شبح الإفلاس يطارد اليونان

11 مارس 2015
اليونانيون يطالبون بإسقاط الديون وبروكسل ترفض (Getty)
+ الخط -
يواصل المستثمرون الهروب من سندات الدين اليونانية، ويبيع حملة الأسهم موجوداتهم في بورصة أثينا، كما تتزايد سحوبات الإيداعات من البنوك التجارية الكبرى، في مؤشر على أن أزمة الديون اليونانية ربما تتجه للاستفحال خلال الشهور المقبلة وعودة شبح الإفلاس لمطاردة اليونانيين مجدداً.
ومن بين المؤشرات الخطيرة على أن أزمة اليونان تدخل نفقاً مظلماً جديداً، ارتفعت نسبة الفائدة على سندات الدين اليونانية 21 نقطة في بداية الأسبوع الجاري، لتصل إلى 9.6% فيما أنخفض مؤشر البورصة اليونانية بنسبة كبيرة. وهو ما يعني أن المستثمرين الدوليين باتوا غير راغبين في تمويل مصروفات الإنفاق الحكومي في اليونان. وبالتالي فإن حكومة تسيبراس اليسارية المتطرفة، عليها أن تتوصل إلى اتفاق خلال هذا الأسبوع مع الدائنين، وإلا فإنها ستواجه احتمالات الإفلاس بنهاية شهر مارس/آذار الجاري.
ويقول محللون إذا لم تستجب حكومة تسيبراس لشروط المفوضية الأوروبية، وتتمكن من تقديم برنامج إصلاح مقنع خلال هذا الأسبوع، فإن تصريحات المسؤولين في المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، تشير إلى أن منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي سيوقفان صرف الدفعيات المتفق عليها حتى يونيو/حزيران. وسيكون أمام اليونان بنهاية الشهر الجاري البحث عن تمويلات، لملء فجوة مالية تقدر بحوالى 7 مليارات يورو.
ويطالب كل من البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، حكومة تسيبراس ان تسمح للدائنين بالاطلاع على أوضاعها المالية عبر زيارة أثينا، غير ان الحكومة اليونانية تعتبر وجود مراقبين ماليين في أثينا إهانة لليونانيين. وبالتالي ترغب في الاجتماع مع الدائنين في بروكسل. ومن المرجح أن توافق المفوضية الأوروبية على
مثل هذا الاجتماع في بروكسل، غير أن ذلك لن يعفي الحكومة اليونانية من فتح ملفاتها للفحص والمراقبة، من قبل مسؤولي اليورو وصندوق النقد الدولي.
ورغم أن حكومة تسبيراس تسعى لاستغلال ظروف الصراع بين أوروبا وروسيا حول أوكرانيا والتعاطف الأميركي، للنفاد من خطة التقشف المصاحبة لبرنامج الإنقاذ، وتفي بذلك بوعدها الذي قطعته للناخبين، إلا أن محللين اقتصاديين يستبعدون ذلك، ويقولون إن الحل الوحيد أمام حكومة التحالف الجديدة في أثينا هو تقديم خطة مقنعة، لزيادة الدخل الحكومي وتقليل الإنفاق مقابل إعادة التفاوض.
وحسب التصريحات التي أطلقها المسؤولون الاوروبيون في بروكسل مساء الاثنين، فإن الحل المتوفر أمام رئيس الوزراء اليوناني الجديد، تسيبراس هو الرضوخ لشروط الإصلاح التي وعد بها، في مقابل الحصول على دفعات جديدة من أموال حزمة الإنقاذ من الإفلاس التي أقرت في العام 2012.
وكانت المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، قد أقرت حزمة مالية قدرها 240 مليار يورو (حوالى 300 مليار دولار وقتها)، لإنقاذ اليونان من الإفلاس في العام 2012 مقابل شروط للإصلاح المالي. وتفتضي الخطة بخفض الإنفاق عبر التقشف الحكومي، وزيادة الدخل الحكومي عبر الكفاءة في جمع الضرائب وتحسين معدلات الإنتاج. ولكن حزب "سيريزا" اليساري الراديكالي فاز بالانتخابات في نهاية شهر يناير/كانون الثاني، وصعد رئيسه تسيبراس للحكم في اليونان، على وعد الناخبين بإغلاق ملف التقشف نهائياً، وفتح الباب للتفاوض مع المفوضية الأوروبية حول إعادة هيكلة لبرنامج الإنقاذ.
وقال نائب رئيس مجموعة اليورو "يروين ديسيلبلوم" مساء الاثنين: "إن الحكومة اليونانية في حاجة لوقف إضاعة الوقت والإسراع من المفاوضات حول الإصلاحات". من جانبه قال وزير المالية الهولندي مساء الاثنين، أول أمس، أن برنامج الإصلاح الإقتصادي اليوناني غير مكتمل. وأكد 7 أعضاء آخرون بمجموعة اليورو على تصريحات "ديسيلبلوم"، من بينهم وزير مالية "مالطا" "إدوارد شيكلونا"، الذي صرح بأن برنامج الإصلاح اليوناني في حاجة لمزيد من الجهود .
وفي ذات الصدد جاءت تصريحات المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي قالت فيها، "إنها تريد الإبقاء على اليونان داخل منطقة اليورو، لكنها تتوقع مساراً صعباً أمامها". وذلك خلال تصريحات أدلت بها أثناء زيارتها إلى اليابان. وأضافت ميركل "قلت مراراً وتكراراً وأقول مجدداً، إن هدفنا السياسي هو الإبقاء على اليونان داخل منطقة اليورو. عملنا من أجل ذلك على مدى سنوات طويلة".


