عندما عبر الرسول خط بارليف.. التفسير السياسي للأحلام

27 يوليو 2015
+ الخط -

يوم العاشر من رمضان الفائت خرجت وأسرتي لتناول طعام الإفطار في أحد المطاعم التي تقدم المأكولات المصرية في الدوحة، ذهبنا مبكراً حتى نستطيع الحصول على طاولة مناسبة تتسع للجميع، خلال انتظارنا كنا نستمع إلى إذاعة القرآن الكريم من مصر، والتي كانت تحتفل بذكرى انتصار السادس من أكتوبر على العدو الصهيوني، ذكر المذيع ساعتها قصة مثيرة علقت في ذهني وقادتني إلى البحث وإعادة القراءة للعديد من الوقائع المماثلة؛ إذ قال المذيع: إن شيخ الأزهر،عبد الحليم محمود، رأى قبيل حرب رمضان المجيدة رسول الله في المنام يعبر قناة السويس، ومعه علماء المسلمين، والقوات المسلحة؛ بعد سماعي هذه القصة قمت بالتأكد من صحتها؛ وجدت أن الدكتور إبراهيم عوض، في كتابه "عبدالحليم محمود.. صوفي من زماننا"، قد ذكرها، وأوضح أن شيخ الأزهر سارع بعدها ليخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر، ثم توجه إلى منبر الأزهر وألقى خطبة قال فيها إن حربنا مع إسرائيل هي حرب في سبيل الله، وأن الذي يموت فيها شهيد وله الجنة، ومن تخلف عنها منافق.

جبريل يتجلي في ميدان رابعة

قلت في نفسي أليست هذه الواقعة تنتمي إلى نفس عالم القصص التي حكاها الشيخ جمال عبدالهادي؟؟ على المعتصمين في ميدان رابعة، عندما قال: إن بعض الصالحين في المدينة المنورة أبلغه برؤيا، أن جبريل عليه السلام دخل في مسجد رابعة العدوية ليثبت المصلين"، وأنه أيضا رأى مجلساً فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، والرئيس مرسي والحضور، فحان وقت الصلاة، فقدّم الناس الرسول ولكن الرسول قدّم مرسي". بعد تحققي من حدوث هذه القصة وغيرها وانتشارها وسط جماهير رابعة العدوية؛ قررت التساؤل حول فلسفة هذه المُبشرات؛ هل هذه المبشرات والرؤى خاصة بالمصريين؟ وهل هي خاصة بالمسلمين دون غيرهم؟ ومتى تنتشر؟ وكيف توظف سياسياً؟ وماهي خطورتها وفوائدها؟

أولاً: السيدة فاطمة الزهراء تسقط طائرة للعدو

هناك قصة متداولة بين أنصار حزب الله، تقول إن أحد المقاومين في حرب عام 2006 ضد إسرائيل، سجد سجدة طويلة، غفل فيها، فرأى السيدة الزهراء والسيدة زينب عليهما السلام، فقال للسيدة الزهراء بلهفة: يا مولاتي إن الطيران هتكنا ودمر بيوتنا وقتل أطفالنا ونساءنا ألا تصنعوا لنا شيئا؟ فقالت له السيدة الزهراء رضي الله عنها: (اصبروا فالنصر حليفكم) فقال لها: يا مولاتي ألسنا من مواليكم ومحبيكم والمتمسكين بكم والسائرين على طريقكم ألا تصنعوا لنا شيئا لهذا الطيران؟ فقالت له: اصبروا فالنصر حليفكم ، يقول: فإذا برداء أبيض قد وضعته السيدة الزهراء في السماء وقالت لي: اصبروا فالنصر حليفكم. يتابع: "أفقت من هذه الغفلة وإذا بي أسمع بسقوط طائرة إسرائيلية في وادي مريمين، ليتحقق ما قالت له السيدة الزهراء من سقوط الطائرة والحصول على النصر".

ثانياً: معجزة أبو سيفين مع حسني مبارك

تقول الراهبة المصرية تماف إيريني إن القديس الشهيد أبو سيفين جاءها في الدير، وأخذها إلى جحرة نوم الرئيس حسني مبارك في قصر الرئاسة، من أجل حل مشكلة قرار الحكومة بهدم سور دير أبو سيفين، وكان مبارك ساعتها نائما، فنادي عليه أبو سيفين باسمه، وقال له: "مبارك.. مبارك" بعدها فتح مبارك عينيه، وقال له:"كيف دخلتم والأبواب مقفلة؟ فرد عليه أبو سيفين دخلت بقوة يسوع المسيح"، وتقول الراهبة بعد هذه المعجزة كلف حسني مبارك، المشير طنطاوي، بعدم الاقتراب من سور دير أبو سيفين.

ثالثاً: أم سيدنا يوسف تنقذ جنود إسرائيل

يتداول الكثير من الجنـود الإسرائيليين المشاركين في حرب غــزة عام 2009 رواية تقول "امـرأةٌ جميــلة طـويلة القـامة تـرتدي زيا فلسطينيا، ظهرت لنا فجـأة، وقالت: إياكم أن تدخلوا هذا البيت، إنـه مليءٌ بالألغام، فكـرنا قليلا ثـم قررنا الامتثـال لها، وما هي إلا لحظات وانفجـر البيت وانهـار، اختفت المـرأة الجميـلة، ثم ظهرت مرتين مجددا لتُحذرنا، فأمسكنا بها وسألناها عن قصتـها، وما الذي يجعـل امرأة فلسطينيـة تُحذر جنـودا جاءوا ليقتلوا شعبـها،  فأجابت: "لأنني أحبـكم.. أنا أمكـم راحيـل*".

بعد هذه الرحلة المعرفية مع العديد الرؤى والمبشرات من حواضن اجتماعية وثقافية ودينية وطائفية مختلفة، يمكننا أن نخرج بهذه الخلاصة

القواسم المُشتركة

ظاهرة الرؤى والمبشرات عابرة للجغرافيا والأديان؛ فلا يمكن حصرها في بلد بعينه ولا في دين بذاته، تتكثف ظاهرة الرؤى والمبشرات وتنتشر وقت الأزمات الحادة والانكسارات التاريخية في حياة الأمم والجماعات والشعوب وتستخدم هذه الرؤى لأغراض الحشد الجماهيري والتوظيف السياسي والحشد الجماهيري، لا يمكن التأكد من صدقيتها وثبوتيها فهي خاضغة لإيمان الجماهير بالقائل، لا بصحة المقولة، عادة ما تستخدم هذه القصص والرؤى لإسكات أسئلة الجماهير التي تسفر عن الحلول والمعالجات الناجزة للتحديات. القيادات الماهرة استراتيجيا تستغل هذه الرؤى في مجال الدعاية السياسية ولا تجعلها مصدراً للتخطيط والخيارات الإستراتيجية (نموذج حزب الله- وإسرائيل) كثيراً ما تستخدم المبشرات والرؤي في عمليات الخداع الإستراتيجي ضد القوى التي لها خليفة أيديولوجية دينية لدفعها إلى مسارات محددة ليست في صالحها.

* هي زوجة النبي يعقوب وأم النبي يوسف عليـه السلام، ويعتبرها اليهود واحدة من الأمهات الأربع لليهودية.

--------
اقرأ أيضا :
إعادة تموضع الإخوان المسلمين (3-5).. هيكلة تنظيمية واصطفاف داخلي
إجبار مدنيين على التعاون مع الشرطة المصرية..القتل يلاحقهم