسرى، ووقف الإجراءات المهينة بحق الأسيرات.
على مدخل الخيمة التضامنية، كان مفوض الأسرى في حركة "فتح"، وعضو مجلسها الثوري، تيسير البرديني، يتنقل من كرسي لآخر، يشرح للحاضرين من المتضامنين الفعاليات المطلوبة للتضامن مع الأسرى، فهو أسير أمضى 20 عاماً من عمره في سجون الاحتلال.
يعرف البرديني جيداً معنى التضامن مع الأسرى وتأثير فعل التضامن القوي على من هم في السجون الإسرائيلية، وخصوصاً في معركة "الأمعاء الخاوية" ومعارك نيل الحقوق. ويشرح لـ"العربي الجديد"، أنّ التضامن في غزة وكل المناطق مع إضراب الأسرى دليل وحدة وطنية، في مساندة معركة وطنية، يراد منها الصمود في وجه السجان الإسرائيلي وتحقيق إنجازات للأسرى.
ويلفت إلى أنّ التفاف الكل الوطني حول الأسرى في معركتهم "رسالة قوية للسجان الإسرائيلي بأنّ الأسرى خلفهم شعب كامل"، ورسالة للأسرى أنفسهم بأنّ قضيتهم توحد الفلسطينيين على الرغم من كل الخلافات الداخلية والمصاعب. ويراهن البرديني على فشل كل محاولات كسر الإضراب وثني الأسرى المضربين عن العودة عن خياراتهم ومواصلة معركتهم من أجل حقوقهم المشروعة التي ينص عليها القانون، ويلفت إلى أنّ الأسرى أقوياء بشعبهم وسينتصرون على السجان الإسرائيلي.