تواصل الحكومة التركية عملية "تطهير" المؤسسات ممن تسميهم أنصار "الكيان الموازي"، التابع للداعية المقيم بالولايات المتحدة الأميركية، فتح الله غولن، إذ لا تخلو ساعة من مفاجآت بمتورطين أو إلقاء القبض على رموز الانقلاب.
وألقت الشرطة التركية، اليوم، القبض على العميد الركن الذي أعطى أمر إغلاق جسري البوسفور اللذين يربطان شطري اسطنبول، الآسيوي بالأوروبي، والذي كان لإغلاقهما الأثر المهم بتسويق نجاح الانقلاب الأسبوع الماضي، فضلاً عن السيطرة على مقر الأمنيات بمنطقة أكسراي، باسطنبول، وهيئة الأركان بأنقرة.
ونقلت مصادر إعلامية، اليوم، أنه تم توقيف العميد المتهم "معمر.أ" في منزل أحد أصدقائه بقضاء مراد باشا، بولاية أنطاليا، وهو مختبئ في خزانة للملابس.
وأشارت المصادر إلى أنَّ السلطات الأمنية حدّدت هوية العقيد بواسطة المراسلات التي جرت بين الانقلابيين عبر تطبيق "واتساب"، والتي حصلت عليها الشرطة التركية عقب الانقلاب الفاشل مساء الجمعة الماضي.
ومن الجمل التي كتبها "معمر. أ" في المحادثات بين الانقلابيين "توجد اشتباكات في كوليلي (ثانوية عسكرية في منطقة أوسكودار بإسطنبول)، سنطلق النار على المجموعة"، "هل يمكن النظر في إجراء طلعة جوية فوق الجسر الثاني؟"، "أصبنا أربعة أشخاص أبدوا مقاومة في جنغل كوي. لا توجد مشاكل".
في هذه الأثناء، وضمن ما تكشفه الوسائل الإعلامية عن خفايا أسرار الانقلاب الذي شهدته تركيا يوم الجمعة الماضي، ركزت وسائل إعلام تركية على سكرتير قائد القوات الخاصة، عمر خالص دمير، وهو اسم غير معروف بين صفوف الرتب العسكرية، ولم ينل الشهرة إلا بعد مقتله على يد الانقلابيين.
ويروي أصدقاؤه طريقة قتله بعد رفضه تسليم مقرّ القوات الخاصة التركية لمجموعة من الانقلابيين، بقولهم: "عندما اقتحمت قوات انقلابية مقر القوات الخاصة، طلب العميد بالجيش التركي، سميح ترزي، إلى عمر خالص دمير، تسليم المقر الذي كان أحد أهم أهداف القوات الانقلابية السيطرة عليه، إلا أن دمير رفض الأمر وقال: أنا لست مخولا بتسليمك المقر، ولم أتلقّ أي أمر من القائد حتى أسلمك المقر، فقال له العميد الانقلابي: لقد سيطرنا على البلد وعليك تسليم المقر".
عقبها قام دمير بالاتصال بقائده، وأخبره بمجريات الأحداث، إلا أن قائده طلب منه عدم تسليم المقر، وكلفه بالدفاع عنه. وقتها، وبحسب رواية زملاء دمير، تم إطلاق النار عليه.
كما أوقفت قوات الأمن والي ولاية سينوب (شمال)، ياسمين أوز أتا جاتين كايا، بعد إعفائها من منصبها، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة. وكانت الوالي جاتين كايا أُعفيت من منصبها في 16 يوليو/ تموز الجاري، فيما أصدرت محكمة مختصة قراراً باعتقال زوجها تمِل جاتين كايا، وهو ضابط برتبة عقيد، كان يشغل منصب نائب قائد حامية سينوب، عقب توقيفه بتهمة انتسابه لحركة الخدمة بقيادة فتح الله غولن والمصنفة بين المنظمات الإرهابية في تركيا.
في شأن متصل، قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن "الخطر (الانقلابيين) لا يزال قائماً، حيث يمكن أن يتحرك هؤلاء المجانين الذين يشعرون بالهزيمة بدافع الانتقام حتى لو كانوا ضعفاء"، غير أنه دعا في الوقت نفسه، أبناء شعبه إلى عدم القلق، لا سيما بعد استتباب الأمن والاستقرار في البلاد.
جاء ذلك في تصريح صحافي خلال زيارة قام بها إلى رئاسة دائرة العمليات الخاصة في العاصمة أنقرة، التي تعرضت يوم الجمعة الماضي إلى قصف من قبل الانقلابيين، وفق ما نقلته وكالة "الأناضول".
وتطرق يلدريم إلى مطالبة الإدارة الأميركية بتقديم أدلة دامغة حول تورط غولن في محاولة الانقلاب مقابل تسليمه، قائلا: "ليس هناك دليل واضح أكثر من هذا (في إشارة إلى الأماكن التي تعرضت للقصف)، يُظهر مدى خروج المنظمة عن الإنسانية، وحد الجنون الذي وصلت إليه".
وتابع: "أقول نيابة عن الشعب التركي، للذين يطالبوننا بأدلة: هل هناك دليل أكبر من هذا؟ تخلوا عن الوقوف وراء الجناة (الانقلابيين) الذين دهسوا المواطنين بالدبابات، وألقوا القنابل عليهم من الجو، وأطلقوا النيران من البر صوبهم".
وأشار يلدريم إلى أنه علم بمحاولة الانقلاب بعد بدئها بنحو 15 دقيقة، من حرسه الخاص، مضيفاً: "لم نتلق قبل ذلك أية معلومات حول ما يحدث، ولا عن حجم التهديد، الشيء المهم حالياً، هو أننا نقوم بكل ما هو لازم من أجل عدم تكرار تهديد المصيبة التي قضينا عليها".