شهادات "قناة السويس" تطرح البورصة أرضاً

12 سبتمبر 2014
5.2 مليار دولار حصلتها مصر من شهادات "قناة السويس"(Getty)
+ الخط -
يعتصر القلق المستثمرين في البورصة المصرية، وهم يشهدون الأسهم القيادية تهوي تحت وطأة مبيعات حادة تزامنت مع طرح شهادات استثمار "قناة السويس الجديدة"، فيما أرجعه مراقبون لعمليات بيع تقوم بها بعض المؤسسات والهيئات المصرية، ولا سيما الحكومية، لتوجيه حصيلة البيع إلى الاستثمار بشهادت استثمار قناة السويس الجديدة.
وبدأ المصريون، منذ الخميس قبل الماضي، شراء شهادات استثمار القناة الجديدة التي تسعى الحكومة من خلالها لجمع ستين مليار جنيه (8.4 مليار دولار) لمواصلة أعمال الحفر والطرق والأنفاق في المشروع، وذلك وسط إقبال متواضع مقارنة بعمليات اكتتاب على شركات مساهمة سجلت إقبالاً أكبر، منها المصرية للاتصالات الحكومية، ومجموعة شركات طلعت مصطفى العقارية.
وخسر المؤشر الرئيس للبورصة المصرية نحو 2.5% منذ الخميس قبل الماضي، وفقدت الأسهم أكثر من 15 مليار جنيه من قيمتها السوقية منذ معاملات الخميس قبل الماضي وحتى منتصف معاملات أمس الخميس.
وقال إيهاب سعيد، من أصول للوساطة في الأوراق المالية، في تصريحات لوكالة رويترز أمس: "ما يحدث في السوق ليس جني أرباح. ما يحدث هو ضغوط بيعية قوية على الأسهم.. هناك أسهم لم تصعد الفترة الماضية وتتراجع الآن.. هذا يعني أن البيع بخسارة وهذه هي المشكلة في السوق الآن".
وهوت أسهم العربية للأقطان 10% وأوراسكوم للاتصالات نحو 14% وعامر جروب 15% وبايونيرز 16% والمنتجعات السياحية 17% منذ الخميس الماضي وحتى نهاية معاملات أمس. وبنهاية تعاملات أمس واصل المؤشر الرئيس للسوق خسائره لرابع جلسة على التوالي، ونزل 1.2% كما هبط المؤشر الثانوي 3%. ويقول سعيد "تأثير شهادات استثمار قناة السويس بدأ يظهر في السوق.
أما معاملات السوق، فهي تعتمد على ما قد يحدث في المستقبل وليس الواقع اليوم. المستقبل يقول إن الشهادات ستسحب 60 مليار جنيه من السيولة الموجودة في البلد، وكان يحتمل أن يذهب جزء من هذه السيولة لسوق المال".
وأعلنت مصر في أغسطس/آب شق "قناة السويس الجديدة" إلى جانب القناة الحالية التي شقت قبل 145 عاما.
وتقول الحكومة إن المشروع يستهدف تعزيز التجارة عبر أقصر طريق ملاحي بحري بين أوروبا وآسيا وتنمية 76 ألف كيلومتر مربع حول القناة؛ لإقامة منطقة صناعية ومركز عالمي للإمداد والتموين؛ لجذب مزيد من السفن وزيادة الدخل.
ولا يوفر البنك المركزي وهو المسؤول الأول عن عملية طرح شهادات الاستثمار الخاصة بالمشروع، بيانات حول نسبة وحصص المكتتبين، ووفقا لما أعلنه رئيس البنك المركزي، هشام رامز، فإن إجمالي حصيلة الاكتتاب حتى منتصف يوم أمس وصل إلى 36.5 مليار جنيه (5 مليارات دولار)، إلا أنه لم يفصح عن حصة الأفراد والمؤسسات فيها، رغم محاولات الحكومة الترويج لأن الإقبال من المواطنين الأفراد على الشراء "غير مسبوق".
ويرى مراقبون أن الحكومة غير دقيقة في هذا الشأن؛ نظراً لزيادة معدل الاكتتاب من جانب الشركات والأجهزة الحكومية، والتي كان آخرها أمس عندما أعلنت الشركة المصرية للمطارات (حكومية) شراء شهادات بنحو مائة مليون جنيه، وهي خطوة سبقتها إليها عدد من الشركات الحكومية من بينهم شركة الشرقية للدخان، والتي بادرت بشراء شهادات استثمار في المشروع ذاته بنحو مائة مليون جنيه، وأيضا شركة المقاولون العرب بـ 100 مليون جنيه.
واكتتبت وزارة التأمينات الاجتماعية بنحو ملياري جنيه في هذا المشروع من أموال التأمينات والمعاشات، واكتتبت هيئة الأوقاف بـ 400 مليون جنيه ومؤسسة الأزهر الشريف بـ 250 مليون جنيه، ورصد مصرفيون اكتتابات ضخمة لعدد من الشركات الخاصة التابعة لرجال أعمال مؤيدين للنظام السياسي الحالي.
وعزا خبراء حملة الترويج التي يقودها البنك المركزي لجذب الأفراد للاكتتاب في المشروع لثلاثة أسباب، الأول هو عدم تأثر السيولة في البنوك غير المصدّرة لشهادات استثمار المشروع؛ نتيجة عمليات السحب التي يقوم بها مودعون لشراء الشهادات، والثاني هو عدم استقطاع جزء من مخصصات البنوك التي توجه جزءا من أموال صناديقها الاستثمارية لشراء شهادات المشروع؛ للاستفادة من العائد القوي الذي أقرته الحكومة وهو بواقع 12% سنويا.
أما الدافع الثالث فهو محاولة أخيرة من الحكومة لاستقطاب ما يمكن من السيولة في الأسواق في مسعى للسيطرة على معدل التضخم وارتفاع الأسعار غير المسبوق؛ نتيجة الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة في يوليو/تموز الماضي، وتضمنت زيادة أسعار الوقود والكهرباء.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء أمس الأول، إن معدل التضخم ارتفع خلال أغسطس/آب بنحو 1% على مستوى شهري، وذلك بعد ارتفاع 3.2% في يوليو/تموز ليستقر المعدل العام عند 11.4%. في المقابل يبرر خبراء تراجع البورصة خلال الجلسات الأربع الماضية بأن السوق كانت مهيأة لتصحيح نزولي مستحق بعد مكاسب دسمة بلغت نحو 40% منذ بداية العام.
وقال كريم عبد العزيز، من الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار، "نزول السوق ليس له علاقة بشهادات الاستثمار.. هذا مستثمر وهذا مستثمر آخر.. ما حدث هو صدفة فقط أن يأتي النزول مع موعد طرح شهادات قناة السويس. لا تنسَ أن السوق صعدت بشكل كبير وتشبّعت شرائيا وكانت تبحث عن أي أخبار سلبية للنزول".
وصعد المؤشر الرئيس لبورصة مصر نحو 40% منذ بداية عام 2014 وزادت القيمة السوقية لأسهمه بنحو 90 مليار جنيه. وقال محسن عادل من بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار "هناك حالة من التصحيح الحاد للأسهم في السوق بعد المكاسب القوية. لا يمكنك أن تربط النزول بطرح شهادات قناة السويس بشكل قوي".
ويتطلع المسؤولون في مصر إلى أن ترفع القناة الجديدة الإيرادات السنوية للقناة إلى 13.5 مليار دولار بحلول 2023.
المساهمون