من الملحوظ، قبل سنوات ليست بالقليلة، أن وعي القدس ثقافياً، ومواجهة مخططات إزالة طابعها العربي الفلسطيني لم يستطع استحضار شيء من القدس يتجاوز اسمها (تأكيد لفظي على عروبة القدس وإسلاميتها دون توظيف لأي وسيلة عملية تحررها من قبضة الاحتلال).
لأن القدس الواقعية، العمائر والناس والذكريات، واقعة في قبضة احتلال عسكري تتحرك جرافاته لإبادة مظاهرها العربية والاسلامية، وتنزلق تحت الأرض وتحفر الأنفاق تحت أشهر معالمها، تمهيدا لتقويضها وتحويلها إلى ركام، ومن جانب آخر، واقعة في قبضة "ثقافة" تنتحل وجهين، عربي وفلسطيني، تعمل على إبادة الوعي بحقيقة ما حدث ويحدث.
هل يضيف تصريح ترامب بأن القدس عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية جديداً لهذا الواقع؟ منذ البداية خُدع العرب وضللتهم ثقافة السماسرة، فحاربوا شبح الصهيونية على شاشة مسرح خيال الظل الذي لا يزال قائماً، من دون إدراك لهوية المحرك الرئيسي، الغربي بعامة والأميركي بخاصة، ذاك الذي كان مستعداً منذ عهد ترومان لإرسال مليون جندي أميركي لإنشاء ما سيطلق عليها الأميركي ريغان فيما بعد لقب حاملة الطائرات الأميركية.
ظلت المستعمرة الإسرائيلية حاملة طائرات غربية/أميركية، ولا يضيف تصريح ترامب جديداً، ولا الراقصون بين يديه، ولكن الجديد أن الشرق يصعد، وتتجمع قوى عربية وإسلامية جديدة تحتضن فلسطين، وتضع هدفا لها؛ إغراق حاملة الطائرات هذه.