لا يزال الإقبال على شراء الأضاحي في قطاع غزة ضعيفاً هذا العام، على الرغم من انخفاض الأسعار مقارنة مع الأعوام الماضية، وطرح الكثير من أصحاب المزارع والمؤسسات عروضاً لتقسيطها على دفعات مالية ميسرة للمواطنين، الذين باتوا وكأنهم عازفون عن الأضحية.
وتلعب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، التي يعيشها نحو مليوني مواطن في القطاع المحاصر منذ عام 2006 من قبل الاحتلال الإسرائيلي، دوراً في التأثير على انخفاض الحركة الشرائية للأضاحي، لاسيما في ظل عدم تلقى آلاف الموظفين لرواتبهم كاملة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ويقول تاجر المواشي، محمد البلعاوي، لـ"العربي الجديد"، إن الإقبال على شراء الأضاحي لهذا العام لا يزال ضعيفاً مقارنة مع العام الماضي، في الوقت الذي تشهد فيه الأسعار انخفاضاً ملموساً مقارنة بالأعوام الماضية، ووجود الكثير من العروض الخاصة بتسهيل شراء الأضاحي وتقسيطها على عدة دفعات مالية.
ويوضح البلعاوي أنّ هناك انخفاضا في الأسعار بمعدل 1.2 دولار أميركي للكيلو غرام الواحد، بما يصل إلى أكثر من 120 دولاراً للحصة الواحدة الخاصة بالفرد، مقارنة مع أسعار العام الماضي.
ويفضل سكان قطاع غزة أضاحي العجول والأبقار أكثر من الأغنام، لكونها تعطي كميات أكبر من اللحوم، وهو ما يسمح للأسر، بتوزيع كميات أكبر على الأقارب والمعارف، حيث يمكن تقسيم الأضحية إلى 7 حصص.
ويرجع التاجر الفلسطيني انخفاض الأسعار لهذا العام مقارنة مع الأعوام الماضية إلى توفر كميات كبيرة من المواشي في الأسواق، بالإضافة إلى انتشار المزارع بشكل أكبر مما كانت عليه سابقاً، وتوجه المزيد من أهل القطاع للاستثمار في هذا المجال.
وتلجأ العديد من المؤسسات والجمعيات العاملة في قطاع غزة إلى طرح عروض خاصة أمام الغزيين، لاسيما الموظفين منهم لتقسيط شراء الأضحية على دفعات مالية، من أجل تعزيز المساهمة في تعزيز الحركة الشرائية في الأسواق الغزية الخاصة بالأضاحي.
لكن البلعاوي يشير إلى أنه رغم طرح عروض التقسيط أمام الراغبين بالأضاحي، إلا أن الظروف المالية للكثيرين لا تسمح لهم بالانتظام في تسديد هذه الأقساط، ما يدفع الكثير من التجار إلى تفضيل الدفع النقدي من أجل سداد الالتزامات الخاصة بالتجار والموردين.
ويتفق عطا الكحلوت، أحد موردي المواشي، مع سابقه بشأن تواضع الحركة الشرائية لهذا العام عن العام الماضي وعزوف شريحة واسعة من الغزيين عن شراء لحوم الأضاحي لهذا العام.
ويوضح الكحلوت لـ "العربي الجديد" أنّ موسم الأضاحي لهذا العام تأثر بشكل كبير بالواقع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه السكان وتلاحق المواسم في السنوات الأخيرة وتصادفها مع مواسم أخرى كالمدارس وغيرها، وهو ما يدفع بالكثيرين نحو الإحجام عن شراء الأضحية.
ويلفت إلى أن الكثير من التجار العاملين في مجال لحوم الأضاحي، يخشون من التعرض لخسائر مالية لهذا العام، في ظل وجود كميات كبيرة من المواشي بأنواعها، وانخفاض الطلب من قبل المواطنين في القطاع على الشراء، بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بهم.
ويؤكد الكحلوت أنه رغم طرح الكثير من المؤسسات نظام التقسيط، إلا أنه سيكون من الصعب تطبيقه لدى فئة واسعة من التجار الغزيين بفعل مطالبة التجار بمستحقاتهم المالية الخاصة بثمن رؤوس الماشية، الأمر الذي سيؤثر بشكل واضح على انخفاض نسبة الشراء.
ووفقاً لإحصائيات اللجنة الشعبية لكسر الحصار، فإن معدلات الفقر وصلت في القطاع منذ فرض الحصار إلى أكثر من 80% من إجمالي عدد السكان، عدا عن اعتماد شريحة كبيرة منهم على المساعدات الإغاثية المقدمة من المؤسسات الدولية والعربية.
ويواجه اقتصاد غزة صعوبات كبيرة في ظل العدوان الإسرائيلي المتكرر والحصار المتواصل منذ 10 سنوات.
ويبلغ عدد العاطلين في القطاع نحو 201.9 ألف شخص، وتسجل البطالة في القطاع، نسبة مرتفعة، بلغت نحو 42.7%، وفق المركز الفلسطيني للإحصاء.
ويقول المدير العام للتسويق في وزارة الزراعة في غزة، تحسين السقا لـ"العربي الجديد"، إنّ العام الحالي يشهد توفر كميات كبيرة من المواشي والأغنام جراء استيراد التجار وعمل المزارع، حيث بلغ عدد العجول والأبقار نحو 19 ألف رأس ونحو 40 ألف رأس من الأغنام.
ويوضح السقا أنّ أسعار الأضاحي لهذا العام تشهد انخفاضاً ملحوظاً عن العام الماضي، جراء انخفاض أسعاره عالمياً منذ انتهاء عيد الأضحى الماضي، وهو ما قد يساهم في توجه الغزيين نحو شراء الأضحية خلال الأيام القليلة المقبلة.
ويشير المسؤول الحكومي إلى أن فئة من مشتريات الأضاحي في القطاع يعتمد على المؤسسات والجمعيات العربية والإغاثية، التي تقوم بشرائها وتوزيعها على الأسر الفقيرة في غزة، وهو ما يساهم في تحسين الحركة الشرائية الخاصة بموسم الأضاحي.
ويحتاج القطاع في موسم الأضاحي سنوياً إلى نحو 15 ألف رأس من الماشية والعجول والأبقار بالإضافة إلى 30 ألف رأس من الأغنام يجري استيرادها من الخارج، فضلاً عن الاعتماد على عمل بعض المزارع المحلية الموجودة بغزة بحسب وزارة الزراعة.
وبينما ينتظر الكثير من التجار مواسم الأعياد لتحريك الأسواق، فإن تراجع الإقبال بات يقلق الكثيرين، لاسيما أن عيد الأضحى يأتي بعد أقل من أسبوعين من بدء العام الدراسي الجديد في الأراضي الفلسطينية.
ويتحمل أرباب الأُسر الغزّية عبئًا ثقيلاً، جراء حاجتهم إلى شراء لوازم أبنائهم المدرسية، من ملابس وأحذية وقرطاسية وحقائب، في ظل معاناة غالبيتهم من انعدام فرص العمل ومصادر دخل ثابتة، وتأخر المساعدات التي توجه لصرف الرواتب.
وتعد العمال التجارية الصغيرة، التي توفرها المناسبات الموسمية المتنوعة كشهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى وبدء العام الدراسي الجديد، مصدر رزق مهم لآلاف العاطلين عن العمل وأرباب العائلات في غزة.