اقرأ أيضا: مخاوف تبخر الثروات تدفع الأوروبيين نحو" السندات السالبة" 

أمام هذه التصريحات الواضحة، يبدو أن مستقبل اليونان في منطقة اليورو سيكون مرتبطاً بتنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي . وهو ما يعني عملياً تخلي الرئيس تسيبراس عن وعوده الانتخابية أو الخروج من منطقة اليورو، في حال إصراره على عدم خطة الإصلاح. ويقول اقتصاديون أوروبيون إن جوهر الخلاف بين أثينا وبروكسل، ليس حول المهلة التي منحت أو الدفعيات الطارئة، ولكنه خلاف حول التزام الحكومة اليونانية الجديدة بالشروط المصاحبة لخطة الإنقاذ التي وضعت في العام 2012. وترى المفوضية الأوروبية أن هذه الخطة يجب ان تلتزم بها، أية حكومة تأتي للحكم في اليونان وإلا، فإن ذلك سيفتح الباب أمام التلاعب بقوانين منطقة اليورو. فيما يرى رئيس الوزراء اليوناني الجديد ان خطة الإنقاذ أفقرت الشعب اليوناني، دون أن تساهم في إخراج الاقتصاد من الإفلاس، وبالتالي لا بد من إعادة التفاوض حول شروطها. ومن هذا المنطلق يعتقد اقتصاديون أن الخلاف بين أثينا سيفتح الباب أمام تعديل قوانين منطقة اليورو، أو ربما خروج اليونان.

فرص خروج اليونان من اليورو

أظهر مسح لآراء مستثمرين، معظمهم في ألمانيا، نشرت نتائجه أخيراً، أن فرص خروج اليونان من منطقة اليورو في الأشهر الـ12 المقبلة، بلغت أعلى مستوياتها منذ أواخر 2012 رغم تمديد برنامج المساعدات المالية لأثينا.
وأشار المسح، الذي شمل 980 مستثمرا من الأفراد والمؤسسات المسجلين لدى شركة سنتكس للخدمات الاستشارية، إلى أن 37.1% من المشاركين يتوقعون خروج اليونان من منطقة اليورو، ارتفاعاً من 22.5 % في يناير/ كانون الثاني.
وتزيد تلك التوقعات بشكل مطرد، من مستواها القياسي المنخفض 5.7 % الذي سجلته في يوليو/تموز الماضي، لكنها تظل دون المستوى المرتفع 70.7% الذي بلغته في أوج أزمة الديون بمنطقة اليورو، في يوليو/تموز 2012.

اقرأ أيضا: منطقة اليورو تحذر اليونان من فقدان ثقة الأسواق
المساهمون