عبثية المشهد المصري

03 أكتوبر 2019
+ الخط -


عزيزي القارئ، إنّ تلك السطور التي أدونها، لهي مجرد تساؤلات، ولا أدري إن كنتُ سأجيب عنها كاملة، أو سأترك الإجابة للأيام. فأَطلقْ خيالك معي، فربما وجدتَ ضالتك بين طيّات كلماتي. وعلى كل الأحوال، أنت تقرأ عصارة فكري، ولن تخسر من وقتك الكثير في قراءة هذا المقال.

ست سنوات مرت على انقلاب الثالث من يوليو/ تموز، نجح الانقلاب فيها بأن يشتّت الشعب المصري ويزيد من فرقته، ووصل اليأس بنا إلى أشدّ ساعات الليل حلكة، وهي الساعة التي تسبق الفجر.
 
قرابة ثلاثة أسابيع ونحن نتابع فيديوهات الفنان والمقاول ورجل الأعمال محمد علي، وقد تحدث عمّا رأى من خلال تعامله مع المؤسسة العسكرية، من فساد مستشرٍ في الدولة المصرية، وأكد  الكثير من الكلام الذي يتناوله الإعلام المعارض للنظام المصري، وأضاف الكثير من التفاصيل الجديدة التي تدور في الكواليس، والتي كانت صادمة للكثير من عامة الشعب.

لا شك في أن محمد علي أحدث حالة غريبة وفريدة من نوعها في الشارع المصري، وكان هو الملهم للحراك في الشارع، وقد ساعده في هذا حالة الغليان لدى عموم المصريين، بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تسوء يوماً تلو آخر. 



يوم الجمعة الماضي فوجئنا بالأعداد التي نزلت إلى الشارع، رغم القبضة الأمنية، كاسرةً حاجز الخوف بتظاهراتها السلمية، ومكرّسةً فصلاً جديداً من الرواية المصرية بنضال وعزيمة، كأهالي السويس الذين استمر حراكهم أكثر من يومين. 

وانتظرنا يوم الجمعة 27 سبتمبر/ أيلول الذي دعا فيه محمد علي الشعب المصري إلى أن ينزل للتظاهر ضد النظام الحالي. لكن العسكر ليسوا بهذه السذاجة ليتركوا الأمر هكذا، فمن الصعب أن يتخلوا عن السلطة بهذه البساطة، بعيداً عن الإجراءات القمعية المفرطة، وإحكام القبضة الأمنية. حشد النظام مظاهرات داعمة للسيسي، وما أشبه اليوم بالبارحة! فالمخلوع مبارك فعل الأمر من قبل، ومع ذلك نجحت ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني. 
فهل تنجح تلك التظاهرات وتصبح ثورة جديدة؟!

خُيِّل إلى الكثير من السياسيين أن هناك فصيلاً لا بأس به داخل المخابرات والجيش يدعم محمد علي. وكانت هذه الخيالات مصدر أمل، وسرعان ما انكشف زيفها. فما حدث يوم الجمعة الماضي إلى اليوم من اعتقالات طاولت أكثر من ألفي معتقل ومعتقلة من عموم الشعب، واستمرار غلق الميادين على مستوى الجمهورية، هو دليل على أن النظام لم يتخلّ عن السيسي.

ومن المفارقات أن تجد البعض من النخب المصرية تعوِّل على شرفاء الجيش في أن يتصدوا لهذا الأبله، وأن يقفوا بجانب الشعب، فكيف لنا أن نثق بالعسكر مرةً أخرى؟

إن أسوأ ما حدث خلال تلك الأيام، أن الأمل بُعث من جديد في أرواحنا، ولك أن تتخيل شعور المعتقلين الآن. ففي الأمس كان هناك حراك ينادي بإسقاط النظام، ذلك النظام الذي نادوا هم به قبل عموم الشعب، والآن هم ينتظرون أن يخلصهم الشعب من يد العسكر، لكن سرعان ما أُخمد الحراك اليوم، وتتوالى الخيبات على قابعي الزنازين.
 
وحصاد المشهد الحالي، أن لا أحد يملك رؤية واضحة للغد، حتى محمد علي لا يختلف عمّن سبقوه، إلا في الإيديولوجيا والطبقة الاجتماعية، لكن النتيجة في النهاية واحدة إلى الآن. 

في النهاية، يجب أن يعي الجميع أن الجماهير لن تنجح من دون نخبة سياسية جديدة تكون على وعي إدراك تام تشاركهم التفكير والتخطيط حتى تنجح الثورة. وهذا ما سنشاهده في الأيام المقبلة، آملين أن يحدث تغيير.

مدونات أخرى