لم يخف الرئيس الإيراني، حسن روحاني رأيه بالدور الاقتصادي الذي تمارسه المؤسسات التابعة للحرس الثوري خلال كلمة ألقاها بمناسبة يوم الجيش، الأسبوع الماضي. وفي حين أنه دافع عن القوات المسلحة والتي تضم عسكريي الجيش والحرس معاً، لكن الخلاف حول الدور الاقتصادي لهذه المؤسسات في الداخل بات أكثر وضوحاً، ولا سيما أن الدعاية الانتخابية لمرشحي الرئاسة الإيرانية قد بدأت، إذ شرع روحاني ومنافسوه من المحافظين بتبادل الانتقادات مرتكزين على إنجازات أو إخفاقات هذا الأخير في قطاعات الاقتصاد بالذات.
وقد دفعت حدة التنافس روحاني إلى الدفاع عن سجله الاقتصادي في برنامج إذاعي على الهواء مباشرة، يوم الخميس الماضي، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية. ودعا إلى تعزيز الارتباط مع دول أخرى بوصفه أمراً مهماً للنمو الاقتصادي.
وقال الرئيس الإيراني، الذي يسعى لإعادة انتخابه لولاية جديدة في التاسع عشر من مايو/ أيار، إن اقتصاد بلاده تحسن منذ انتخابه في 2013 على أساس برنامج لإنهاء عزلة البلاد وخلق مجتمع أكثر تحرراً.
وعودة إلى الحرس الثوري، أكد روحاني أن حكومته ضاعفت الموازنة المخصصة لتطوير البنية العسكرية والدفاعية للقوات المسلحة، مشيراً إلى أنها ارتفعت بمعدل 145% مقارنة بالحكومات السابقة. واعتبر أن هذه القوات ساهمت في حفظ أمن البلاد. لكنه قال إن "الوساوس الاقتصادية هي التي تبعد القوات المسلحة عن هدفها الأسمى وعن مهامها الحقيقية"، داعياً إلى الانسجام الداخلي بما يحقق استقرار إيران.
الرسالة كانت واضحة، وفق متابعين للملف الانتخابي في إيران، "لكن مؤيدي الحرس وغالبيتهم من الطيف المحافظ يرون أن مؤسساته الاقتصادية هي التي تحقق نظرية الاقتصاد الممانع، التي دعا لتطبيقها المرشد الأعلى علي خامنئي في وقت سابق. هذه النظرية ترتكز على ضرورة تقوية الاقتصاد بالاعتماد على القدرات المحلية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليص الواردات مقابل رفع الصادرات، فيما أن حكومة روحاني التي استطاعت التوصل للاتفاق النووي مع الغرب عملت جاهدة خلال سنواتها الأربع لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وفتح السوق أمام الخارج، وهو ما يتعارض مع خطاب الحرس".
وكان قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، قد علق في وقت سابق على تصريحات ثانية لروحاني حين اعتبر الرئيس أن الاتفاق النووي من أهم إنجازات البلاد، فردّ جعفري أن الاتفاق لم يكن في أي لحظة معاهدة تبعث على الفخر، لكن الفخر يجب أن يكون بالقدرة على تغيير استراتيجية أعداء إيران تجاهها. وأعرب جعفري عن جهوزية الحرس الثوري لمساعدة حكومة روحاني في تطبيق الاقتصاد المقاوم، بحسب المصطلح المستخدم إيرانياً.
وقال إن الأولوية لدى الحرس ترتبط بضرورة حل المشكلات المعيشية للمواطنين الإيرانيين، وستكون مؤسساته جاهزة لتعبئة قدراتها لمساعدة الحكومة، حسب تعبيره.
الخلاف ليس جديداً من نوعه بين روحاني والحرس، ولا سيما أن المبدأ الذي يعتمد عليه كلاهما في مصالح الاقتصاد مختلف كلياً. وتقول المصادر إن معظم المتشددين وفئة لا بأس بها من المحافظين داعمون للحرس ولمؤسساته الاقتصادية وللسياسة التي تتبعها. في المقابل يرى المعسكر الآخر أنه من الضروري كف يد المؤسسة العسكرية عن مشاريع الاقتصاد وفتح الباب أمام شركات الخارج.
