ونقلت مصادر خاصة من دمشق إلى "العربي الجديد" حالة الاضطراب والترقب التي تشهدها العاصمة السورية، والتي انعكست على الأسواق، إذ شهدت "تراجعاً في العرض السلعي وارتفاعاً في الأسعار".
وتقول المصادر إن الباعة رفعوا الأسعار بنحو 20% اليوم عمّا كانت عليه أمس، متذرعين بتراجع سعر صرف الليرة التي شهدت أمس تهاوياً كبيراً، بعد تراجع سعرها من نحو 420 ليرة الثلاثاء إلى نحو 500 أمس الأربعاء.
وأشارت المصادر إلى أن "الجهات الخاصة" ألزمت شركات الصرافة بمنطقتي الحريقة والمرجة وسط العاصمة السورية، على افتتاح السوق اليوم الخميس على 480 ليرة للدولار، لكن السعر المتداول كان بحدود 500 ليرة، كما ارتفع سعر غرام الذهب من 16800 ليرة أمس إلى 17200 ليرة اليوم.
وتوقعت المصادر "مزيداً من تهاوي الليرة وارتفاع سعر الذهب لشدة الاقبال على العملات الأجنبية والمعادن النفيسة والتخلي عن الليرة السورية".
وحول أسعار السلع والمنتجات الأساسية، تؤكد المصادر أن مادة الخبز شهدت اقبالاً شديداً اليوم، على رغم "الأوامر" باستمرار عمل الأفران الاحتياطية بمنطقتي "المزة وابن النفيس"، مشيرة إلى أن السعر الرسمي لربطة الخبز التي تزن أقل من 2 كلغ، هو 50 ليرة سورية.
وأضافت أن "شدة الاقبال رفع أسعار الخبز لدى الباعة المتجولين الذين يفترشون الأرصفة ويبيعون الربطة بأغلى من سعرها الرسمي"، ولفتت إلى أن "هناك ملاحقات ومتابعة لهم، لأن حكومة الأسد تحرص على التقليل من الخوف بالشارع وعدم استغلال حاجة سكان دمشق الذين يزيدون عن 5 ملايين نسمة".
كما ارتفعت معظم أسعار المواد الاستهلاكية، إذ وصل سعر كيلو غرام البندورة إلى 270 ليرة سورية والبطاطا 245 ليرة والباذنجان 340 ليرة والبامياء 1000 ليرة والتفاح 400 ليرة وحتى البرتقال الذي كانت تشكو الحكومة من سوء تصريفه، وصل سعر الكيلو غرام اليوم لنحو 250 ليرة.
ويشهد العالم، منذ يومين وبعد استخدام روسيا "الفيتو" بمجلس الامن، تحشيداً لتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، بعد تحذيره مراراً من استخدام الأسلحة الكيميائية المحظورة دولياً.
وتشهد دمشق اقبالاً شديداً على شراء المحروقات وتخزين السلع الغذائية والبحث عن ملاجئ أو أقبية، بحسب ما يقول المهندس حبيب أمير شباط (اسم مستعار) من دمشق.
ويضيف شباط خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" أن أكثر ما زاد الخوف بدمشق، ما يتم تناقله من تعميم منسوب لـ"القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة" الذي "يهيب بالمواطنين اتخاذ كافة الاحتياطات الضرورية عند حدوث الضربة الأميركية".
وينص البيان بحسب المهندس السوري على أن "الملاجئ العامة مجهزة جيداً لمثل هذه الحالات وستفتح أبوابها بعد 24 ساعة من هذا البيان".
وحول أثر البيان على ارتفاع الأسعار وسعي السوريين لتخزين المنتجات، يضيف شباط من دمشق، أن البيان نص حرفياً على "تأمين المواد الغذائية " ما خلق مزيداً من الرعب لدى السوريين والتسابق لشراء السلع الأساسية مثل الأرز والسكر، إضافة إلى المعلبات والخبز، والتي ارتفعت أسعارها جميعاً بالأسواق.
ويرى الأكاديمي عبد الناصر الجاسم في حديث إلى "العربي الجديد"، أن سلوك المواطنين بدمشق، طبيعي ومتوقع، نتيجة التصريحات والتحشيد على ضرب نظام الأسد، خاصة مع انتشار الميلشيات والقوات الغريبة بدمشق التي تزيد من غياب القانون وعدم تأمين أي ضمانة للسوريين أو احتياجاتهم.
ويضيف الدكتور بكلية الاقتصاد بجامعة "ماردين" التركية، أن ما يتعلق بتهاوي سعر صرف الليرة، أمر متوقع نتيجة زيادة العرض والتخلي عن الليرة، لأن من يتاجر بها يستشعرون الخوف أولاً، فيبدلون الليرة بعملات أجنبية أو معادن ثمينة، أو ربما يهربون أموالهم إلى خارج الحدود، كما أن المصرف المركزي يؤكد مرة أخرى تخليه عن العملة الوطنية والسوريين، إذ لم نر أي تصرف ليتوازن العرض النقدي مع الطلب، بل على العكس، كل ما يصدر عن حكومة الأسد، يزيد مخاوف السوريين.