شكوك في البورصة المصرية

15 ديسمبر 2014
قصور رقابي في اداء البورصة المصرية(خالد دسوقي/ فرنس برس)
+ الخط -
تعاملات مليارية تشهدها البورصة المصرية، يتحكم في ‏اتجاهها مجموعة من المضاربين أحياناً أو عدد من كبار المتلاعبين ‏أحياناً أخرى‎. ووسط قصور رقابي قد يصل أحياناً إلى الغياب التام، ينجح المتلاعبون في ‏حياكة الشباك التي تهديهم ملايين الجنيهات من أموال صغار المستثمرين‎.

كيان استثماري
وضعت "العربي الجديد" يدها على أطراف خيوط قضية هامة تكشف ‏أحداثاً متكررة تفتعلها الشركات المقيدة بالبورصة المصرية‎.‎ و‎تبدأ القضية مع إعلان إحدى الشركات المتداولة بالبورصة عزمها تأسيس ‏كيان استثماري بالشراكة مع مستثمرين آخرين بهدف الاستحواذ على ‏شركة أخرى. بيد أن بعد مرور أسبوعين فقط أعلنت الشركة تراجعها عن ‏إتمام صفقة الاستحواذ.
وتكشف مصادر مُطلعة على الصفقة لـ "العربي الجديد" أنه ‏"بعد مفاوضات استمرت قرابة ثلاثة أشهر بين الشركة والمستثمرين، ‏فاجأت الشركة الجميع في اليوم قبل الأخير لتوقيع العقود بطرح شروط ‏جديدة مفادها الانفراد بإدارة الشركة دون أدنى تدخل من جانب الشركاء" ‏وفقاً للمصادر.‏‎
وتقول المصادر إن الغريب في الأمر هو أن الشركة تعلم مُسبقاً أن طلبها ‏سيُقابل بالرفض، لأنها بمقتضى الاتفاقية ستمتلك 25% فقط من الشركة ‏محل الاستحواذ مقابل 55% للمستثمرين الآخرين. ‏‎
وعند رصد حركة السهم خلال هذه الفترة سنكتشف أنه تحرك طردياً مع ‏قرارات الشركة. فعند إعلان الشركة نية الاستحواذ ‏ارتفع السهم خلال يومين فقط من 12.69 جنيهاً إلى 13.10 جنيهاً.‏
‏هكذا حققت الشركة أرباحاً كبيرة على حساب مستثمرين قاموا بشراء ‏الأسهم على أمل ارتفاع سعرها عند إتمام الصفقة. إلا أن أحلامهم تبخرت ‏عند إعلان فشل الصفقة إذ انخفض السهم إلى 12.28 ‏جنيهاً، ثم إلى ‏‏12.23 جنيهاً.‏‎
لم تكن هذه هي الحالة الوحيدة المثيرة للتساؤل. هناك حالات أخرى أكثر ‏جدلاً رصدتها "العربي الجديد"، وتخص هذه المرة شركة استثمار عقاري. ‏
ففي 8 أكتوبر/تشرين الأول لاحظت إدارة البورصة ارتفاع سهم هذه الشركة على مدار أسبوعين ‏بنسبة 26.7% ليصل إلى 16.96 جنيهاً. وعلى هذا الأساس توجهت ‏بسؤالٍ لإدارة الشركة عن أسباب هذا الارتفاع، وما كان من الشركة إلا ‏التأكيد على عدم وجود أية أحداث جوهرية غير مُعلنة. ‏
وبعد مرور أسبوع واحد فقط أعلنت الشركة ذاتها بمنتهى ‏البساطة عن توقيع اتفاقية شراكة ضخمة مع شركة دولية.
وعندما عرضت "العربي الجديد" هذه الحالة المريبة على رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ‏شريف سامي، اكتفى بالقول "إن الهيئة لا تستطيع مساءلة الشركة إلا عند ‏توقيع اتفاقية الشراكة. ولا سيما أن القانون يحظُر تعامل المسؤولين داخل ‏الشركة على السهم خلال الأسبوعين السابقين على الاتفاقية وكذلك الأيام ‏الثلاثة التالية للتوقيع، ما يضمن عدم استفادتهم من الأخبار غير المُعلنة".‏
قد يكون تعليق رئيس الرقابة المالية مُقنعاً لدى العامة، غير أن مُتابعي ‏أسواق المال يُدركون جيداً أن المفاوضات الخاصة بتوقيع اتفاقيات شراكة ‏تستغرق عدة أشهر. وهو ما يمنح مسؤولي الشركات إمكانية تسريب ‏المعلومة وخلق تداولات قوية على السهم وتحقيق ‏أرباح قياسية. ‏
أما الحالة الأخيرة التي توصلت إليها "العربي الجديد" فهي الأكثر ‏خطورة. إذ تتعلق بعضو مجلس إدارة في البورصة المصرية، الذي يعمل في الوقت ذاته عضواً منتدباً لإحدى الشركات.
وتتمثل الواقعة في إطلاق العضو المنتدب للشركة تصريحات صحافية ‏مثيرة تتضمن توقعات بإمكانية إبرام شراكة مع إحدى ‏الشركات لتأسيس شركة تتضمن أصولاً بقيمة 20 مليار جنيه. وانعكست التصريحات في سعر السهم حيث ارتفع خلال جلستين فقط ‏بمعدل 7%.‏
الجانب الأكثر إثارة هو تبرير عضو مجلس إدارة البورصة لهذه ‏التصريحات بقوله لـ "العربي الجديد" "لم أقصد ترويج شائعات لأن ‏حديثي كان بمثابة "دردشة" مع الصحافيين، لذا لم يخطر في بالي نشرها ‏في الصحف".‏
ويقول شريك مكتب النيل للاستشارات القانونية وأستاذ القانون بجامعة المنوفية الدكتور فارس سلامة لـ "العربي الجديد"، إن قانون سوق المال يعاني من ثغرات تتعلق بإحكام الرقابة على الأحداث الجوهرية والمتعاملين الداخليين والمجموعات المرتبطة بالشركات.
المساهمون