السوق الموازية تفرض منطقها على الأضاحي بالجزائر

10 سبتمبر 2016
الجزائريون يضحون بـ5 ملايين رأس غنم (فاروق بطيشة/فرانس برس)
+ الخط -

ما كان يخشى الجزائريون حدوثه، وقع عشية عيد الأضحى، قفزات في أسعار الأضاحي تعدت 20 ألف دينار (181 دولاراً) في ضواحي العاصمة والمحافظات الكبرى.
ويُرجع مربو الماشية الذين التقتهم "العربي الجديد" في سوق الماشية الأسبوعي لـمدينة "تيجلابين" في الضاحية الشرقية من العاصمة الجزائرية، هذا الارتفاع في أسعار الأضاحي إلى المضاربة وانتشار نقاط البيع العشوائية في مختلف الأحياء، بعيدا عن أعين السلطات الرسمية والرقابة.
ويقول سيد علي صحراوي، مربي مواش من محافظة "المسيلة" (200 كم جنوبي العاصمة)، إن "هذا الارتفاع كان متوقعا ومنتظرا لدخول المضاربين وأصحاب التجارة الموسمية في سلسلة بيع الكباش والخرفان، فهؤلاء همهم الوحيد كسب الكثير من المال في وقت وجيز".

وعلى نفس الخط سار محمد ثومي، مربي مواش من محافظة "البويرة"، اتخذ من العاصمة الجزائرية مكانا لعرض سلعته من الكباش، وقد برّأ في حديث مع مراسل "العربي الجديد"، ذمة مربي المواشي أو "المُوالين"، كما يسمونهم في الجزائر من هذا الارتفاع.
وقال ثومي: "نحن نربي ونبيع مباشرة للزبون بهامش ربح معقول، أما المضاربون والوسطاء فهم من يحطمون كل القواعد المتبعة في سوق المواشي، حيث يريدون فرض هامش ربح أكبر من الهامش الذي يطلبه المربي أو اليد الأولى كما نسميه في سوق الماشية".



من جانبهم، ظهر الجزائريون أكثر تقبلا لهذه الحالة، إذ لا يعتبر هذا الارتفاع في أسعار الأضاحي عشية عيد الأضحى بالحدث الجديد عليهم، ففي كل سنة يعيشون نفس السيناريو في ظل استطاعة السوق السوداء والمضاربة فرض منطقهما داخل سوق المواشي في البلاد.
ويقول السيد رياض، مواطن التقته "العربي الجديد" في السوق الأسبوعي للماشية لـمدينة "تيجلابين"، "الأسعار ارتفعت بين سوق الأسبوع الماضي والأسبوع الحالي، بحوالى 10 آلاف دينار (90 دولارا)، وبعض الأصناف زادت أسعارها بـ 20 ألف دينار"، متابعا: "في الأسبوع الماضي كان أقل سعر 25 ألف دينار (227 دولارا) للكبش متوسط الحجم، أما اليوم فالأسعار تبدأ من 35 ألف دينار (318 دولاراً)".

من جانبه، استبعد المواطن كمال عازم، فرضية وقوف المضاربين والوسطاء وراء ارتفاع أسعار الأضاحي، حيث يقول لـ "العربي الجديد": "يمكن تصديق أن يكون المضاربون وانتشار نقاط البيع الموازية والعشوائية وراء ارتفاع الأسعار داخل المدن، لكن كيف نفسر ارتفاع الأسعار داخل أسواق الجملة والأسواق الأسبوعية التي يتحكم فيها الموالون، حيث لا يمكن أن تُباع أو تشترى أي ماشية دون علمهم".
وأضاف "كلهم مسؤولون عن هذه الوضعية والمواطن هو ضحية جشعهم وغياب الجهات الوصية عن القطاع".

وبالرغم من إقرار الحكومة الجزائرية لجملة من الإجراءات للحد من المضاربة وإغراق السوق بالمعروض الوفير، من بينها فتح 456 نقطة بيع رسمية عبر مختلف محافظات البلاد، وإلزام مربي الماشية باستعمال "سند المعاملات التجارية" الذي ينوب عن الفواتير، وذلك لتقصي أثار الماشية، إلا أن هذه الإجراءات سرعان ما أظهرت محدودية نجاعتها أمام تغول شبح "السوق الموازية" التي فرضت منطقها.
ويرجع رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الجزائريين الحاج الطاهر بولنوار، هذا الفشل إلى سوء توجيه المستهلك نحو هذه النقاط بسبب المخطط الاتصالي الذي انتهجته وزارة الفلاحة، إذ يوجد حسب نفس المتحدث، من لا يدري بوجود نقطة رسمية لبيع الكباش على بعد أمتار من منزله.

وأضاف بولنوار أن عدد النقاط التي فتحتها وزارة الفلاحة تبقى قليلة مقارنة بمعطيات عدة، منها التوزيع الجغرافي المتوازن والذي يتماشى مع عدد السكان أيضا، فلا يعقل أن تكون في العاصمة الجزائر 14 نقطة بيع في حين توجد 54 بلدية في العاصمة.

وبالرغم من توفر أكثر من 26 مليون رأس من المواشي بمختلف أنواعها، منها ما بين 16 و18 مليون رأس غنم وأكباش (خراف ذات وزن كبير)، فإن قاعدة "العرض والطلب" تسقط أمام قانون السوق الموازية والمضاربين، حيث يقدر الطلب الوطني في الجزائر فترة العيد الأضاحي بما بين 4 ملايين و5 ملايين رأس، وهو لا يؤثر على الأسعار إذا سارت السوق وفق المنطق التجاري.

وفي السياق يرى رئيس جمعية تربية المواشي في الجزائر مجذوب منصوري أن "قانون العرض والطلب لا يوجد في الجزائر، ففي كل سنة تستبق الحكومة الأحداث وتؤكد أن العرض سيكون أكبر بكثير من الطلب وأنها اتخذت كل التدابير للحد من المضاربة، وفي الأخير نجد نفسنا أمام منطق واحد وهو منطق "السوق الموازية".



دلالات
المساهمون