عائلات الشهداء والجرحى: الثورة ما زالت حية!

14 يناير 2015
القضاء العسكري لم يكن منصفا (الأناضول)
+ الخط -

"نحن نعرف القتلة جيدا ولن نهدأ حتى تُعرف الحقيقة ويُعاقب المجرم"، يقول فتحي السايحي، أخ وجدي السايحي آخر شهداء مدينة تالة من محافظة القصرين خلال أحداث الثورة التونسية. ويتذكر فتحي السايحي يوم 12 يناير/كانون الثاني من سنة 2011 جيداً. لم يكن يعلم أن خروج وجدي للاحتجاج سيكون الأخير، وأنه سيفارقه، كما لم يكن يعلم أنه سيدخل منذ ذلك اليوم في صراع لكشف حقيقة استشهاد أخيه أملا في معاقبة المذنبين.

وفتحي السايحي ليس استثناء. حاله كحال أغلب عائلات شهداء وجرحى تالة والقصرين. يقول فتحي لـ"جيل العربي الجديد": "إصرارنا ووقوف بعض المحامين إلى جانبنا مكننا من رفع دعوات جزائية ضد الرئيس المخلوع وعدد من وزرائه وإطارات أمنية، في أواخر فبراير/شباط 2011 وكانت آمالنا عندئذ كبيرة".

ويضيف السايحي" تعهد القضاء العدلي في البداية بهذه القضايا، ثم القضاء العسكري منذ مايو/أيار من السنة نفسها، وكانت تلك نقطة تحول في مسار القضايا والغاية منها حماية القتلة والمجرمين".

صدرت الأحكام النهائية في هذه القضايا في 11 أبريل/نيسان الماضي ومثلت صدمة لعائلات الشهداء والجرحى ولاقت أيضا استنكارا واسعا من جزء من المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وتراوحت بين السجن لسنوات لا تتعدى الخمس، والإفراج. محامو عائلات الشهداء اعتبروا أن القضاء العسكري لم يكن منصفا، واتهموا البعض بالتواطؤ.

ويعلق فتحي السايحي على هذه الأحكام: " يؤسفنا تغيير الوصف القانوني لجرائم القتل العمد إلى القتل على وجه الخطأ، وأعتبر أن الجيش حمى الثورة، لكنّ قضاءه خانها بهذا الحكم الجائر".

تأمل عائلات الشهداء أن يعاد النظر في هذه الأحكام وتعول كثيرا على هيئة الحقيقة والكرامة باعتبارها هيئة دستورية مكلفة بتفعيل العدالة الانتقالية، وإعادة النظر في التجاوزات، التي حصلت بين يوليو/تموز 1955 وديسمبر /كانون الأول 2013.

"لا نريد التشفي ولا الانتقام. نبحث عن حكم عادل يجنبنا إفلات المجرمين من العقاب". هكذا لخّص فتحي السايحي مطالبه ومطالب عائلات الشهداء.

ولا يخفي فتحي السايحي استياءه من الطريقة التي تحدث بها رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، عن شهداء الثورة مؤخرا في إحدى الإذاعات التونسية الخاصة، ويؤكد أن عائلات شهداء الثورة تتخوف من انتماء أو قرب جزء من محامي المتهمين في قضايا الشهداء من حزب نداء تونس.

وفاز حزب نداء تونس في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول سنة 2014 وهو الحزب ذو الأغلبية في البرلمان، كما فاز رئيسه، الباجي قائد السبسي، في الاستحقاق الرئاسي الأخير ليكون أول رئيس منتخب بصفة مباشرة بعد الثورة.

ولكن عمل قائد السبسي سابقا في نظامي بورقيبة وبن علي واندماج أعضاء سابقين في الحزب الحاكم قبل الثورة في نداء تونس أثارا تساؤلات لدى عائلات الشهداء، حول مآل العدالة الانتقالية في فترة حكم قائد السبسي وأنصاره.

في المقابل يرى فتحي السايحي أنه لا يمكن لأية حكومة أن تنقلب على مسار العدالة الانتقالية حسب تعبيره "باعتبارها مطلبا شعبياً ودولياً ومقوماً أساسيا لنجاح أي انتقال ديمقراطي".

المساهمون