وتضيف المصادر أنه قد يتفق كلاهما على مصلحة وسياسة البلاد الخارجية في النهاية، لكن ملفات الداخل الاقتصادية هي التي تشكل خلافاً، لا سيما أن المنتقدين لروحاني وسياساته يرون أن اتفاقه النووي لم يحقق مكاسب حقيقية، فلم يتوقف فرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران، ولم تلغ كل العقوبات القديمة بالكامل، وما زالت البلاد تواجه عراقيل في ارتباطها بالنظام المالي العالمي وهو ما يعرقل بدء المشاريع والصفقات الحكومية الضخمة مع الخارج. بالمقابل فإن مؤسسات الحرس الاقتصادية مستمرة بمشاريعها، وتستطيع برؤوس الأموال التي تمتلكها أن تحقق شيئاً من المكاسب المحلية بشكل خاص.
ويوجد في إيران قطاع شبه عام، وهو القطاع الذي يتبناه ويدعمه الحرس الثوري، ويضم شركات ضخمة، منها مؤسسات مالية يزيد عددها عن عشر مؤسسات منها مصارف، ولعل أبرز الشركات هي شركة "خاتم الأنبياء"، التي كانت وما زالت مسؤولة عن مشاريع ضخمة، منها العمرانية وأخرى مرتبطة بقطاع الطاقة.
صحيفة كيهان، المحسوبة على الخط المحافظ المتشدد، كتبت على صفحتها الأولى، في العدد الصادر الأحد الماضي، أن الحرس الثوري حقق اكتفاءً ذاتياً لإيران في إنتاج البنزين. وذكرت كيهان أن شركة خاتم الأنبياء باتت جاهزة لافتتاح أحد أكبر مشاريعها، وهو مشروع ضخم على صعيد الإقليم كذلك.
هذا المشروع هو عبارة عن مصفاة تقع في بندر عباس جنوب إيران، والذي بدأ في العام 2006 بالاتفاق مع شركتين أجنبيتين، خرجتا من إيران بعد تشديد الحظر بسبب البرنامج النووي في السنوات اللاحقة لذاك التاريخ. فتم تسليم المشروع في العام 2010 لـ "خاتم الأنبياء".
في ذاك الوقت كانت ذات الشركة مسؤولة عن تسليم وتجهيز ستة قطاعات في حقل بارس الجنوبي لإنتاج الغاز الطبيعي. وكانت البلاد تعاني من تبعات الحظر الاقتصادي المشدد. وتتابع كيهان أن هذه الشركة استطاعت بعد تلك السنوات أن تنهي مشروع المصفاة وهو ما سيرفع إنتاج البنزين محلياً، ويقلص الواردات وربما يقطعها. كما انتهى المشروع باستخدام كوادر إيرانية وصل عددها إلى 17 ألفاً، وهو ما جاء على لسان قائد قاعدة خاتم الأنبياء عباد الله عبد اللهي.
وقال عضو لجنة الموازنة والتخطيط في البرلمان الإيراني، حسين علي حاجي دليغاني، لوكالة فارس الإيرانية إن واردات البنزين ارتفعت بعد تسلم روحاني للرئاسة من مليوني ليتر في اليوم إلى 12 مليوناً، ما يعني زيادة بستة أضعاف. وبالمقابل أعلن المدير العام للشركة الوطنية لتوزيع المنتجات النفطية عن وجود نقص في البنزين بـ 15 مليون ليتر، وعزا الأمر إلى زيادة الاستهلاك.
ويرى المؤيدون لدور مؤسسات الحرس الثوري الاقتصادي، وفق متابعين لهذا الملف، أن هذه المؤسسة العسكرية قادرة على إبعاد تهديد الأجانب عن البلاد. وتشير التخمينات إلى أن الفضل يعود لبعض الشركات التابعة للحرس برفع معدلات الإنتاج المحلي لتزيد حصتها عن الثلث في معدلاته السنوية المتفاوتة بين حين وآخر.
وقد بدأ دخول الحرس الثوري على خط الاقتصاد الإيراني بعد أن تولى أكبر هاشمي رفسنجاني الرئاسة، في سنوات سابقة، كانت البلاد قد خرجت حديثاً من حرب دامت 8 سنوات مع العراق. حينها، ركز رفسنجاني على إعادة البناء، وعلى تطوير البنى الاقتصادية. وفي إثر ذلك، تشرح المصادر، افتتحت شركات مدعومة من هذه الجهة العسكرية وباتت فاعلة في القطاعات العمرانية والصناعية والزراعية، وحتى قطاعات الطاقة، وتطور عملها كثيراً في زمن الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد. وتضيف المصادر أن "العقوبات الغربية ساعدت الحرس بالسيطرة أكثر على قطاعات الاقتصاد، وهو ما حاول روحاني أن يحاصره ويغيره، رغم أن الالتفافات التي حققتها هذه الشركات ساعدت في صمود الاقتصاد".
