اندلع جدل كبير حول إعادة حكم الإعدام إلى قانون العقوبات التركي، بعد أن تحول ذلك إلى أحد المطالب الرئيسية التي يرددها معارضو الانقلاب، وبالذات أنصار حزب "العدالة والتنمية".
ورغم ذلك لا تبدو تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقبلها تصريحات بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي، حول إمكانية مناقشة أمر إعادة عقوبة الإعدام مع أحزاب المعارضة، سوى تهدئة لأنصاره المحتقنين بعد المحاولة الانقلابية، التي أثارت كل الذاكرة الأليمة للشعب التركي مع الانقلابات، منذ أول انقلاب للجيش التركي في 1960 بما أعقبه من إعدام لرئيس الوزراء السابق عدنان مندريس ومروراً بالانقلاب الأكثر دموية 1980 وانتهاء بالانقلاب الأبيض الأخير عام 1997.
ولتهدئة الجماهير المحتقنة والتي لم تتوقف عن الهتاف داعية لتنفيذ عقوبة الإعدام بحق الانقلابيين، أكد أردوغان خلال كلمة أمام منزله في إسطنبول، يوم أمس، بأنه سيناقش الأمر مع قيادات المعارضة، بالقول: "في الديمقراطية القرارات يصدرها الشعب، أعتقد أن حكومتنا ستتحدث مع المعارضة للوصول إلى قرار حول الأمر"، مضيفاً: "نحن لا نستطيع تأجيل ذلك، لأن من قام بمحاولة الانقلاب لا بد أن يدفع ثمن ذلك".
ويجمع المراقبون، على أنه لا يمكن إعادة عقوبة الإعدام التي ألغيت عام 2004 في أثناء محاولة تركيا تسريع مسيرة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، لأسباب عديدة، على رأسها أن إعادة العقوبة سيعني تفجير البلاد، وبينما تعمل الحكومة التركية جهدها لإبعاد التهمة الانقلابية عن الجيش وتحصر التهمة في جماعة فتح الله غولن، في مسعى منها لعدم المواجهة بين الشعب والجيش والحفاظ على الأخير، فإن إعدام الضباط الانقلابيين سيكون له تأثيرات شديدة على المؤسسة العسكرية لن يكون من الممكن استيعابها.
وستطاول عقوبة الإعدام قيادات كبيرة في صفوف الجيش بدءا من قائد الجيش الثالث وقيادات الجيش الثاني وقيادات جيش إيجة، وجنرالات كبار في القوى الجوية، وإن كانت غالبية الجيش عارضت الانقلاب، لكنها لن تسمح بفتح الباب أمام إعدام الضباط أبدا، ومن ناحية أخرى إن أعيدت عقوبة الإعدام، فقد تبدأ المزاودات القومية المعهودة في السياسة التركية، لناحية تنفيذ حكومة الإعدام بحق زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد في جزيرة إمرالي، ما يعني تفجير الوضع السياسي في تركيا.
في غضون ذلك، هدد مسؤولون ألمان وأوروبيون بإيقاف نهائي لمفاوضات دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي المتعثرة أصلا، بل والمستحيلة الاكتمال في نظر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في حال أعيدت عقوبة الإعدام.
وشددت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، على أن إعادة عقوبة الإعدام في تركيا سيعني منعها من الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي، قائلة: "لأكون واضحة تماما...لا دولة تستطيع أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي وتطبق حكم الإعدام".
كذلك، أكد المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفان سابيرت بأنه لن يكون هناك مجال لانضمام تركيا إلى الاتحاد الاوروبي في حال أعادت عقوبة الإعدام.
ورغم أن الإعدام كان موجودا في القانون لغاية 2004، لكن تركيا لم تنفذ أي حكم إعدام منذ أكتوبر/تشرين الأول 1984، لغاية إلغاء القانون 2004 في عهد حكومة "العدالة والتنمية".
وكان العسكر المسؤولون عن معظم عقوبات الإعدام التي تم تنفيذها في تركيا، وبالذات بعد الانقلابات العسكرية، إذ أُعدم رئيس الوزراء السابق عدنان مندريس برفقة اثنين من أعضاء الحكومة، وهما فاتح روشدو زورلو وحسن بولاتكان عام 1961، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بهم، وأُعدم عدد كبير من قيادات الحركة الطلابية عام 1972 بعد انقلاب 1970 مثل دنيز غِزميش وحسين إنان ويوسف أرسلان، كما تم إعدام 50 شخصاً، منهم 27 ناشطاً سياسياً بعد انقلاب 1980 ولغاية 1984.