عوائق عودة "جهاديي" الأردن: حدود مغلقة وسجون مفتوحة

06 اغسطس 2015
بلغ عدد العائلات المنتظرة على الحدود الأردنيةـ السورية 15عائلة(Getty)
+ الخط -
يفشل الشاب الثلاثيني محمد، منذ قرابة الخمسة أشهر، في اجتياز الحدود الأردنية ــ السورية باتجاه بلده الأردن، محاولاً العودة بعد أكثر من ثلاثة أعوام على مغادرته متسللاً إلى سورية، إذ انضمّ هناك إلى صفوف "جبهة النصرة" للمشاركة في القتال ضد النظام السوري.

اختار محمد (اسم مستعار) لنفسه لقب "المجاهد الأردني"، علّه بذلك ينعم بعدم المطاردة الأمنية، لو قدّر له واستطاع العودة إلى البلاد متسللاً كما غادرها. لكن محمد يشعر أنّ العودة مستحيلة. ويقول لـ"العربي الجديد" "حاولت التسلل أكثر من مرة وفشلت. ففي كل مرة، كان الجيش الأردني يكشفني ويمنعني من اجتياز الحدود، وأحياناً كان الجيش يطلق النار في الهواء لتحذيري من الاقتراب".

يبرّر "المجاهد" صعوبة التسلل بحرصه على عدم المخاطرة بحياة أسرته التي أسّسها أثناء وجوده في سورية. تحمل زوجته الجنسية السورية ولديه طفلان لا يملكان أوراقاً ثبوتية. كذلك لا يملك "المجاهد" عقد زواج موثّقاً يثبت أن من ترافقه هي زوجته. حرصه على عائلاته وقناعته أنّ "ما يحصل في سورية لم يعد ثورة"، دفعه إلى تسليم نفسه لقوات حرس الحدود. لكن حتى هذه المحاولة باءت بالفشل إذ "سمحوا بدخول اللاجئين السوريين، وعندما عرفوا أني أردني أجبروني على العودة أنا وعائلتي".

يعيش محمد وعائلته على مقربة من الحدود، متأمّلاً العودة. لكنه ليس الوحيد الذي ينتظر هناك. فعلى مقربة منه، تنتظر خمس عائلات أخرى السماح لها بالعودة. رجال هذه العائلات جهاديون ينتمون إلى التيار السلفي في الأردن، غادر بعضهم البلد مصطحباً عائلته معه، وآخرون أسّسوا عائلاتهم في سورية. وبحسب محمد، بلغ عدد العائلات المنتظرة على الحدود 15 عائلة، عادت أغلبيتها إلى الداخل السوري، "بعد أن يئست من الانتظار، وخافت من الموت نتيجة المعارك التي تشهدها المناطق الحدودية بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة".

اقرأ أيضاً: واشنطن ترفع معونة الأردن لمليار دولار.. وتندد بمقتل الكساسبة 

عائلة أحلام شحادة (أم بكر)، تبلغ من العمر 17 عاماً، من إحدى العائلات التي قرّرت العودة إلى مدينة درعا السورية، بحسب شقيق زوجها أبو عبيدة. ويقول أبو عبيدة، الموجود في الأردن لـ"العربي الجديد" إنه "قبل عامين ذهب أخي للقتال في سورية. وبعد فترة، لحقت به زوجته أحلام وطفلها الرضيع بكر، تسللاً عبر الحدود". لم يمض على ذهاب "الزوجة الطفلة" سوى أشهر، حتى فُقد زوجها لتبقى وحيدة مع طفليها، بعد أن أنجبت مولودة سمّتها بيسان في سورية.

يعتقد أبو عبيدة أن شقيقه قد قتل، مضيفاً "انقطعت أخباره منذ عام، وكل ما أتمناه اليوم أن تتمكن زوجة شقيقي وطفلاها من العودة إلى الأردن". لكنه يشير إلى أن أحلام يئست من محاولة العودة المتكررة، بعد أن منعها الجيش الأردني مرات عدة، وبعد أن انتظرت مع طفليها أشهراً على الحدود من دون نتيجة، فعادت لتقيم في مدينة درعا في ضيافة عائلة سورية.

في هذا الصدد، تنفي مصادر رسمية أردنية لـ"العربي الجديد"، وجود قرار يمنع الأردنيين الموجودين في سورية من العودة. وتقول المصادر، والتي طلبت عدم ذكر اسمها، إنّ "من مصلحة الأردن أن تعود هذه العائلات لأنها تشكل مصدر معلومات مهماً عند توقيفها".

بدوره، يؤكّد المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، ألا صحة لهذا الكلام، مشدداً على أنه "لا يوجد أي قرار يمنع عودة الأردنيين الذين يقاتلون في صفوف التنظيمات المتطرفة في سورية". لكنه يستدرك بالقول إن "العقاب ينتظرهم بعد عودتهم". ويوضح المومني لـ"العربي الجديد" أنّ "أي أردني يذهب للقتال في دولة أخرى وينتمي إلى تنظيمات متطرفة وإرهابية بشكل يخالف قانون منع الإرهاب، يلقى القبض عليه عند عودته ويخضع للتحقيق، لينال عقابه بحكم قضائي".

ويشير مصدر رسمي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ عشرات المقاتلين الأردنيين الذين تمكّنوا من العودة تسللاً وألقي القبض عليهم أو عادوا عبر التنسيق مع الجهات الرسمية يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة (عسكرية)، استناداً إلى قانون "منع الإرهاب" الذي يجرّم الانتماء إلى التنظيمات الإرهابية أو الترويج لها ودعمها مادياً أو إعلامياً. كذلك يجرم اجتياز الحدود بشكل غير مشروع، وتنتظرهم عقوبات مشددة تتكفل ببقائهم خلف القضبان لسنوات عدة.

وتقدّر مصادر سلفية أردنية أعداد المقاتلين الأردنيين في صفوف الجماعات الإسلامية في كل من سورية والعراق، بأكثر من ثلاثة آلاف مقاتل، سقط منهم قرابة 300 قتيل، فيما تقدر الجهات الأمنية الأردنية عددهم بأقل من 1500 مقاتل.

اقرأ أيضاً: أربعُ سنوات كاملة من الترحال واللجوء