وقد دفعت حدة التنافس روحاني إلى الدفاع عن سجله الاقتصادي في برنامج إذاعي على الهواء مباشرة، يوم الخميس الماضي، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية. ودعا إلى تعزيز الارتباط مع دول أخرى بوصفه أمراً مهماً للنمو الاقتصادي.
وقال الرئيس الإيراني، الذي يسعى لإعادة انتخابه لولاية جديدة في التاسع عشر من مايو/ أيار، إن اقتصاد بلاده تحسن منذ انتخابه في 2013 على أساس برنامج لإنهاء عزلة البلاد وخلق مجتمع أكثر تحرراً.
وعودة إلى الحرس الثوري، أكد روحاني أن حكومته ضاعفت الموازنة المخصصة لتطوير البنية العسكرية والدفاعية للقوات المسلحة، مشيراً إلى أنها ارتفعت بمعدل 145% مقارنة بالحكومات السابقة. واعتبر أن هذه القوات ساهمت في حفظ أمن البلاد. لكنه قال إن "الوساوس الاقتصادية هي التي تبعد القوات المسلحة عن هدفها الأسمى وعن مهامها الحقيقية"، داعياً إلى الانسجام الداخلي بما يحقق استقرار إيران.
الرسالة كانت واضحة، وفق متابعين للملف الانتخابي في إيران، "لكن مؤيدي الحرس وغالبيتهم من الطيف المحافظ يرون أن مؤسساته الاقتصادية هي التي تحقق نظرية الاقتصاد الممانع، التي دعا لتطبيقها المرشد الأعلى علي خامنئي في وقت سابق. هذه النظرية ترتكز على ضرورة تقوية الاقتصاد بالاعتماد على القدرات المحلية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليص الواردات مقابل رفع الصادرات، فيما أن حكومة روحاني التي استطاعت التوصل للاتفاق النووي مع الغرب عملت جاهدة خلال سنواتها الأربع لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وفتح السوق أمام الخارج، وهو ما يتعارض مع خطاب الحرس".
وكان قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، قد علق في وقت سابق على تصريحات ثانية لروحاني حين اعتبر الرئيس أن الاتفاق النووي من أهم إنجازات البلاد، فردّ جعفري أن الاتفاق لم يكن في أي لحظة معاهدة تبعث على الفخر، لكن الفخر يجب أن يكون بالقدرة على تغيير استراتيجية أعداء إيران تجاهها. وأعرب جعفري عن جهوزية الحرس الثوري لمساعدة حكومة روحاني في تطبيق الاقتصاد المقاوم، بحسب المصطلح المستخدم إيرانياً.
وقال إن الأولوية لدى الحرس ترتبط بضرورة حل المشكلات المعيشية للمواطنين الإيرانيين، وستكون مؤسساته جاهزة لتعبئة قدراتها لمساعدة الحكومة، حسب تعبيره.
الخلاف ليس جديداً من نوعه بين روحاني والحرس، ولا سيما أن المبدأ الذي يعتمد عليه كلاهما في مصالح الاقتصاد مختلف كلياً. وتقول المصادر إن معظم المتشددين وفئة لا بأس بها من المحافظين داعمون للحرس ولمؤسساته الاقتصادية وللسياسة التي تتبعها. في المقابل يرى المعسكر الآخر أنه من الضروري كف يد المؤسسة العسكرية عن مشاريع الاقتصاد وفتح الباب أمام شركات الخارج.
وتضيف المصادر أنه قد يتفق كلاهما على مصلحة وسياسة البلاد الخارجية في النهاية، لكن ملفات الداخل الاقتصادية هي التي تشكل خلافاً، لا سيما أن المنتقدين لروحاني وسياساته يرون أن اتفاقه النووي لم يحقق مكاسب حقيقية، فلم يتوقف فرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران، ولم تلغ كل العقوبات القديمة بالكامل، وما زالت البلاد تواجه عراقيل في ارتباطها بالنظام المالي العالمي وهو ما يعرقل بدء المشاريع والصفقات الحكومية الضخمة مع الخارج. بالمقابل فإن مؤسسات الحرس الاقتصادية مستمرة بمشاريعها، وتستطيع برؤوس الأموال التي تمتلكها أن تحقق شيئاً من المكاسب المحلية بشكل خاص.
