سيارات الكهرباء ... الشركات تستثمر 90 مليار دولار في سباق التصنيع

25 مارس 2018
بورشي الكهربائية في معرض جنيف 2018 (Getty)
+ الخط -

يبدو واضحاً لمتابعي أحدث إصدارات شركات السيارات، أن ثمة سباقاً محتدماً في نطاق إنتاج المركبات العاملة بالكهرباء، والتي تنفق على تطويرها الشركات المصنعة حالياً نحو 90 مليار دولار.

الرقم يستند إلى تحليل أجرته رويترز قبل أكثر من شهرين، وأوضحت فيه أن شركات السيارات العالمية تنفذ استثمارات ضخمة في البطاريات والسيارات الكهربائية، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 90 مليار دولار، مشيرة إلى أنها آخذة في النمو.

إلا أن ظاهرة انتشار السيارات الكهربائية المتّسمة بدينامية عالية، لا يزال ضخ الأموال في قطاعها محدوداً، لأنه لا يتجاوز 1% من حجم مبيعات السيارات البالغ 90 مليون سيارة سنوياً.

وقد بدأت شركات السيارات الكبرى تطرح فعلاً عشرات موديلات السيارات الكهربائية، وكذلك السيارات الهجينة التي تعمل بالكهرباء والبنزين، وأعلنت عن مشاريع تمتد خمسة أعوام قادمة، والكثير منها كشفت عنه الشركات الصينية.

وبحسب تحليل رويترز، تشمل استثمارات السيارات الكهربائية المعلن عنها ما لا يقل عن 19 مليار دولار، من شركات لصناعة السيارات في الولايات المتحدة، و21 مليار دولار في الصين، و52 مليار دولار في ألمانيا.

أما منطلق الشركات في الاستثمار في هذا القطاع، فينطلق من ضغط مزدوج تتعرض له مجموعة من الدول وقوانينها، ومراراً من المنظمات الدولية والبيئية الساعية إلى حماية الأرض من تغيّرات المناخ والتلوّث البيئي وصون الصحة العامة.

إذ إن جزءاً من تحرك صانعي السيارات الرئيسيين سببه ضغوط الهيئات التنظيمية في أوروبا وولاية كاليفورنيا الأميركية، لخفض كبير في انبعاثات الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، في حين أن الجانب الأكبر من الاستثمارات في مركبات الكهرباء حاصل في الصين، حيث فرضت الحكومة زيادة تصاعدية في حصص السيارات الكهربائية، اعتباراً من عام 2019.

وفي سياق ضغط الدول وأنظمتها القضائية، أصدرت محكمة عليا في ألمانيا، في 27 فبراير/شباط الماضي، حُكماً يسمح للمدن الكبرى بحظر سير السيارات التي تعمل بوقود الديزل الملوث بشدة للبيئة، في خطوة من المرجح أن تؤثر على قيمة 12 مليون سيارة، في أكبر سوق للسيارات في أوروبا، وتجبر شركات صناعة السيارات على دفع قيمة تعديلات مكلفة بالسيارات.

وجاء الحكم القضائي الألماني مع ظهور موجة انتقادات عالمية شديدة على محركات الديزل، منذ أن اعترفت شركة فولكسفاغن، عام 2015، بتلاعبها في فحوص انبعاثات العادم الأميركية التي تهدف إلى الحد من انبعاثات الجسيمات الدقيقة وأكسيد النيتروجين المعروف أنه يسبب أمراضاً تنفسية.

وفيما تدرس دول أخرى تقييد سيارات الديزل، أعلنت رئيسة بلدية مدينة روما، فرجينيا راغي، مطلع مارس/آذار الجاري، أن سلطات المدينة تخطط لحظر سيارات الديزل في وسط المدينة بحلول عام 2024. علماً أن ثلثي السيارات الجديدة التي بيعت في إيطاليا، العام الماضي، وعددها 1.8 مليون سيارة، تعمل بالديزل.

ويفرض هذا التحوّل باتجاه الطاقة الكهربائية، على الحكومات وصانعي السيارات بروتوكولات تعاون مع الشركات المتخصصة بأنظمة الطاقة، فيما تتمحور مكامن ضعف هذه العملية في ارتفاع أسعار السيارات الخضراء وتكاليف الكهرباء في الدول المستوردة للنفط، فضلاً عن قلّة محطات إعادة الشحن.

في هذا الإطار، صرحت مجموعة "إي.أون" الألمانية للطاقة، في 6 مارس/آذار الجاري، بأنها دخلت في شراكة استراتيجية مع "نيسان"، لاستكشاف الفرص في مجال شحن سيارات الكهرباء وحلول التخزين وخدمات السيارات وشبكات الشحن، مشيرة أيضاً إلى أن التعاون بدأ فعلاً في الدنمارك، وسيتسع باتجاه دول أوروبية أُخرى قريباً.

وليس العرب خارج هذا القطار، وإن كانت خطاهم أبطأ بطبيعة الحال، كون الدول العربية مستهلكة وليست منتجة غالباً.

فقد أُعلنت، الشهر الماضي، شركة "ريفولتا" المصرية عن افتتاح 65 محطة لشحن السيارات الكهربائية، في أنحاء أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، لتتيح بذلك فرصة لمستخدمي السيارات لاختيار سيارة تعمل بطاقة نظيفة.

وفي السعودية، وقّعت شركة الكهرباء التي تديرها الدولة، في 14 يناير/كانون الثاني، اتفاقا مع شركات طوكيو للكهرباء (تيبكو) و"نيسان موتور" و"تكاوكا توكو" اليابانية، لتنفيذ أول مشروع تجريبي للسيارات الكهربائية في المملكة.

أما في دولة قطر، فتبذل السلطات جهوداً حثيثة على هذا الصعيد، وقد وضعت خطة طموحة لجعل 10% من سياراتها صديقة للبيئة بحلول عام 2022، انسجاماً مع تعهدها، في مؤتمر التغير المناخي، بخفض انبعاثات الكربون 17% بحلول 2030، وهي تأمل في أن تسهم المرحلة الأولى السارية الآن في خفض الانبعاثات الكربونية 7%.

ولم تعد طموحات الشركات والدول مقتصرة على الأرض في سياسة التحوّل باتجاه الطاقة الكهربائية، بل تطور إلى ابتكار سيارات (خصوصاً الأُجرة)، وأحدثها إعلان النرويج، الخميس الفائت، عن أنها تريد شراء طائرات ركاب تعمل بالطاقة الكهربائية في السنوات المقبلة للمساعدة في إبطاء تغير المناخ، لتبني على نجاحها من خلال تخفيضات ضريبية كبيرة جعلت منها الرائدة عالمياً في مبيعات السيارات الكهربائية.

 

المساهمون