ويوجد في إيران قطاع شبه عام، وهو القطاع الذي يتبناه ويدعمه الحرس الثوري، ويضم شركات ضخمة، منها مؤسسات مالية يزيد عددها عن عشر مؤسسات منها مصارف، ولعل أبرز الشركات هي شركة "خاتم الأنبياء"، التي كانت وما زالت مسؤولة عن مشاريع ضخمة، منها العمرانية وأخرى مرتبطة بقطاع الطاقة.
صحيفة كيهان، المحسوبة على الخط المحافظ المتشدد، كتبت على صفحتها الأولى، في العدد الصادر الأحد الماضي، أن الحرس الثوري حقق اكتفاءً ذاتياً لإيران في إنتاج البنزين. وذكرت كيهان أن شركة خاتم الأنبياء باتت جاهزة لافتتاح أحد أكبر مشاريعها، وهو مشروع ضخم على صعيد الإقليم كذلك.
هذا المشروع هو عبارة عن مصفاة تقع في بندر عباس جنوب إيران، والذي بدأ في العام 2006 بالاتفاق مع شركتين أجنبيتين، خرجتا من إيران بعد تشديد الحظر بسبب البرنامج النووي في السنوات اللاحقة لذاك التاريخ. فتم تسليم المشروع في العام 2010 لـ "خاتم الأنبياء".
في ذاك الوقت كانت ذات الشركة مسؤولة عن تسليم وتجهيز ستة قطاعات في حقل بارس الجنوبي لإنتاج الغاز الطبيعي. وكانت البلاد تعاني من تبعات الحظر الاقتصادي المشدد. وتتابع كيهان أن هذه الشركة استطاعت بعد تلك السنوات أن تنهي مشروع المصفاة وهو ما سيرفع إنتاج البنزين محلياً، ويقلص الواردات وربما يقطعها. كما انتهى المشروع باستخدام كوادر إيرانية وصل عددها إلى 17 ألفاً، وهو ما جاء على لسان قائد قاعدة خاتم الأنبياء عباد الله عبد اللهي.
وقال عضو لجنة الموازنة والتخطيط في البرلمان الإيراني، حسين علي حاجي دليغاني، لوكالة فارس الإيرانية إن واردات البنزين ارتفعت بعد تسلم روحاني للرئاسة من مليوني ليتر في اليوم إلى 12 مليوناً، ما يعني زيادة بستة أضعاف. وبالمقابل أعلن المدير العام للشركة الوطنية لتوزيع المنتجات النفطية عن وجود نقص في البنزين بـ 15 مليون ليتر، وعزا الأمر إلى زيادة الاستهلاك.
ويرى المؤيدون لدور مؤسسات الحرس الثوري الاقتصادي، وفق متابعين لهذا الملف، أن هذه المؤسسة العسكرية قادرة على إبعاد تهديد الأجانب عن البلاد. وتشير التخمينات إلى أن الفضل يعود لبعض الشركات التابعة للحرس برفع معدلات الإنتاج المحلي لتزيد حصتها عن الثلث في معدلاته السنوية المتفاوتة بين حين وآخر.
وقد بدأ دخول الحرس الثوري على خط الاقتصاد الإيراني بعد أن تولى أكبر هاشمي رفسنجاني الرئاسة، في سنوات سابقة، كانت البلاد قد خرجت حديثاً من حرب دامت 8 سنوات مع العراق. حينها، ركز رفسنجاني على إعادة البناء، وعلى تطوير البنى الاقتصادية. وفي إثر ذلك، تشرح المصادر، افتتحت شركات مدعومة من هذه الجهة العسكرية وباتت فاعلة في القطاعات العمرانية والصناعية والزراعية، وحتى قطاعات الطاقة، وتطور عملها كثيراً في زمن الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد. وتضيف المصادر أن "العقوبات الغربية ساعدت الحرس بالسيطرة أكثر على قطاعات الاقتصاد، وهو ما حاول روحاني أن يحاصره ويغيره، رغم أن الالتفافات التي حققتها هذه الشركات ساعدت في صمود الاقتصاد".
ويقول متابعون للملف الاقتصادي في إيران إن الرئيس حسن روحاني قد يقتنع بضرورة التعاون مع الحرس الثوري، بحال نجح في الوصول للرئاسة مرة ثانية عقب الانتخابات المرتقبة، ولاسيما أن الاتفاق النووي لم يحقق كل المكتسبات الاقتصادية التي عول عليها. لكن شعاراته الانتخابية تؤكد حتى الآن على أنه ما زال مقتنعاً بضرورة إبرام عقود مع أطراف خارجية وهو ما يعني ضرورة ابتعاد المؤسسة العسكرية عن الاقتصاد وهو ما لن يكون سهلاً.
اقــرأ أيضاً